الأعباء الضريبية ومديونيات الشركات المصرية بوابة الدول الخليجية للاستحواذ في مصر

ذات مصر

توقع عدد كبير من رجال المال والأعمال فى مصر زيادة كبيرة فى عمليات الاستحواذ للشركات الإماراتية وشركات «المالتي ناشونال» على الشركات  المصرية، لتقود موجة شرائية كبرى ليس للشركة التى أعلنت عنها الدولة المصرية وعددها 40 شركة، لكن للشركات التي تراكمت عليها الديون بسبب الضرائب وسوء الأحوال الاقتصادية.

وأرجعت المصادر الأسباب إلى الأعباء الضريبية و ضبابية سعر الصرف وتوقف عجلة الإنتاج، كما أن عمليات الشراء سيكون بثمن بخس خاصة بعد تدهور قيمة الجنيه، الذى خسر أكثر من 65% من قيمته خلال العامين الماضيين.

وتأتى فى المرتبة الأولى لهذه الاستحواذات دولة الإمارات وبعدها السعودية بالإضافة إلى بعض الدول الأجنبية وفقا لمصادر مطلعة.

ورصد صندوق الثروة السيادية في أبو ظبى 3.1 مليار دولار للاستحواذ على حصص فى بعض الشركات المدرجة فى البورصة المصرية من الحكومة.

حاول بنك أبو ظبي الأول تحقيق ما كان يمكن أن يكون أهم صفقة استحواذ في قطاع الخدمات المالية في مصر منذ سنوات: في فبراير، عرض البنك الإماراتي الاستحواذ على حصة أغلبية في المجموعة المالية هيرميس في صفقة كانت ستقدر قيمة المجموعة بنحو 18.5 مليار جنيه  قبل أن يسحب العرض بعد شهرين إثر تقلبات الأسواق العالمية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

بزيادة نفوذها بشكل كبير في الاقتصاد المصري مع المساعدة في دعم المعروض المتضائل من النقد الأجنبي في البلاد، بالإضافة إلى إيداع 10 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، ضخ صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي «الشركة القابضة أيه دي كيو» وصندوق الاستثمارات العامة السعودي نحو 3.1 مليار دولار للاستحواذ على حصص أقلية كبيرة في بعض أقوى الشركات المدرجة في البورصة المصرية من الحكومة.

يمتلك الصندوقان معا ما يقرب من نصف أكبر شركتين للأسمدة في مصر: تمتلك القابضة «أيه دي كيو» وصندوق الاستثمارات العامة السعودي  41.5% من شركة أبو قير للأسمدة و45% من شركة مصر لإنتاج الأسمدة (موبكو).

كان القطاع المالي أيضا أحد أكبر أهدافها: أصبحت القابضة أيه دي كيو أكبر مساهم مستقل في البنك التجاري الدولي، أكبر بنوك القطاع الخاص في البلاد، وشركة فوري الرائدة في مجال التكنولوجيا المالية. اشترى الصندوق حصة 17.2% في البنك التجاري الدولي مقابل 911.5 مليون دولار و11.8% من فوري مقابل 55 مليون دولار تقريبا. وفي الوقت نفسه، استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على حصة 25% في إي فاينانس الحكومية،  كما تم الاستحواذ الكامل على المصرف المتحد.

استحواذات صندوق الاستثمارات العامة
زاد صندوق الاستثمارات العامة من حضوره في قطاع الأدوية في مصر من خلال الاستحواذ على 4.7% من شركة المصرية الدولية للصناعات الدوائية (إيبيكو) وزيادة حصته من شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية (راميدا) ليصبح ثاني أكبر مساهم في الشركة. كما استحوذ على 34% من شركة «بي تك»، المتخصصة في تجارة التجزئة وتوزيع الأجهزة المنزلية والإلكترونية مقابل مبلغ لم يكشف عنه، بينما أكملت القابضة إيه دي كيو الاستحواذ على حصة حاكمة في مجموعة عوف للأغذية الصحية المالكة لعلامة أبو عوف التجارية الغذائية الشهيرة.

ودخل صندوق الاستثمارات العامة، إلى جانب صناديق أخرى لم يكشف عنها، إلى قطاع التعليم من خلال الاستحواذ على حصة 15% في سيرا للتعليم.

وتستمر المحاولات في القطاع العقاري، حيث استحوذت القابضة أيه دي كيو، جنبا إلى جنب مع شركة العقارات الإماراتية العملاقة «الدار العقارية» على شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك) في أواخر عام 2021. في ظل مساهميها الجدد، تحركت سوديك – وهي بالفعل واحدة من المطورين الرائدين في مصر – لتوسيع بصمتها هذا العام. بعد فشلها في محاولة للاستحواذ على شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير في الصيف، قدم المطور مؤخرا عرضا مبدئيا للاستحواذ على 100% من أوراسكوم العقارية ويجري حاليا الفحص النافي للجهالة على الشركة.

توفير العملة الصعبة 

وفيما يتعلق بالموانئ فقد تم الاستحواذ على  الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع مملوكة الآن لأغلبية من صناديق الثروة الخليجية بعد أن وافقت مؤسسات الدولة على بيع حصصها لتوفير سيولة من العملة الصعبة للبلاد، واستحوذت القابضة أيه دي كيو على ثلث الشركة المدرجة في البورصة المصرية مقابل 186.1 مليون دولار.

