خبراء عن زيادة معدل الجريمة لـ"ذات مصر": يرتبط بالاقتصاد والتربية

ذات مصر

زادت معدلات الجريمة بأنواعها “سرقات، وخطف، وتزوير، وقتل"، خلال الآونة الأخيرة بشكل متضاعف بل أصبحت لم تخلو أي محافظة من محافظات الجمهورية من وقوع العديد من الجرائم البشعة وعلى رأسها القتل يوميًا. 

جرائم بشعة بدم بارد في أيام قليلة

ومن أبرز هذه الجرائم على سبيل المثال وليس الحصر، أنهى شاب عشريني، أمس الثلاثاء، حياة عمه بسكين وسط الشارع بمركز الوراق شمال الجيزة؛ بسبب خلافات مالية.

كما أنهى 3 تجار مخدرات، أول أمس حياة «سيدة»، وتخصلوا من جثتها بطريق المريوطية ناحية مركز شرطة كرداسة بالجيزة، وتمكنت أجهزة الأمن من ضبطهم وأحالتهم للنيابة العامة التي أمرت بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.

وفي أول شهر أبريل الجاري قتل شاب زوجته بسكين بدم بارد أثناء تواجدها بمنطقة السوق بمدينة السادس من أكتوبر، وشرع في قتل ابنتهما بسبب خلافات أسرية.

وتحديدا آخر مارس 2023 حدثت مشادة كلامية بين زوجين في الدقهلية تطورت إلى شجار أمام الأطفال، قام على أثرها الزوج بضرب زوجته بسكين مما أدى إلى إصابتها بجرح قطعي بالرقبة وجرح قطعي بكف اليد اليمني والفخذ الأيسر من الخلف مما أدى إلي مفارقتها الحياة.

ومن قبل قتل الزوج زوجته “صيدلانية” أثناء نومها وابنتيها حيث فتح الغاز الطبيعي بسبب خلافات شديدة مع زوجته نتيجة مروره بضائقة مالية كبيرة.

كما شهدت قرية المجفف التابعة لمركز ديرب نجم بمحافظة الشرقية جريمة بشعة عندما أقدمت ربة منزل بمعاونة عشيقها على قتل زوجها، والتخلص من جثته بحرقها داخل مسكن الزوجية.

خبير أمني: الجريمة زادت بسبب تدهور الوضع الاقتصادي

في البداية، علق اللواء محمد نور الدين، مساعد أول وزير الداخلية الأسبق، والخبير الأمني، بأن هناك ارتباط كبير بين الوضع الاقتصادي وزيادة معدلات الجريمة في المجتمع حيث أن الاقتصاد والجريمة يسيران في خطان مختلفان فكلما ارتفاع الاقتصاد انخفض معدل الجريمة والعكس صحيح.

وقال اللواء محمد نور الدين في تصريحات خاصة لموقع “ذات مصر”، إن على سبيل المثال تأتي محافظة بورسعيد التي وصلت في فترة ما إلى “صفر” في معدلات الجريمة وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الجيد الذي وصلت إليه وزيادة مستوى المعيشة هناك ولكن عندما بدأ الوضع في اجراءات جعلها تتراجع أثر ذلك على الناحية الاقتصادية وبدأت تظهر من جديد الجريمة بل وأصبحت في زيادة من مشاجرات في الطريق وسرقات ووصولًا إلى جرائم القتل.

وأضاف مساعد أول وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني، أن الوضع الاقتصادي سيء وبالتالي ينعكس بشكل كبير على وجود الجريمة في المجتمع مما تسبب في انفلات أمني يحاول رجال وزارة الداخلية السيطرة عليه قدر المستطاع، وعندما يتحسن الاقتصاد ستقل معدلات التشاجر والقتل حيث استشهد بفترة الانفلات الأمني التي مرت بها البلاد في وقت سابق وحدث بها حالات لخطف رجال الأعمال والتزوير والسرقات مؤكدا أنه في حالة تدهور الاقتصاد أكثر من ذلك سيعود الانفلات الأمني بشكل أكبر.

 

وعلق اللواء محمد نور الدين أثناء حديثه قائلا: “التخلف الاقتصادي حاليا بسبب المجموعة الوزارية اللي وصلتنا لكدة.. فعندما يكون الاقتصاد مرتفع يكون هناك أدنى درجات الجريمة وعندما يكون الاقتصاد متخلف كدول إفريقية كثيرة ينعكس على معدلات الجريمة بالزيادة”، مؤكدا أن وزارة الداخلية تبذل جهودًا كبيرة لتخفيف حدة الأزمة وتحجيم الآثار السلبية ولن يتم السيطرة على الجريمة بأي شكل أخر سوى تحسين الأوضاع الاقتصادية في المجتمع.

