محور "فيلادلفيا".. ورقة إسرائيل الأخيرة لخنق قطاع غزة

ذات مصر

لم تنفك دولة الاحتلال الإسرائيلي من بداية عدوانها الدموي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، عن الحديث حول السيطرة على الشريط الحدودي بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، المعروف بـ"محور فيلادلفيا" أو "محور صلاح الدين".

استفزاز إسرائيلي جديد

أحدث هذه التصريحات، جاءت على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، مساء أمس السبت، في مؤتمر صحفي، حيث قال إن من منطقة "محور فيلادلفيا" الحدودية ينبغي أن تكون تحت سيطرة "إسرائيل".

وذكر نتنياهو أن "إسرائيل تقاتل على جميع الجبهات" في حرب ذكر أنها "ستستمر شهورًا عديدة أخرى حتى تحقيق النصر". 

وكان نتنياهو، كشف في 10 ديسمبر 2023، خلال حديثه عن "خطته لمستقبل غزة" بعد الحرب، عن نيته "السيطرة على محور فيلادلفيا".

وجدد نتنياهو الحديث حول السيطرة على المحور، بعدها بنحو أسبوع، رغم التحذيرات المصرية من تنفيذ الاحتلال أي عمليات أو أنشطة عسكرية في تلك المنطقة العازلة.

محاولات الاحتلال

وحاولت قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي مرارًا، التقدم من المنطقة الشرقية للحدود المصرية مع قطاع غزة، لكن المقاومة حالت دون هذه المحاولات، التي كان آخرها يوم السبت 23 ديسمبر 2023. 

وذكر موقع "والا" العبري، في 23 ديسمبر الجاري، أن "جيش الاحتلال قام بإدخال عدد من القوات إلى المنطقة الواقعة بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا، وقام بمناورة قصيرة، حيث أطلقت المقاومة النار على القوات الإسرائيلية وهاجمتها".

وقال الموقع الإسرائيلي نقلاً عن مصادر عسكرية: "تصرف جيش الاحتلال الإسرائيلي بطريقة غير عادية بين معبر كرم أبو سالم إلى رفح ومحور فيلادلفيا".

وفي الإطار ذاته، نفذت المقاتلات الحربية والمدفعية الإسرائيلية، غير مرة، قصفاً لشريط الحدود بين مصر وقطاع غزة، كان آخره صباح أمس السبت، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من الفلسطينيين.

القاهرة غاضبة

وتأتي تصريحات نتنياهو، بالإضافة إلى العمليات العسكرية على الأرض، بعد أيام قليلة من زيارة وفد استخباراتي إسرائيلي للقاهرة للمفاوضة حول إدارة الدعم الإنساني والإغاثي للقطاع.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، في 18 ديسمبر الجاري، أن القاهرة رفضت، خلال زيارة الوفد، نشر قوات مشتركة مع إسرائيل على محور فيلادلفيا الحدودي، مؤكدة أن "المنطقة خالية من أي أنفاق"، بحسب الهيئة.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية: "أثار قصف إسرائيلي متكرر لمحور فيلادلفيا مؤخراً، حفيظة القاهرة، لا سيما أن المحور يخضع لاتفاقية ثنائية تستوجب الحصول على إذن مسبق قبل تنفيذ أي أعمال عسكرية".

وأضافت: "تؤكد السلطات المصرية أن إسرائيل قامت بهذه الخطوة دون الرجوع إليها والتنسيق معها، علماً بأن المسؤولين المصريين كرروا خلال لقاءاتهم مع نظرائهم الإسرائيليين ضرورة إبعاد العمليات العسكرية عن هذه المنطقة، جراء تأثيرها المباشر على الوضع في سيناء".

ما هو محور فيلادلفيا؟

يمتد محور فيلادلفيا، أو محور صلاح الدين، من البحر المتوسط شمالًا وحتى معبر كرم أبو سالم جنوبًا على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة وبطول يمتد لنحو 14.5 كم.

ويقع المحور ضمن المنطقة العازلة التي أقرتها عملية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1997، وظل تحت السيطرة الإسرائيلية حتى انسحابها من غزة عام 2005، حيث سيطرت السلطة الفلسطينية على المحور ضمن اتفاقية المعابر مع إسرائيل حتى عام 2007، بعد سيطرة حماس على قطاع غزة.

وتنشر مصر نحو 750 جندياً في المنطقة لتأمينها وفقاً لـ"اتفاقية فيلادلفيا" التي وقعتها القاهرة مع "إسرائيل" عام 2005، بهدف ترتيب وجود أمني مصري على المحور.

وسمحت الاتفاقية بتنسيق أمني بين مصر وإسرائيل، وتواجد أمني مصري من قوات حرس الحدود على طول شريط فيلادلفيا والقيام بدوريات من كلا الطرفين.

كما نصت على أن التواجد المصري في هذه المنطقة هو "لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود" وليس مخصصا لأي غرض عسكري، وأن هذه الاتفاقية لن تغير أو تعدل في اتفاقية السلام الرئيسية مع مصر بالحفاظ على المنطقة "ج" منزوعة السلاح، واعتبار اتفاقية فيلادلفيا على أنها "بروتوكول أمني" لضمان عدم وجود عسكري مصري قريب من الحدود الإسرائيلية.

وتتكون القوات المصرية الموجودة بموجب الاتفاق على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، من نحو 750 جندي حرس حدود مسلحين بسلاح خفيف، ومتخصصين في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب.

الورقة الأخيرة

يرى محللون أن جيش الاحتلال يحاول السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر بهدف إطباق الحصار على قطاع غزة، مشيرين إلى أن المقاومة لا يمكنها أن تقبل بهذا الأمر لأنه يعني عزل القطاع عن العالم بشكل كامل.

ويقول الخبير العسكري فايز الدويري، إن الإسرائيليين فشلوا في السيطرة على الشريط الحدودي حتى الآن بسبب تصدي المقاومة لهم، مشيرًا إلى أن هناك عوامل عدة تقف أمام احتلال هذه المنطقة.

وأشار الدويري، خلال تحليله للحرب على قناة "الجزيرة"، إلى أهمية الموقف المصري في هذه المسألة؛ "لأن قطاع غزة كان خاضعا للإدارة المصرية قبل احتلاله من جانب إسرائيل عام 1967، وهو ما يضع عبئا أخلاقيا على الجانب المصري"، وفق رأيه.

ورأى أن المقاومة لم تغفل أن تحاول إسرائيل السيطرة على المحور، التي لا تزيد على كونها محاولة إسرائيلية "للعب بآخر ورقة في جيبها المثقوب"، بحسب تعبيره.

ويستبعد البعض نجاح الجيش الإسرائيلي في السيطرة على محور فيلادلفيا، لأنه سيكون مكشوفًا للمقاومة التي لن تتوانى عن استهدافه، كما أن الجانب المصري سيرفض الوجود العسكري الإسرائيلي في هذه المنطقة، مشيرين إلى أن سيطرة الاحتلال على المحور يعني السيطرة على معبر رفح.