«بدأت بخلافات وانتهت بتفاهمات».. تطور العلاقات المصرية التركية خلال السنوات السابقة

ذات مصر

بدأت العلاقات المصرية التركية الدخول في مرحلة الإنفراجة وعودة الأوضاع للتقارب بين القاهرة وأنقرة بعد ما استمرت القطيعة بين البلدين ما يقارب من 10 سنوات.

زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، والتي تم التحضير لها منذ فترة ليست بالقصيرة، خاصة بعد التقارب على المستوي الأمني والدبلوماسي بين السفراء وممثلي الخارجية في البلدين منذ العام 2021، متوقع أن تحدث تغييرا في علاقات البلدين مستقبلا.

العلاقات المصرية التركية

كانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين جيدة ولم يكن فيها أي خلافات ظاهرة، وخاصة حينما وصل أردوغان لسدة الحكم في البلاد كرئيس للوزراء عام 2003- والذي كان بموجبه له صلاحيات الرئيس حينما كانت تركيا تتبع للنظام البرلماني في إدارة البلاد-، تزامن ذلك مع وجود حسني مبارك في رئاسة مصر.

وفي طليعة العام 2011، وخاصة بعد اندلاع مظاهرات في البلاد تطالب برحيل النظام الأسبق كان التقارب بين البلدين لم يتأثر بالأحداث حينها واستمرت العلاقات كما هي.

بعد رحيل محمد حسني مبارك عن الحكم وتولي المجلس العسكري قيادة البلاد لفترة مؤقتة، زار أردوغان القاهرة والتقي بالمشير طنطاوي قائد المجلس ورئيس الوزراء حينها عصام شرف.

وفي فترة الرئيس الأسبق محمد مرسي، ارتفعت وتيرة العلاقات بين البلدين أكثر وأكثر خاصة مع التقارب الأيدلوجي بين الرئيسين في ذلك الوقت.

بداية الخلاف بين القاهرة وأنقرة

وفي منتصف العام 2013 إثر أحداث شهدتها البلاد حينها، بدأ التوتر في العلاقات بين القاهرة وأنقرة يبلغ مداه، فبعد رحيل الرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم انقسمت حينها الدول في تقييم تلك الأحداث.

تركيا كانت من ضمن المعارضين لذلك الأمر، فيما اتهمت السلطات المصرية حينذاك أنقرة بالتدخل في شؤونها وأن هذا أمر مرفوض.

وبعد اتهامات من سلطات البلدين حينها تم قطع العلاقات بينهما وسحب السفراء بشكل رسمي في أواخر العام نفسه.

بدأ التراشق السياسي والإعلامي بين القاهرة وأنقرة منذ ذلك الحين، في حين بقيت العلاقات الاقتصادية بينهما إلى حد ما مستمرة ولكن بوتيرة بطيئة.

خلافات أخرى عقّدت من جهود التقارب

وإلى جانب الموقف التركي من الأحداث المصرية في عام 2013، برزت مشاكل أخرى بين البلدين أبرزها الملف الليبي وغاز منطقة شرق البحر المتوسط.

البلد الحدودية مع مصر من الناحية الغربية كانت بمثابة شوكة في حلق التقارب المصري التركي، إذ إن الخلاف والصراع في ليبيا بعد رحيل معمر القذافي انقسم الليبيون بعدها في تحديد هوية من يقود البلاد في المرحلة القادمة.

وانحازت السلطات التركية لحكومة فايز السراج في البداية، والتي تم اعتمادها رسميًا من الأمم المتحدة كحكومة انتقالية بعد رحيل القذافي لحين إجراء الانتخابات، في حين دعمت السلطة المصرية خليفة حفتر الذي تراه أنقرة أنه قائد عسكري يحاول عرقلة الديمقراطية في ليبيا.

كما أرسلت أنقرة- بعد موافقة نيابية- قوات عسكرية لليبيا قالت إنها لحماية الأمن والاستقرار هناك، في حين أدانت القاهرة الأمر عبر سلطاتها متهمة أنقرة بالتدخل في شؤون ليبيا.

رحل السراج وحل محله عبد الحميد الدبيبة بعد عدة مناورات سياسية في ليبيا وتغييرات في المناصب، حاصلًا أيضًا على دعم وتأييد من تركيا مع استمرار القوات العسكرية الليبية في تركيا وذلك بعد توقيع اتفاق مع حكومة السراج في عام 2019 يتضمن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وتقديم استشارات عسكرية.

غاز شرق المتوسط

المنطقة الفاصلة بين البلدين بحريًا كان لها نصيبًا من الخلاف بين الإدارتين المصرية والتركية، إذ يفصل شمال مصر بجنوب تركيا البحر المتوسط الذي يمتلأ بمصدر طاقة مهم وهو الغاز الذي أشعل الخلاف بين الإدارتين وربما كان سببًا في تقارب وجهات النظر بينهما.

حيث، وقعت اتفاقا ثنائيا لترسيم الحدود مع قبرص في ديسمبر 2013، صدق السيسي عليه في سبتمبر 2014، ورفضت تركيا تلك الاتفاقية.

وفي عام 2019 أنشأت مصر منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يضم مصر والأردن واليونان وإسرائيل وقبرص وإيطاليا، رأته تركيا حينها بأنه محاولة لعزلها عن ثروات المنطقة.

وبعدها بعام وقعت مصر اتفاقًا ثنائيًا مع اليونان لترسيم الحدود بين البلدين، قوبل باعتراض شديد من تركيا أيضًا

ليس اللقاء الأول

اللقاء بين أردوغان والسيسي ليس هو الأول من نوعه، إذ أنه وفي مايو من العام 2013، كان اللقاء الأول بينهما ولكن بمناصب مختلفة، حيث زار  السيسي  حينما كان وزيرًا للدفاع تركيا والتقي برئيس الوزراء في تركيا آنذاك أردوغان.

ودخلت العلاقات بعدها في الانقطاع التام، إلى أن التقيا مرة أخرى في عام 2022 في قطر على هامش افتتاح كأس العالم السابق، وجاءت المصافحة الشهيرة بينهما التي ظهر فيها أمير قطر أيضًا.

وفي سبتمبر الماضي تحدثا للمرة الأولى وجها لوجه على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.

كما التقى السيسي وأردوغان على هامش القمة العربية الإسلامية التي استضافتها السعودية في نوفمبر الماضي.

عودة التقارب مرة أخرى

زلزال تركيا في فبراير من العام الماضي، يبدو أنه أحدث زلزالًا أيضًا في العلاقات التركية المصرية، إذ إنه ولأول مرة منذ القطيعة في عام 2013، زار وزير الخارجية المصري سامح شكري تركيا عقب حدوث الزلزال.

كما تبادل حينها وزيرا خارجية البلدين الزيارات حتى عادا سفيرا البلدين لمواقعهم وطُبعت العلاقات في منتصف العام الماضي.

كما أنه أيضًا ولأول مرة منذ انقطاع العلاقات، تحدث السيسي هاتفيًا مع أردوغان بعد ذلك الزلزال، مقدمًا التعزية في الضحايا، وفق بيان للرئاسة المصرية آنذاك.