«ثورة مزارعي أوروبا».. الفلاحون لن يرحموا أحدًا

ذات مصر

أزمة اقتصادية كبيرة يعيشها مزارعو بعض الدول الأوروبية، جراء ارتفاع لأسعار الخدمات الزراعية وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على مختلف دول القارة.

الأزمة التي تشتعل شيئًا فشيئًا، وصل صداها إلى التصعيد مؤخرًا، فقطع العديد من المزارعين في عدة دول أوروبية -أبرزها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا- بعض الطرق السريعة في القارة العجوز، لتنفيذ مطالبهم.

أسباب غضب المزارعين

سخط واسع من ارتفاع تكاليف الإنتاج وسطوة التجار الذين يفرضون أسعارًا متدنية للمنتجات الزراعية، فضلا عن الضغوط التي يتعرضون لها بفعل السياسات الحكومية الداعمة للمحاصيل الأوكرانية.

يطالب المزارعون بمرونة في السياسات الزراعية للاتحاد الأوروبي، وفرض قيود ورقابة أكثر صرامة على المنتجات القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي.

تلك الطلبات كانت بمثابة تحول جذري في لجوء المزارعين الخروج إلى مظاهرات عارمة بدأ صداها في الانتشار إلى أن أصبح سلوكًا اعتياديًا في غالبية بقاع دول القارة العجوز، التي تَئن جراء هذه الأوضاع الصعبة التي يمرون به حاليًا.

مظاهرات أوروبية زراعية

الاحتجاجات لمزارعي القارة ليست بالشيء الجديد ولا المُبتكر، إذ تكررت على مدى السنوات الماضية، لكن تفاقم الخلافات بين النقابات الزراعية وبين السلطات أدى إلى انتشار عدوى الاحتجاج في 10 دول على الأقل، بدأت بفرنسا مرورًا بألمانيا وهولندا وبلجيكا وليتوانيا وبولندا وإسبانيا والبرتغال واليونان ورومانيا.

كما تُعدّ أكبر طرق الاحتجاج المتفق عليها هي غلق الطرقات بالجرارات. وتوجد أسباب محلية خاصة بكل بلد، وأخرى تتعلق بالسياسات التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي، لكن حتى الأسباب المحلية تبدو متشابهة، وتهدّد بخسائر اقتصادية كبيرة لدول الاتحاد.

بداية ثورات المزارعين

واندلعت أول شرارة الثورة في هولندا عام 2019 عندما احتج المزارعون ضد خطة الحكومة للتقليل من أعداد الماشية لخفض انبعاثات النيتروجين الملوثة إلى النصف بحلول عام 2030.

الغضب الهولندي لم يتوقف عند هذا الحد، إذ استمرت انتفاضة المزارعين في يونيو 2022 في هولندا التي يبلغ عدد سكانها حوالي 18 مليون نسمة، وهي ثاني أكبر مصدر للمنتجات الغذائية بعد الولايات المتحدة.

وفي رومانيا وبولندا وبلغاريا وسلوفاكيا، بدأت مؤخرًا بعد الحرب الروسية الأوكرانية، بوادر السخط في الظهور بعد إدانة المنتجين المحليين المنافسة غير العادلة من أوكرانيا المتهمة بخفض أسعار الحبوب.

علاقة أوكرانيا 

المزارعون الغاضبون في أوروبا اشتاطوا غضبًا من الدعم غير المشروط من دول ومؤسسات أوروبية بعد الحرب بينها وبين جارتها الروسية، حيث علّق الاتحاد الأوروبي في مايو 2022 الرسومَ الجمركية على وارداته من الحبوب الأوكرانية، مما تسبب في خفض أسعار المنتجات الزراعية الوطنية نظراً لمكانة أوكرانيا في إنتاج الحبوب.

وأدى هذا إلى احتجاج مزارعي البلدان المتضررة الذين قاموا بمظاهرات واسعة، واستخدموا جراراتهم لإغلاق المعابر الحدودية مع أوكرانيا في البلدان الحدودية للبلدة التي أنهكت الاقتصاد بعد حربها الأخيرة مع روسيا

الجار الآخر لأوكرانيا «بولندا» هي أكثر البلدان تضرراً، إذ اضطر وزير زراعة وارسو في أبريل الماضي للاستقالة بعد تصاعد الاحتجاجات وصعوبة تأدية مهامه في ذلك الوقت الصعب.

خيرات أوروبا التي تلتهما أوكرانيا لم تؤثر في هذه المرة فقط، حيث كانت الأولى متعلقة بزيادة تكلفة الطاقة نتيجة تزايد الاعتماد على الطاقة الأميركية الغالية على حساب الطاقة الروسية الرخيصة، معلنة بذلك تهديدًا آخر لحياة المواطنين الأوروبيين وخاصة المزارعين، الذين يعتمدون بشكل كبير على مصادر الطاقة.

تأثير الحرب على المواطن الأوروبي

وبعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية منذ عامين، قطعت غالبية الدول الأوروبية- وخاصة الدول المشاركة في حلف الناتو- كل العلاقات مع الدّب الروسي، متهمين إياه بالاعتداء بغير حق على أوكرانيا، في إطار خنق موسكو اقتصاديًا وتحجيم دورها الاقتصادي للتأثير على قدراتها العسكرية.

الاقتصاد الأوروبي لم يستقر منذ هذه الفترة وشهد تقلبات كثيرة جراء هذه الحرب، حيث أن غالبية الدول الأوروبية تأثرت من هذه الحرب بعد دعمهم الكامل من ميزانياتهم لكييف، ما أثّر في حقوق مواطني هذه الدول، من امتيازات وحقوق كان يتمتع بها المواطنون وسطت عليها كييف جراء هذا الدعم الأوروبي.