تكلفة الصراع السوداني على مصر اقتصاديا

ذات مصر

مع تصاعد عمليات العنف في أحياء سودانية مختلفة، بين قوات الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، ما أودى بحياة نحو 500 شخص “مدني وعسكري”، تزايدت عمليات النزوح السودانية صوب الحدود، وسط دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لفتح المعابر المصرية السودانية والسماح بدخول السودانيين بدون تأشيرات لمن هم دون الـ16 عاما وممن يزيد أعمارهم عن الـ60 عاما.

ورغم عدم صدور تصريحات رسمية بهذا الشأن، لكن قد تجد القاهرة نفسها مضطرة في وقت قريب لاستقبال آلاف المهاجرين السودانيين الفارين من أتون الحرب، وهو ما يخشاه اقتصاديون عبروا عن مخاوفهم من استضافة مصر لمزيد من اللاجيئين السودانيين، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التى تعيشها مصر حاليا.

تقدر المنظمة الدولية للهجرة في مصر العدد الحالي للمهاجرين الدوليين الذين يعيشون في مصر بـ 9 ملايين شخص من 133 دولة، يشكل السودانيون النسبة الأكبر من الجاليات التي تستضيفها مصر، إذ يبلغ عدد  المهاجرين السودانيين لوحدهم نحو 4 ملايين، والسوريون (1.5 مليون) واليمنيون (مليون) والليبيون (مليون)ـ وتشكل هذه الجنسيات الأربع 80٪ من المهاجرين المقيمين حاليا في البلاد.

وخلال السنوات الماضية، تزايدت أعداد اللاجئين السودانيين الذين قصدوا القاهرة والجيزة نتيجة الأزمة السياسية المستمرة، وزيادة معدلات البطالة على خلفية انهيار الجنيه السوداني أمام العملة الأمريكية، وسط توقعات بتزايد أعداد طالبي اللجوء عقب الصراع الحالى، الذى من المتوقع أن يدفع بالآلاف السودانيين إلى النزوح إلى مصر.

واختلف مسئولون سابقون فى وزارة الخارجية ورجال اقتصاد على الحالة الاقتصادية  للنازحين السودانيين إلى مصر، فمنهم من قال إن أغلبهم بسطاء ويفتقدون إلى مصدر دخل ثابت وهم يشكلون عبئا كبيرا على الاقتصاد المصرى و سيساهمون فى زيادة معدلات البطالة والضغط على الخدمات، في ظل أزمة اقتصادية عنيفة تمر بها مصر أدت إلى ارتفاع معدلات التخضم بشكل غير مسبوق، وآخرون أكدوا أن شريحة كبيرة منهم غنية لن يكلفوا مصر مليما.

 

خريطة السودانيين بمصر
 

جزء كبير من السودانين يتركزون في محافظة أسوان (جنوب)، وفي القاهرة الكبرى بداية من مناطق ألف مسكن وعين شمس ثم حدائق القبة، ونزولا إلى منطقة عابدين (وسط) التي تؤوي الأغلبية النوبية، وفي الجنوب بمناطق الملك فيصل وأرض اللواء وأغلبها مناطق حضرية، كما لوحظ تواجد مجموعات كبيرة من السودانين “ شماليون وجنوبيون” بمنطقة أكتوبر، وتحديدا في مساكن عثمان التي تأوي جاليات أفريقية مختلفة.

النزوح السوداني.. مخاوف اقتصادية

فى السياق ذاته، عبر اقتصاديون عن مخاوفهم من استضافة مصر لمزيد من اللاجئين السودانيين في ظل الظروف الاقتصادية، في وقت وضع الصراع السودانى الحالى  حياة مئات الآلاف من اللاجئين على المحك في ظل شح سوق العمل، ويتزايد الأمر تعقيدا إذ إن أغلب اللاجئين هم من الأطفال والنساء والشباب الذين  فروا إلى مصر.

يقول السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الصراع الدائر الآن فى السودان هو عبث بكل ماتحمله الكلمة وانقلبت العملية إلى انقسام واقتتال شديد الضراوة بين كل القبائل والانقسام الكارثى هو الحادث بين صفوف الجيش، لوجود أطماع على كرسى الحكم ققط.

يشير بيومي إلى أن مصر ستكون في صدارة الدول المتضررة من استمرار هذا الصراع، بحكم موقعها الجغرافي والترابط التاريخي بين البلدين، وهو ما يفرض تحديات جديدة بخصوص عمليات النزوح وتدفقات المهاجرين السودانيين إلى مصر.

من جهته، دعا الدكتور وليد جاب الله، أستاذ الاقتصاد، الحكومة المصرية إلى سرعة حصر أعداد النازحين الجدد من السودان على المدى القصير والطويل، ورسم خارطة لتوجيهاتهم والآليات التى يتم مساعدتهم من خلالها، وفتح الباب أمام المؤسسات الدولية المانحة، لتكون طرفا أساسيا مع مصر في مساعدة اللاجئين.

وناشد الدكتور حسن، هيكل أستاذ الاقتصاد، دول العالم والدول العربية وجامعة الدول العربية وإدارة اللاجئين مساعدة مصر لأسباب انسانية واسباب تتعلق بالقومية العربية حتى لايتعرض الاقتصاد المصرى، لمزيد من الضغوط والأزمات كونه يمر بأزمة اقتصادية وصعوبات بالغة تجعله لايحتمل مزيد من هذه الأعباء التى تنتج نتيجة احتياجات هولاء النازحيين فى كافة مناحى الحياة. 


وطالب هيكل بنفس المنح التى تعطى الدولة تركيا نتيجة لاستضافتها الأخوة السوريين، وإلا سينعكس ذلك على إغلاق مصر لحدوها ولجوء هولاء إلى الدول الاوروبية والعربية للهروب من ويلات الحروب.