«محور فيلادلفيا».. القشة التي ستقصم ظهر «كامب ديفيد»

ذات مصر

عمقت أزمة محور "فيلادلفيا" أو "صلاح الدين" على الحدود بين مصر وقطاع غزة، من حدة الأزمة الآخذة في التوسع بين مصر وإسرائيل منذ بداية عدوان الاحتلال على غزة في أعقاب السابع من أكتوبر. 

الأمر الذي عكسه تصريحات الطرفين، فتحدثت إسرائيل عن "قرب التوصل لاتفاق بشأن الشريط الحدودي "، بينما نفت القاهرة وجود أي " نوع من التنسيق بشأن الترتيبات الأمنية في الممر."

تدهور الأوضاع

في الأسابيع الأخيرة وثقت العديد من التقارير الإخبارية تدهور العلاقات. فإسرائيل ومنذ نهاية ديسمبر ألمحت لنيتها في السيطرة على الشريط الحدودي، ما اعتبرته مصر "اعتداء على سيادتها"، ويستدعي رد ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية بأن "تصريحات لمسؤولين إسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، تحمل مزاعم وادعاءات باطلة حول وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها."

وأضاف: "من الملفت والمستغرب أن تتحدث إسرائيل بهذه الطريقة غير الموثقة عن ادعاءات تهريب الأسلحة من مصر لغزة، وهي الدولة المسيطرة عسكريا على القطاع وتملك أحدث وأدق وسائل الاستطلاع والرصد، وقواتها ومستوطناتها وقواتها البحرية تحاصر القطاع صغير المساحة من ثلاثة جوانب، وتكتفي بالاتهامات المرسلة لمصر دون أي دليل عليها."

الخلاف الرئيسي بين البلدين يدور حول الخطة الإسرائيلية للاستيلاء على الممر الواقع جنوب قطاع غزة وقرب الحدود المصرية، ويعد منطقة عازلة بوجب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية 1979، وكذلك احتمال تقدم إسرائيل في مدينة رفح المجاورة.

رفح هي آخر مدينة رئيسية لم يتم استهدافها من القوات الإسرائيلية حتى الآن، كما أنها مليئة بالنازحين الذين فروا من الاستهداف الإسرائيلي.

الهجرة الإجبارية

ظاهريا، فأن أكبر المخاوف المصرية هو أن استهداف إسرائيل لرفح الفلسطينية قد يولد الذعر لدى مئات الآلاف من الغزاويين الذين نزحوا إلى المدينة المقسمة لجزئين، مصري وفلسطيني، الأمر الذي قد يتسبب في زيادة الضغط على الحدود المصرية أو حتى اقتحامها، وتدفق الآلاف من اللاجئين إلى داخل سيناء.

لمنع مثل هذا السيناريو، عززت مصر من حصنها الحدودي الكبير والذي توسع بالفعل قبل بضع سنوات لمواجهة شبكة التهريب الواسعة التي تربط بين غزة وسيناء، ومن هنا يأتي الرفض المصري لخطط إسرائيل استعادة محور فيلادلفيا.

وعلى الرغم من معاهدة السلام القائمة، والتنسيق الأمني والسياسي المشترك، فإن القبول الشعبي من الجانب المصري مازال يقف حائلا دون تطبيع كامل على كافة المستويات.

وما يجعل الوضع متجها نحو المزيد من عدم الاستقرار، هو أن إسرائيل في وضع استراتيجي سيء بشكل استثنائي بعد السابع من أكتوبر، جعلها تبدأ حملة محمومة على القطاع، استهدفت فيها المدنيين، سواء بالقصف أو بمنع وصول المساعدات، لتقف أمام محكمة العدل الدولية وتقول أن مصر هي المسؤولة عن وقف تدفق المساعدات الإنسانية لغزة.

إلغاء «كامب ديفيد»

تدهور العلاقة بين مصر وإسرائيل قد يكون له عواقب كارثية، فإذا قررت مصر إلغاء اتفاق السلام بسبب التعدي على حدودها مع غزة، فإن الحدود المصرية الإسرائيلية يمكن أن تتحول بين عشية وضحاها إلى أخطر مناطق النزاع في الشرق الأوسط.

مصر تملك واحد من أقوى الجيوش في المنطقة، ولم تعد إسرائيل نفسها لمثل هذه المواجهة منذ عقود، كما أن الحكومة المصرية وبالتعاون مع القوات المسلحة، عملت على توسيع البنية التحتية والطرق السريعة وتنمية المدن، والأكثرية العظمى من هذه الجهود اتجهت شرقًا نحو قناة السويس وسيناء.

كانت مصر قد زادت من تواجدها العسكري في سيناء، بأكثر مما تم الاتفاق عليه في معاهدة السلام، في خضم جهود مواجهة الإرهاب.

التعاون مع روسيا والصين

ما يزيد الوضع تعقيدا بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، أن مصر قد تختار تعميق تحالفها التدريجي مع الصين وروسيا، بعد أن انضمت بالفعل إلى تحالف بريكس الاقتصادي، كما تستورد ملايين الأطنان من القمح الروسي.

من جانبها كانت قيادات حركت حماس قد كررت مرارا شكرها لمصر، على موقفها الـ"حاسم ضد التهجير وتصفية القضية الفلسطينية"، فيما أكدت مصر أن "الادعاءات الكاذبة لاتخدم معاهدة السلام التي تحترمها مصر، وتطالب الجانب الإسرائيلي بأن يظهر احترامه لها ويتوقف عن إطلاق التصريحات التي من شأنها توتير العلاقات الثنائية في ظل الأوضاع الحالية الملتهبة."