مجتبي خامنئي..نجل المرشد الطامح في وراثة عرش إيران

ذات مصر

جاءت الوفاة المفاجئة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لتخلط الأوراق وتبعثر الحسابات السياسية في الجمهورية الإسلامية خاصة أن الحديث الدائر منذ سنوات كان البحث عن خليفة للمرشد الحالي علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاما في ظل تقارير عديدة عن تدهور وضعه الصحي.

كان رئيسي رغم عدم الإجماع على شخصيته أحد أبرز المرشحين المحتملين لخلافة المرشد خاصة أن مسيرة الرئيس الراحل، داخل أعمدة الجمهورية الإسلامية لعقود، جعلت منه مرشحا طبيعيا ليصبح المرشد الإيراني الثالث منذ ثورة 1979، بعد الخميني وعلي خامنئي.

والأكثر من ذلك أن الكثير من التقارير كانت تتحدث أن خامنئي نفسه يجهز رئيسي لخلافته خاصة أنه شغل قبل رئاسته الجمهورية، مناصب عدة في القضاء وكذلك منصب نائب رئيس مجلس الخبراء، كما سبق عيّنه المرشد الأعلى رئيساً للسلطة القضائية عقب خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 وهو ما جعل هناك شعور عام في إيران بأن الرئيس الراحل كان يتم إعداده ليكون المرشد القادم وأنه المرشح الأوفر حظاً لمنصب الرجل الأول في الجمهورية الإسلامية حال وفاة خامنئي.

الأزمة في إيران الأن ليست البحث عن رئيس جديد خلفا للرئيس الراحل بل ربما البحث عن مرشد محتمل يحظي بإجماع القوي والمؤسسات الإيرانية خوفا من رحيل محتمل ومتوقع للمرشد الحالي.

رحيل رئيسي أعاد الحديث داخل أروقة الدولة الإيرانية حول الدور الذي يلعبه أو يمكن أن يلعبه رجل الدين مجتبي خامنئي أحد أبناء آية الله خامنئي الستة.

من هو مجتبي خامنئي ؟

مجتبى خامنئي، 55 عاما، هو الابن الثاني من أبناء آية الله خامنئي الستة، وهو محافظ متشدد، نشأ في النخبة الدينية والسياسية للجمهورية الإسلامية، يقوم بالتدريس في مدينة قم التي تعتبر أكبر مدرسة دينية في إيران.

لا يحظي خامنئي الصغير بمنصب رسمي في الجمهورية الإيرانية ونادرا ما يظهر في وسائل الإعلام ما جعل البعض يطلق عليه رجل الظل .

تقارير إعلامية أكدت أن مجتبي هو صانع ثروة والده التجارية، ولديه تدخل خفي في تعيين مسؤولين بالأجهزة الأمنية والسياسية المختلفة، وله يد على هيئة الإذاعة والتلفزيون، ويتمتع بسيطرة مطلقة على مؤسسات أمنية وعسكرية في النظام الإيراني.

كما لديه صلات أخرى رفيعة المستوى بالأجهزة الأمنية الإيرانية حيث كوّن منظمة استخباراتية تحت تصرفه مع تأسيس استخبارات الحرس الثوري 2009، وتمكن من تهميش دور وزارة الاستخبارات

وبحسب تقارير فإن مجتبى يتمتع بسلطة كبيرة داخل الدوائر المتشددة لوالده، بما في ذلك في مكتب المرشد القوي، الذي يشرف على الهيئات الدستورية.

كما أنه قريبًا جدًا من الحرس الثوريّ الإيراني، وما يسمى بالقوى الثورية في النظام، ويجمع شبكات نفوذ مع الكوادر القوية، خصوصًا مع أعضاء مجلس الخبراء، الهيئة المكونة من 88 شخصًا، والمكلفة باختيار المرشد الأعلى القادم. 

في أغسطس 2022، رفعت المؤسسة الدينية الإيرانية “مجتبى” إلى رتبة “آية الله”، وهو لقب ديني يحتاج إليه ليصبح المرشد الأعلى لإيران، وهو ما عزز الشكوك حول احتمالية خلافة والده خاصة أن القرار جاء في الوقت الذي تدهورت فيه صحة خامنئي الأب الذي كان قد تجاوز الثمانين عاما. 

في تقرير لها وصفت هيئة الإذاعة البريطانية خامنئي الصغير بأنه "الرجل الغامض" الذي يتحكّم في كل صغيرة وكبيرة في البلاد. كما سبق واعتبرته "الجارديان" البريطانية، بأنه مفتاح بيت المرشد الذي يفتح البيت بوجه من يشاء ويغلقه في وجه غير المرغوب بهم.

وتفيد تقارير صحفية بأنّ مجتبى خامنئي يعتبر الأكثر ثراءً ونفوذاً بين الشخصيّات السياسية في إيران، إذ تقدّر ثروته بنحو ثلاثة مليارات دولار، أودع معظمها في بنوك المملكة المتحدة وسوريا وفنزويلا، وأما مقدار ثروته من الذهب والألماس فيفوق 300 مليون دولار.

عقوبات واتهامات

ظهرت أهمية مجتبي بعد العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية عليه عام 2019، معتبرة أن علي خامنئي "فوضه بعض مسؤولياته".
كما اتهم الإصلاحيون الإيرانيون مجتبى خامنئي بلعب دور مهم في انتخاب محمود أحمدي نجاد عام 2005، والذي تغلب بشكل غير متوقع على المرشحين الرئيسيين في ذلك الوقت.
وفي عام 2009، بعد إعادة انتخاب أحمدي نجاد ضد الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي، اجتاحت البلاد احتجاجات مناهضة للحكومة.

 وطالته الهتافات المناهضة للنظام بسبب دوره في انتخاب نجاد الانتخابات 2009 ، فضلا عن الشائعات حول خلافته للمرشد ويعتقد أنه كان مسؤولاً بشكل شخصي عن حملة القمع التي شنها النظام ضد المعارضة في ذلك الوقت.

ألية اختيار المرشد

يتم اختيار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية  من قبل هيئة مؤلفة من 88 رجل دين وتعرف الهيئة باسم مجلس الخبراء.

ويتم انتخاب أعضاء مجلس الخبراء من قبل الإيرانيين كل ثماني سنوات، ولكن يجب أن يحظى المرشحون لهذه الهيئة بموافقة مجلس صيانة الدستور.

ويتم اختيار أعضاء مجلس صيانة الدستور، بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل المرشد الأعلى.

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، عمل علي خامنئي على ضمان انتخاب المحافظين في المجلس الذين سيتبعون توجيهاته بشأن اختيار خليفته.

وبمجرد انتخابه، قد يظل المرشد الأعلى في هذا المنصب مدى الحياة.

ووفقاً للدستور الإيراني، يجب أن يتمتع المرشد الأعلى بمرتبة آية الله، ويعني ذلك أن يكون شخصية دينية شيعية بارزة.

ولكن عندما تم اختيار علي خامنئي لم يكن من آيات الله، لذلك تم تغيير القوانين لتمكينه من استلام المنصب.

لذلك، من الممكن تغيير القوانين مرة أخرى حسب المناخ السياسي عندما يحين وقت اختيار مرشد جديد.