فيما اقتنص صندوق الاستثمارات العامة السعودي  بعد أربعة أشهر  حصة 20% مقابل نحو 156.3 مليون دولار. فيما تم الاستحواذ على شركات الشحن الرائدة في القطاع الخاص في البلاد والمملوكة الآن لشركة موانئ أبو ظبي التابعة للقابضة أيه دي كيو: دفعت موانئ أبو ظبي، التي تمتلك القابضة أيه دي كيو حصة الأغلبية فيها، 140 مليون دولار لشراء حصة 70% من شركة الشحن والخدمات اللوجستية المصرية إنترناشونال أسوسييتيد كارجو كارير (أي أيه سي سي)، وهي شركة استثمار مصرية تمتلك شركتين محليتين للخدمات اللوجستية البحرية: شركة ترانسمار، وهي خط شحن مقره مصر، ومشغل المحطات ترانسكارجو الدولية (تي سي أي).

تعطش الصناديق الخليجية للأصول المصرية 

ليست صناديق الثروة الخليجية وحدها هي المتعطشة للأصول المصرية: فقد أجرى العديد من الجهات الفاعلة في القطاع الخاص من السعودية والإمارات صفقات استحواذ كبيرة هذا العام. باتت كل من الشركة المصرية البلجيكية للاستثمارات الصناعية – المصنعة لمنتجات المخبوزات والكرواسون التي تحمل العلامة التجارية «أوليه» – وجيزة سيستمز في أيدي السعودية. من القطاع الخاص الإماراتي، استحوذت شركة الأصباغ الوطنية القابضة الإماراتية  على شركة البويات والصناعات الكيماوية (باكين) المدرجة في البورصة المصرية، والتي تمتلك مؤسسات وبنوك حكومية أكثر من نصفها، بينما اشترت شركة ريمكو للاستثمارات 3% من شركة ايديتا الرائدة في صناعة الوجبات الخفيفة.

عرضت ذراع التوزيع لشركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) الاستحواذ على نصف شركة توتال إنرجيز مصر، وهي واحدة من أكبر مشغلي محطات بيع الوقود في البلاد.

كانت إحدى المجموعات الاستثمارية الإماراتية غير الحكومية نشطة بشكل خاص في مصر هذا العام: استحوذت شيميرا للاستثمارات على 56% من بلتون المالية القابضة مقابل 384.8 مليون جنيه (20.3 مليون دولار) في يوليو، وتبعها شراء حصة 22% في «إم إن تي إنفستمنتس الهولندية» المملوكة بحصة أغلبية من قبل شركة جي بي كابيتال للاستثمارات المالية. كما وافقت شركة جي بي أوتو التابعة هذا الشهر على بيع حصة 45% في جي بي للتأجير التمويلي لشركة الاستثمار الإماراتية، وهي صفقة قد تكتمل قبل نهاية العام إذا وافق عليها مجلس إدارة جي بي أوتو.

الدور القطري

لم تغب قطر عن المشهد: كان أحد العوامل الرئيسية التي حفزت مصر على التقارب مع خصمها الإقليمي السابق هو البحث عن استثمارات أجنبية مباشرة جديدة، وكانت الدوحة سعيدة للغاية للدخول في محادثات للحصول على حصص في الشركات المصرية، قاد المناقشات على الجانب القطري جهاز قطر للاستثمار – صندوق الثروة السيادية في البلاد – الذي ورد أنه يدرس إنفاق ما يصل إلى 2.5 مليار دولار لشراء حصص مملوكة للحكومة في عدد من الشركات بما في ذلك فودافون مصر.

إيداع جهاز قطر للاستثمار مليار دولار لدى البنك المركزي المصري كوديعة مؤقتة حتى يتم الانتهاء من الاتفاقات. رفع هذا المبلغ قيمة الودائع القطرية لدى المركزي المصري في عام 2022 إلى 4 مليارات دولار بعد تحويل أولي بقيمة 3 مليارات دولار في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي سببتها الحرب في أوكرانيا. كما تعهدت الدوحة في مارس باستثمار 5 مليارات دولار في مصر استجابة للأزمة.

ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على صندوق الثروة السيادية فحسب: فقد صارت شركة «بلدنا» القطرية لصناعة الألبان ثالث أكبر مساهم في جهينة بسلسلة من صفقات شراء الأسهم خلال العام الذي شهد استحواذها على أكثر من 10% من الشركة.

فاليو في فورة دمج واستحواذ: بدأت منصة فاليو للشراء الآن والدفع لاحقا، التابعة للمجموعة المالية هيرميس، توسعها في المملكة العربية السعودية بالإعلان عن شراكة مع عائلة الحكير. في يونيو، قالت الشركات إن فاليو وافقت على شراء 35% من شركة الخدمات المالية غير المصرفية السعودية الجديدة فاس للتمويل من فاس لابس المملوكة جزئيا لعائلة الحكير السعودية، بينما سيشتري أبناء عبد العزيز الحكير الثلاثة حصة 5% في فاليو. ثم مضت فاليو قدما بالاستحواذ بالكامل على منصة الرواتب الرقمية "باي ناس" في أغسطس واقتناص حصة أقلية في تطبيق التكنولوجيا المالية كيوي لحلول الدفع الاجتماعي في أكتوبر، بالإضافة إلى الاستثمار في منصة التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هودز. يبدو أن عام 2023 لن يختلف كثيرا بالنسبة للشركة بعد أن أعلنت هذا الشهر أنها ستنفق 25 مليون دولار في صفقات استحواذ جديدة وطرح منتجات جديدة.