«خان الخليلي» بين مطرقة الدولار وسندان استيراد المغشوش برعاية الحكومة

ذات مصر

مع دخول شهر رمضان يكثر الأتجاه نحو السحور الرمضاني والتنزه في الأماكن التراثية، إضافة إلي شراء بعض  الأنتيكات من قبل المصريين فيما  يطلق عليه أبناء الطبقة الوسطي المصرية خروجة أو فسحة «علي قد الايد»، 

اذ يتجه المزاج العام لشريحة كبيرة من المصريين نحو  قضاء وقت الفراغ في هذه الأماكن التراثية التي تذكرهم بأمجاد ولت، وفترات ازدهار مضت وانقضت، ويحاولون شراء أى تحف أو أنتيكات تذكرهم بهذا الماضي العريق وتضعهم بين ذراعاته.

ومع تصاعد الأزمة الاقتصادية المصرية، واتجاه الحكومة لتعويم قيمة الجنيه المصري في مواجهة الدولار، بتطبيق سياسة صرف مرنة وترك الجنيه حراً في سوق العرض والطلب علي العملات، تتصاعد الأزمة التي تمر بها منطقة خان الخليلي الأثرية، والتي تمثل قبلة السياح القادمين إلي مصر في ظل حالة ثقافية أثراها «نجيب محفوظ» بجعل المنطقة عنواناً لأحد أهم رواياته، وتمثل كذلك قبلة المصريين في رمضان لقضاء بعض الوقت وأخذ جانب من الترفيه بين دروبها.

يمر «خان الخليلي» حاليا بأزمة كبيرة نتيجة الفجوة السعرية بين المنتجات المصنعة يدوياً، والتي مثلت طوال الوقت عصب التجارة في الخان، والتي يرتفع سعرها نسبياً نتيجة ارتفاع تكلفة مستلزمات انتاجها، وبين المنتجات المستوردة المقلدة التي غزت الأسواق المصرية .

 

اغراق الأسواق بالمنتجات المضروبة وارتفاع تكلفة الانتاج يضرب الصناعة

 ويقول عدد من التجار اللذين التقت بهم «ذات مصر» بانهم يواجهون التجارة العشوائية والمغشوش والمقلد والمستورد، ويعانى خان الخليلى كغيرة من الاسواق التاريخية من العديد من المعوقات المتعلقة بضعف اقبال السياح عليها، إضافة لضعف القدرة الشرائية لزوار المنطقة من المصريين، وهو ما دفع عدد كبير من  التجار نحو ترك هذه الصناعة بعد قرارات التعويم الأخيرة وارتفاع اسعار الاكسسوارات المصنوعة  كالعاج والصدف والحجارة  والجرانيت.

 وعن الاجواء التجارية في شهر رمضان اكد التجارأن صناع السبح والسجاجيد والملابس والاكسسورات  والنرجيلة واكسسوراتها، والتى ظل السوق يشتهر بها،  قد لقت منافسة شديدة من قبل  المستورد، وأكدوا أن جميع الصناعات فى خان الخليلى أصبحت تعانى من من «آثار الاغراق» حيث اغرق المستورد السوق بالسلع المقلدة والمضروبة وأصبح ينافس صانع المنتج المحلى والصناعة اليدوية بشكل غير عادل. 

وقال التاجر «عبد الوهاب نور» أحد التجار الذين توارثوا التجارة فى أوراق البردى المرسوم عليها العديد من الرسومات الفرعونية والإسلامية، ان التجار فى سوق خان الخليلى يعانون من مأساة حقيقية وهى التجارة العشوائية سواء داخل السوق او على أطرافة،وهو ما أدى الى انخفاض المبيعات للتجار الأصليين اللذين تتحصل منهم الدولة على ضرائب باهظة.

 واكد التاجر «يحى عبد الوهاب» صاحب محل لبيع السبح والمصاحف والمشغولات الجلدية ان اصحاب المحلات يواجهون أزمة حادة بسبب إغراق السوق بالبضائع المضروبة من قبل «المستورد» من الصين وكوريا والبرازيل وهى نفس منتجات الخليلي من حيث الشكل ولكن باسعار منخفضة، وهو الأمر الذى أدى الى إقبال الزبائن غير المدركين للفارق بين المنتجات، وأضاف أنه فى ظل الارتفاع العشوائى فى أسعار الخامات والتعويم وإرتفاع سعر الدولار  تاثر حجم المبيعات تماما واصبحت مقصوره على السياح فقط. 

ومن جهتة قال «محمود عزوز» تاجر ملابس مزركشة ان الاسعار ارتفعت الضعف خلال الفترة الماضية بسبب ارتفاع الدولار، مشيرا الى ان التاجر ليس له يد فى هذا الارتفاع لان الارتفاع جاء بسبب الدولار وارتفاع سعر الخامات الاولية. 

 وفى السياق نفسة قال «مسعود عادل» تاجر اكسسوارات النرجيلة «الشيشة» انه خلال السنوات الماضية اصبح يتم الاستيراد من الصين  خاصة ان لمصر ومنذ سنوات عديدة كان تنافس فى هذه الصناعة الان الصين تفوقت عليها من حيث الجودة والسعر وشهدت اقبال كبير من جانب المواطنين، مشيرا الى ان الصيف فقط هو ما ينقذ هذا السوق من الركود بسبب السياح.

 

ويعد سوق خان الخليلي من أسواق الأنتيكات الأكثر شهرة علي مستوي العالم وليس في مصر فقط، وترجع تسميتة بخان الخليلى الى الامير «جهاركس الخليل» أحد أمراء السلطان «برقوق» والذي أنشأ هذا الخان عام  1382 ميلادياً، و قد كان موضع الخان هو ضريح القبور الفاطمية وهو شارع (المعز لدين الله) الآن، وفي عام 917 هجريا هدم السلطان الغوري خان الخليلي بكل حوانيته، وأنشأ مكانه محال ووكالات يتوصل اليها من ثلاث بوابات، لينتهي الحال بخان الخليلي الآن إلي حالة من الكساد نتيجة الإهمال في تطوير هذا المعلم السياحي، إضافة لضعف حركة البيع بداخله بسبب ضعف الاقبال السياحي وضعف قدرة المواطن المصري علي الشراء.