 

وتابع أن سبب تدهور الاقتصاد المصري يرجع لأسباب خارجية وأخرى داخلية؛ الخارجية منها ما يتعلق بوباء كورونا والحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتهما على اقتصاديات الكثير من دول العالم، والداخلية ترجع لقصور واضح من بعض وزراء المجموعة الاقتصاديه الذين عجزوا عن ابتكار حلول غير تقليدية واكتفوا بسد العجز عن طريق فرض الضرائب والرسوم وزيادة أجر الخدمات الحكومية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

استشاري صحة نفسية يفند أسباب الجريمة

من جانبه، علق الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، أن الجرائم الأسرية في الأونة الأخيرة بشعة ولم يعتادها المجتمع المصري والتي ترجع لعوامل عديدة متداخلة ومتشابكة وليست لعامل واحد ولكن العامل يكون مفجر وظاهر للبناء النفسي وأهمها نمط التنشئة الاجتماعية الذي تربي عليه الشخص فمثلا من تربى على العنف ولا يوجد ثقافة الحوار ويعاني من النبذ الاجتماعي يجعل بنائه النفسي مشبع بالعنف وعندما يتزوج يكون هناك إعادة بناء السلوك يشعر أن العنف هو الوسيلة الأمثل للتربية أو التعبير عن الغضب ومع التجويد يمكن يؤدي إلى القتل والحرق للابناء والزوجات.

وقال الدكتور وليد هندي في حديثه لـ ذات مصر، إن هناك مجموعة عوامل نفسية يمكن تجعل هناك عنف أسري شديد مثل الاحباط والضغط النفسي، عدم اشباع حالة الانتماء لدى الأسرة يمكنها أن تؤدي إلى جرائم وظهر في فترة ظهور فيروس كورونا وجعل هناك ضغوط نفسية وخيمة تؤجج المشاعر أدت لعنف أسرى وهناك الأشخاص ذوات التعليم المنخفض أو نتاج مدارس لا يوجد بها ممارسة للسلوك الحميد أو الحس الموسيقى والأنشطة المجتمعية، وجميع جرائم القتل يكون نمط الشخصية عدوانية ويقدم أعمال العنف عن أي شيء أخر في التفكير ويعزز فكرة العنف والضرب أو القتل أو الحرق.

وأضاف استشاري الصحة النفسية، أن هناك الشخصية السادية من لديه حب القتل، والشخصيات المعقدة التي كان ينكل به في الصغر، والحرمان مع أول موقف يظهر فيه العنف مع بعض الشخصيات السيكوباتية ممن يمارسن العنف، وهناك عنف يرتبط الزحام ويحتفظ بوسائل تؤدي إلى القتل وهناك الفقر والبطالة يدفعان للقتل والعنف الأسرى إذا فالعوامل الاقتصادية لها دور كبير ومسبب.

كما لفت إلى وجود عوامل حديثة منها المخدرات، فمصر بها 21.5 مليون شخص متعامل مع المخدرات بين بين مدمن ومتعاطي ومستخدم والمخدرات ينتج عنها غيبوبة حسية وتبلد في المشاعر وغياب عن الواقع ويمكنه القتل في حالة عدم شعوره بذلك ويتماشى معه وجود كرب ما بعد الأزمة مع وسائل الإعلام حاليا كلها تحض عن العنف وتقدم مادة دسمة بالعنف على مدار 24 ساعة وزوجه تضع زوجها في البانيو وتضع مادة كاوية وتقتله وتتخلص منه وتعطي نموذج مثالي للقتل بدم بارد وعدم وجود معاناة في الجريمة مع نقص وتراجع مستوى التدين لذا يوجد فقدان التعامل وانشغال الأب والأم بوسائل التباعد الاجتماعي أفقدهم مشاعر الأمومة والأبوة والحياة الزوجية وبدأ يوجد تفسخ في العلاقات الاسرية نتيجة التكنولوجيا المستحدثة فلم يعد يوجد احساس بالابوة أو حب الحياة الزوجية.

