ضبابية أسعار الصرف قد تعرقل خطّة بيع

بنك أوف أمريكا: التأخر في بيع الأصول المصرية يزيد احتمالات إجراء خفض حاد لـ الجنيه

ذات مصر

يترقب المستثمرون في منطقة الشرق الأوسط، مدى التقدم الذي ستحرزه مصر في إطار برنامج أعلنت عنه في فبراير الماضي، لبيع حصص حكومية في أكثر من 32 شركة، عن طريق الطروحات العامة الأولية أو طرحها أمام مستثمر استراتيجي.

تسعى الحكومة المصرية إلى تأمين ملياري دولار من خلال برنامج بيع الأصول قبل حلول شهر يونيو المقبل (نهاية السنة المالية)، إذ قال رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي إنه يهدف إلى طرح 25% من الشركات في أول 6 أشهر من المدى الزمني إلى الربع الأول من 2024.

لكن بنك أوف أميركا أرجع التأخر في بيع الأصول المملوكة للحكومة المصرية إلى حالة عدم اليقين بشأن سعر صرف الجنيه، وتقييمات الأصول، والاعتبارات الرقابية والتنظيمية، فضلاً عن الافتقار إلى دعم خارجي.

ووفق مذكرة بحثية للبنك، فإن خفض مقابل بيع الأصول يمكن أن يدفع برنامج البيع قدمًا، لكنه قد لا يرقى إلى مستوى الأهداف الطموحة لبرنامج صندوق النقد الدولي، الذي أشار عند موافقته على إقراض مصر 3 مليارات دولار في ديسمبر الماضي إلى أن السلطات المصرية ستبيع أصولًا مملوكة للدولة للحصول على تمويلات خارجية.

يشار إلى أن وكالة موديز اعتبرت في تقرير لها الأسبوع الماضي، أنّ بيع الأصول المملوكة للدولة هو أحد أعمدة برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر الذي التزمت به أمام الصندوق، واعتبرت أن مصر متأخرة في عمليات بيع الأصول مقارنة بما كان متوقعًا.

رأى بنك أوف أميركا أنّ التأخر في بيع الأصول من شأنه أن يزيد احتمالات تعديل حاد في سعر صرف العملة، وفي حال عدم وجود تعديل خارجي ومبيعات كبيرة للأصول، قد تصبح إعادة هيكلة للالتزامات أمرًا لا مفر منه نظرًا للفجوة التمويلية الكبيرة المحتملة، وفق « فوربس الشرق الأوسط»

تفضل الحكومة المصرية أن يشتري شركاء استراتيجيون حصصًا في الشركات المصرية الكبرى، حسبما أشار مدبولي في مار، لكن الحلفاء التقليديون لمصر من الخليج العربي يتطلعون إلى الاستثمار التجاري في الأصول المصرية مقابل إجراء إصلاحات، كما نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز آخر الأسبوع الماضي، وهو موقف كانت عبّرت عنه السعودية خلال الأشهر الماضية من دون ذكر مصر بالتحديد.

اعتمد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي سياسة وثيقة ملكية الدولة في مصر، والتي أشارت إلى نية الدولة الانسحاب من 62 نشاطًا تجاريًا خلال فترة تتراوح بين 3 و 5 سنوات، والانسحاب جزئيًا من 56 نشاطًا، وزيادة تواجدها في 76 نشاطًا، لكن بنك أوف أميركا رأى أن تنفيذ الوثيقة يتطلب "إطارًا واضحًا".

وتضمّن الاتفاق بين صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية، نشر تقرير سنوي شامل يوضح بالتفصيل جميع الإعفاءات الضريبية والإعفاءات المقدمة لكيانات المنطقة الاقتصادية الحرة والشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام والشركات المملوكة للجيش والهيئات الاقتصادية والمشاريع المشتركة والشراكات، وذلك بحلول نهاية أبريل.

وبحسب تقرير بنك أوف أميركا، فإنّ مصر واثقة من الحصول على ملياري دولار من مبيعات الأصول والمتركزة في قطاع السياحة ومزارع الرياح ومعاملتين أخريين أصغر، إذ من المقرر الانتهاء منها بحلول يونيو المقبل، وفقًا لإطار برنامج صندوق النقد الدولي.

وبحسب البنك الأميركي، فإن قدرة مبيعات الأصول المصرية على تحقيق العائدات المخطط لها في الوقت المناسب ستعتمد على الأرجح على عوامل قدرة السلطات على التنفيذ، وجاذبية وتقييم الأصول الأساسية، واعتبارات السيطرة، إذ يبدو لبنك أوف أميركا أن السلطات المصرية عازمة على الاحتفاظ بحصص أغلبية في هذه الأصول.

أضاف البنك أن بيع الأصول للمستثمرين الاستراتيجيين قد يتعارض مع نية السلطات المحتملة للحفاظ على السيطرة في كيانات معينة، إذ أن جاذبية الشركات تزيد كلما كان أداؤها المالي ضعيفًا إذ يغري ذلك المستثمرين الإستراتيجيين على قيادة عمليات إصلاحية في هذه الشركات.

وذكر البنك أن بيع الأصول قد يكون له تداعيات اجتماعية وسياسية داخلية، مضيفُا أن خطة السلطات لبيع حصص في كيانات القطاع العام من خلال الطروحات الأولية قد تفتح الباب لمزيد من الشفافية، وهو ما قد يقاومه "الحرس القديم" وفق تعبير التقرير.

من جانبه، قال الملياردير المصري، سميح ساويرس، في تصريحات متلفزة، إن ما حدث في مصر خلال السنتين الماضيتين من وقف الاستيراد، إلا عن طريق اعتمادات مستندية، تسبب في عجز المستثمرين عن استيراد العديد من الخامات، ما يعني أنه من الناحية النظرية تم الحفاظ على قيمة الجنيه، لكن من الناحية العملية انهارت العوامل الداعمة له، في إشارة إلى تراجع حركة الإنتاج والاستيراد والبيع ما أدى في النهاية إلى تراجع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الكلي.

ورأى ساويرس أن استحواذ الدولة على الاقتصاد ليس الأزمة الأساسية، فالمستثمر سيستغل الفرص المتاحة أمامه، لكن العقبة الكبرى هي أن المستثمرين لا يقفون على سعر محدد للدولار، وتساءل هل سيستطيع المستثمرون الخروج بالأرباح من البلد أم لا؟، وهل سيستطيعون استيراد الخامات أم لا؟، وهل يمكن إجراء دراسة جدوى للمشروعات في ظل هذه الظروف؟