فساد بـ«الزاوية الحمراء».. «لعبة العقار 58» تثير شبهات حول «رشاوى للمسؤولين»

ذات مصر

«فساد المحليات» عنوان طالما ارتبط بشتى الأجهزة المحلية، ولم يترك واحدًا منها دون شبهة تلاحقه أو واقعة تدينه أو قضية تنظر أمام المحاكم ضد مسؤوليه، بتفاصيل تبدو مختلفة لكنها متشابهة جدًا وتدل على وجود خلل واضح مستمر منذ عقود دون علاج.

فساد الزاوية الحمراء

حي الزاوية الحمراء، في محافظة القاهرة كان آخر المنضمين إلى القائمة بشبهة تلاحق رئيسه الأسبق، متعددة الاتهامات بين إهدار للمال العام، والتلاعب في الأوراق الرسمية وتحرير محاضر وهمية للتهرب من المساءلة القانونية.

الواقعة التي رصدتها «ذات مصر»، جرت أحداثها لمدة عام ونصف وتحديدًا منذ بداية عام 2022 وحتى منتصف 2023، لكن تفاصيلها اكتشفت بعد رحيل رئيس الحي السابق إلى حي شبرا مصر بتوجيه من نائب المنطقة الشمالية حسام الدين فوزي.

فوزي قرر في الوقت نفسه، تولي اللواء عبدالله الديب، رئاسة حي الزاوية الحمراء، المستشري الفساد به، وتلاحق موظفيه اتهامات عديدة تنوعت بين الرشاوي واستغلال النفوذ، والتلاعب بالأوراق الرسمية للتهرب من المساءلة القانونية.

رحلة العقار 58

بدأت الواقعة بشروع مقاول عقارات شهير، في إنشاء عقار جديد، ورغم صدور رخصة له ببناء 4 طوابق فقط، إلا أنه استمر في البناء لأشهر عديدة حتى تخطى الـ11 دورًا دون اتخاذ الحي أي إجراءات إزالة للأدوار المخالفة. 

مخالفات العقار 58 بشارع مدحت أبوسيف، في مدينة النور، بالزاوية الحمراء، أثارت عديد التساؤلات التي لم تجد إجابة واضحة من أي من المسؤولين في الحي سواء رئيسه أو الموظفين المنوط بهم ذلك رغم وضوحها وأضرارها على كافة العقارات الموجودة بالمنطقة.

بعد رحيل رئيس الحي الأسبق والسابق، تكشفت كل أوراق اللعبة المخفية، والتي أظهرت وجود تلاعب في الأوراق الرسمية، فتبين صدور قرارات إزالة للأدوار المخالفة منذ أكثر من عام لكنه لم تصل إلى الجهات المختصة للتنفيذ.

محاضر وهمية

مصادر كشفت، أن رئيس الحي السابق، حرر محاضر دون الإفصاح عنها من موظفي الحي، الأول كان بعد شكوى استكمال بناء الدور السادس بالأرضي هيكل خرساني دون ترخيص في تاريخ 1/12/2022 محضر رقم 23 لعام 2022، وفي يوم 10/12/2022 أسرع المخالف في بناء الدور السابع بالأرضي هيكل خرساني.

وقالت المصادر لـ«ذات مصر»، إنه تبين أن المقاول المخالف اتفق مع مسؤولين في الحي على تسهيل إجراءات بناء الدور الثامن في 25 ديسمبر 2022، وأنه نفذ في 29 مارس الماضي بدأ في صب خرسانة الدور التاسع، وأكمل بناء الدور العاشر بعد أيام قليلة.

وذكرت المصادر أن المقاول بالاتفاق سرًا مع الحي نجح في بناء الأعمدة الخرسانية الدور الحادي عشر، ووضع شدة خشبية خاصة بالواجهة لإخفاء معالم فساد رؤساء الحي الأسبق هشام ع، والسابق محمد ع في 2 يونيو 2023.

قائمة الفاسدين

رئيس الحي الأسبق والسابق، سعيا إلى تأمين نفسهما «قانونيًا» بإصدار قرارات إزالة بناء على المحاضر المحررة، لكنها بقيت محفوظة في الأدراج حتى تقع المسؤولية القانونية على رئيس الحي الجديد، ويتعرض للمساءلة بدلًا عنه.

«حسام ا»، كان أحد الأسماء البارزة في واقعة الفساد، وفق شهادات المصادر، التي قالت إنه كان يسيطر على جميع المهندسين في الحي فلا يستطيع أيًا منهم اتخاذ قرار دون موافقته حتى لا يتعرض نفسه للجزاء والخصم من الراتب، بالإضافة إلى مسؤول التنظيم بالحي، رشا ج، التي وقعت على محضرين من المحاضر الوهمية التي لم يعرف أحدًا عنها.

ظلت الأمور «مختفية» حتى وصول رئيس الحي الجديد، وعلى الفور اتخذ "الديب" الإجراءات القانونية ضد العقار في يناير 2023 بالتواصل مع كافة الجهات المعنية للمساعدة في تطبيق القانون وتنفيذ قرارات الإزالة والحفاظ على المال العام، وبالتنسيق مع حسام الدين فوزي نائب المحافظ وقيادات شرطة.

واستجاب اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، لتطبيق القانون وتنفيذ قرارات الإزالة الواجب تنفيذها، واستمر رئيس الحي بمتابعة واقعة الفساد حتى يتمكن من فرض تنفيذ القانون وعدم تدخل أي شخص من ضعاف النفوس للتحايل على القانون وعدم رد حق الدولة.

 المواطنون يطالبون

محرر «ذات مصر» انتقل إلى موقع العقار للتثبت من المعلومات، ليجد الأجهزة المختصة شرعت في تنفيذ عملية الإزالة للأدوار المخالفة بعد انتهاء الدراسات الأمنية والتقارير اللازمة لتنفيذ قرارات الإزالة.

 والتقى «ذات مصر» بعضًا من المواطنين في الشارع، والذين وجهوا اتهامات لعدد من المسؤولين في الحي، مبينين أنه ترددت معلومات عن حصول بعضهم على مبالغ كبيرة مقابل تسهيل العملية.

وذكروا أن حسام أ حصل على 120 ألف جنيه من المقاول، وأسامة ا حصل على 100 ألف جنيه، بالإضافة إلى آخرين مقابل تسهيل عملية البناء المخالف، وعدم اتخاذ الحي الإجراءات المطلوبة لإزالة المخالفات.

وطالب الأهالي، الجهات المعنية بالتدخل وكشف الفاسدين ورد حق الدولة، مساءلة كل المشاركين في الوقعة أمام القضاء، وتوقيع العقوبات اللازمة ضدهم لمنع أي فاسد آخر من السير في تلك الإجراءات.