ونوه الدكتور وليد هندي، أن العنف والقتل الأسري يرتبط أيضا بالأمراض النفسية التي يمكن أن تؤدي للعنف أو القتل داخل الأسرة مثلا الوسواس القهري "اقتل ابنك هيعمل لما يكبر زي أولاد سيدنا نوح، أو مراتك بتخونك"، ومرض اضطراب ثنائي القطب يجعل هناك هوس ورد فعل شديد العنف أب يقتل ابنه أو زوجة أو زوج يقتل زوجته، مؤكدا أن التغذية والتلوث عليه عامل كبير نتيجة تلوث سمعي وبصري أو هوائي والتغذية حيث يوجد نقص الزنك والفيتامينات يكون الشخص أكثر عنفا من الاخرين.

جمال فرويز: نعاني من انحدار ثقافي.. ونحتاج تدخل رئاسي

“عندنا انحدار ثقافي وأخلاقي”.. بهذه العبارة بدأ الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي حديثه عن ارتفاع معدلات العنف والجريمة داخل الأسرة خاصة القتل والضرب بين الزوجين في الفترة الأخيرة، مؤكدًا أنه من الواضح جدا وجود انحدار ثقافي وأخلاقي وقيمي وسلوكي وازدواجية دينية.

وقال الدكتور جمال فرويز، في تصريحات خاصة لموقع “ذات مصر”، إن هناك أشخاص كثيرون يدعون التدين من خلال المظهر والملابس واللحية الطويلة والحديث عن الصواب والخطأ وهم في الحقيقة بمنأى عن كل ذلك، حيث أن قيمة الإنسان بدأت تقل وفي التراجع يومًا تلو الاخر، ولم يصبح أحد يهتم بقيمة الزوج أو الزوجة، الأب أم الأم أو الابناء وكلها أصبحت مسميات فقط.

وأضاف فرويز، خلال حديثه، أن هناك العديد من المؤشرات التي توضح أن المجتمع المصري يتجه في هذا الطريق بسرعة كبيرة يغذيها السوشيال ميديا والإعلام من خلال الدراما والمسلسلات التي تنشر الجرائم وتغرس روح وحب الانتقام والقتل والبلطجة وتعدد الزوجات والخيانة وغيرها من الأمور التي تتسبب في تكوين خلفية ذهنية لدى الشخص يعود لاستراجها كلما تطلب الأمر لذلك.

ونوه استشاري الطب النفسي، أنه عندما تحدث مشكلة بسيطة يمكن أن يستدعى ذلك لدى الزوج أو الزوجة فكرة القتل كما شاهدوا في المسلسلات وكما يتم تصديره بالمجتمع المصري، مؤكدا أن كل هذه الأمور ستزيد بشدة في المستقبل ويجب استرجاع ثقافة مصر النهرية التي تقوم على الحب والخير والسلام ولكنها تحتاج عمليات نفسية وخطة ممنهجة لاسترجاع القيم والأخلاق.

وناشد استشاري الطب النفسي بضرورة التوقف لوضع حلول قاطعة من مختلف الوزارات مشددا أن الأمر يحتاج قرار رئاسي بوضع خطط من كل الجهات المعنية ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني للتدخل من “ثقافة- تربية وتعليم- جامعات- الأزهر- الكنائس- وغيرها” ولا يجب الاعتماد على وعي الشعب معلقا “لو اعتمدت على وعي الشعب البلد هتتحرق".

وعن جدوى الخطة وموعد أن تؤتى بثمارها، أوضح أنه أمامنا 7 - 8 سنوات منذ بداية تفعيل الخطة لاسترجاع الأمور إلى وضعها الصحيح ونشر القيم مرة أخرى لافتا إلى أن هناك بعض الجمعيات الأهلية حاولت ولكنها فشلت فشل ذريع، فهو عمل قومي غير فردي ونتحدث عنه منذ سنوات بعيدة ولا يمكن عمله في محافظة وترك أخرى يجب أن يتم على مستوى محافظات الجمهورية لأن كل محافظة بها 11 مدينة وأكثر والقاهرة بها 35 قسم شرطة أي أن الأمر خطير وليس بالأمر السهل واليسير لأنها تقوم على عمليات نفسية مثل ما تمت في حلايب وشلاتين في عام 1998 ونجحت آنذاك فيجب تغيير وجدان وثقافة المواطن لأن المؤشرات جميعها سلبية.

الطلاق في مصر يتصاعد

بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر تظهر بأن عدد حالات الطلاق سجل زيادة كبيرة على أساس سنوي في 2021، وذلك مقابل زيادة طفيفة في عدد حالات الزواج خلال الفترة نفسها، وهو ما قال محللون إنه يرجع بشكل رئيسي إلى تنامي الضغوط الاقتصادية حيث وصل عدد حالات الطلاق العام الماضي بلغ 254777 مقابل 222036 حالة في 2020، بزيادة سنوية 14.7%.