يحيى قلاش.. آخر الصامدين في 4 شارع عبد الخالق ثروت

ذات مصر

بين كل نقباء 4 شارع عبد الخالق ثروت دون استثناء، بداية من محمود أبو الفتوح أول نقيب للصحفيين حتى ضياء رشوان المنتهية فترة انتخابه في مارس 2023، وحتى انتخاب نقيب جديد بين "ميري" و"البلشي"، تفرد النقيب الأسبق يحيى قلاش بصورة ذهنية لن تسقط مهما تكررت الانتخابات والمعارك، تمثلت في حمله على أعناق آلاف الصحفيين في شارع عبد الخالق ثروت، في "عمومية الكرامة" كما سميت، رفضا لواقعة اقتحام النقابة.

لم يخف يحيى قلاش خلف ابتسامته الودودة أفكاره وتوجهاته، فعلى مدار 40 عاما كانت مواقفه دليلاً على أنه للديمقرطية داعم، وعن كرامة الصحفي مدافع، وللمهنة هو حامٍ، فلم تثنه "كلبشات"، ولم تردعه جبهات ضد مساره، فلم يكن إلا صامدا عتيدا من أجل "نقابة ومهنة وزملاء وفقط".

نضال مبكر

بدأ يحيى قلاش نضاله مبكرا في أوائل الثمانينيات، فشارك في كل فعاليات العمل النقابي حينها، كما شارك في أعمال المؤتمر العام الثاني والمؤتمرين الثالث والرابع للصحفيين التي تناولت كل قضايا الصحافة والصحفيين، وكان من المناضلين المشاركين في إدارة أزمة القانون 93 لعام 1995 الذي أطلق عليه قانون حماية الفساد، من خلال لجنة كانت مهمتها المتابعة والإعداد لكل الفعاليات واللقاءات والإعداد للجمعيات العمومية والتكليفات الصادرة عنها التي ظلت في انعقاد مستمر لمدة عام.

المتابعون لخطاب النبيل يحيى قلاش يعلم جيدا أنه لا يخلو من استشهاد بمقولة أو عبارة أو نصيحة من نقيب النقباء كامل زهيري، فهو واحد من المولعين به، ولا يترك مناسبة تقريبا إلا مستشهدا بأقواله الخالدة منها "العضوية كالجنسية"- وكانت مناسبة هذه المقولة  مواجهة ضغوط الرئيس السادات لفصل الصحفيين  المصريين الذين كانوا  يعارضونه بالرأي  بعد زيارته لإسرائيل- وقد كان يحيى قلاش أحد رفقاء الراحل كامل زهيري خلال أزمة قانون 93 لدائرة النائب فكري الجزار بمحافظة الغربية الذي قاد حملة رفض القانون 93 في مجلس الشعب، ومساندته في الانتخابات التي كان يخوضها، وكذلك عدد من النواب في بعض الدوائر الأخرى الذين رفضوا هذا القانون.

اعتبر قلاش ملف حقوق الصحفيين وتحسين أوضاعهم وتحقيق الحماية لهم في علاقات العمل وحرية الصحافة وحماية الصحفي من أولويات عمله النقابي، ووقف بشدة ضد حبس أي زميل صحفي في قضايا النشر، وساند كل الزملاء الصحفيين الذين تعرضوا للحبس في قضايا نشر.

تصدى يحيى قلاش لتدخل وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي في شئون النقابة، فكتب مقالا هاجم فيه الوزير ورفض تدخله، وقال فيه "إن النقابة لا تقبل دروسا أو وصاية من أحد، وإنه لا يمكن الحديث عن الإصلاح السياسي إذا ظل ملف السياسة الداخلية تحكمه وزارة الداخلية التي أدمنت أن تحكمنا بالطوارئ أو القوانين الاستثنائية والاشتباه وعقوبات الحبس في قضايا الرأي والتعبير والنشر، التي لا تفرق بين أحزاب وقوى سياسية وتيارات ومؤسسات مجتمع مدني ونقابات وبين بؤر الجريمة والفساد".

“النقابي” يحيى قلاش

النقابي-كما يحب أن يلقب نفسه- يحيى قلاش انتخب عضواً لمجلس نقابة الصحفيين لأربع دورات متتالية، وتقلد موقع سكرتير عام النقابة لمدة 8 سنوات، وهي أكبر مدة يقضيها نقابي في هذا الموقع، وخسر الانتخابات على مقعد النقيب في 2011 أمام ممدوح الولي، وفاز في انتخابات نقيب الصحفيين أمام ضياء رشوان النقيب الحالي في مارس 2015 بفارق كبير.

May be an image of one or more people and people standing

عاش يحيى قلاش

خاض يحيى قلاش معركة الصحفيين ضد واقعة اقتحام النقابة ببسالة معهودة وشجاعة محفورة باسمه، وظل قابضا على الجمر أمام سيل الفارين من خندقه إلى مسار غير صحيح، حتى بات على حافة السقوط خلف القضبان ولم يتراجع "يحيى"، ولم ينحن "يحيى"، فكان مشهد حمله على أعناق آلاف الصحفيين في 4 مايو أشهر جمعية عمومية شهدتها النقابة وشارع عبد الخالق ثروت، هو الأشهر والأصدق والأخلص، فكما ظل دائما يهتف بـ "عاشت حرية الصحافة" في كل مناسبة نقابية، فسيبقى "قلاش" يحيا في قلوب الصحفيين كونه آخر الصامدين في 4 شارع عبد الخالق ثروت.