مخاطر الزيادة السكانية على التنمية.. كيف نتعامل مع الأزمة؟ وحلول مقترحة

الزيادة السكانية
الزيادة السكانية

تعتبر الزيادة السكانية خطرًا على الدولة في حالة إذا كانت تمثل ضغطا على مواردها مع تباطؤ معدلات التنمية الأمر الذي يجب فيه سرعة التدخل بوضع مزيد من الخطط للتغلب على آثارها السلبية ودفع عجلة الإنتاج لعمل التوازن المطلوب خاصة أننا وصلنا منذ أيام قليلة من يونيو الجاري إلى 105 مليون نسمة.

 

تعداد السكان


تشير الاحصائيات السكانية إلى أن عدد سكان مصر كان في عام 1800 نحو 5.2 مليون، ووصل إلى 5 ملايين عام 1850 وفي ظل الزيادة السكانية تضاعف العدد من 20 مليون عام 1950 إلى 40 مليون عام 1978، وفي عام 2005 نحو 70 مليون نسمة، إلى أن بلغ عدد سكان مصر في الداخل 87.9 مليون نسمة في عام 2015.

 

وفي عام 2016 وصل عدد السكان إلى 92 مليون نسمة، في حين وصلوا 94.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد 2017، وفي بداية عام 2018 وصل عدد السكان إلى 96.3 مليون نسمة، وفي عام 2019 وصلوا إلى 98 مليون نسمة، أما عام 2020 فوصلوا  100 مليون نسمة في الداخل، وفي عام 2021 وصل إلى 102 مليون نسمة، وفي أكتوبر 2022 سجل عدد سكان مصر 104 ملايين نسمة بالداخل لتكون في المرتبة الأولى عربيًا.

 

وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، سجلت مصر الربع مليون نسمة الأول بعد الـ 104 ملايين بالداخل في يوم 26 نوفمبر من العام الماضي أي خلال 56 يومًا وزادت ربع مليون نسمة ثاني في يوم 24 يناير من العام الجاري أي خلال 59 يومًا وتحتل مصر المرتبة الثالثة إفريقيا من حيث عدد السكان، والمركز الرابع عشر عالميا.

 

القاهرة على رأس أعلى 10 محافظات في الكثافة السكانية

كما تعد محافظة القاهرة على رأس قائمة أعلى 10 محافظات من حيث عدد السكان، حيث بلغ عدد سكانها 10.2 مليون نسمة وتأتي محافظة الجيزة في المرتبة الثانية 9.5 مليون نسمة، ثم الشرقية 7.9 مليون نسمة، ثم الدقهلية 7 ملايين نسمة، في حين أن جنوب سيناء أقل المحافظات في عدد السكان بواقع 114.8 ألف نسمة.

 

10 ألاف طفل كل 40 ساعة

ومن جانبه كشف الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان، عن ولادة حوالي 10 آلاف طفل جديد في مصر كل 40 ساعة مما يكلف الدولة مبالغ باهظة حتى توفر لهم احتياجاتهم الخاصة من أطقم طبية ووحدات رعاية صحية وفصول دراسية وجامعية وتطعيمات.

 

وأكد وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار، على حاجة حوالي 10 آلاف طفل جديد بشكل يومي وليس بشكل سنوي إلى حوالي 58 مليون جنيه تكلفة الطواقم الطبية، ووحدات رعاية صحية بتكلفة 27 مليون جنيه، وفصول دراسية بحوالي 87 مليون جنيه، وتطعيمات بحوالي 6.8مليون جنيه سنويا التي تكلف الدولة حوالي 2.7 مليار جنيه بشكل سنوي لكافة الأطفال في مصر.

 


التأثيرات السلبية للزيادة السكانية

 

وكشف خبراء عن التأثيرات السلبية للزيادة السكانية، حيث تؤثر على قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة وزيادة نفقات الدولة على الخدمات، وانتشار ظاهرة البطالة، والانخفاض في نسبة الأجور فى القطاع العام والخاص، وارتفاع أسعار الوحدات السكنية والزحف العمراني على الأراضى الزراعية، واختلالات في النظام المجتمعي في الدولة.

وأيضا ظهور الجريمة وانتشارها بسبب تفشى البطالة وقلة فرص العمل، وزيادة المخصصات العامة للإنفاق على الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والمواصلات والإسكان والحماية الاجتماعية والأمن على حساب الإنفاق الرأسمالي على المشروعات التنموية، وانخفاض المستوى المعيشي للأسر وزيادة وجود عمالة الأطفال، وانتشار العشوائيات وظاهرة الزواج المبكر، وينتج عنها الازدحام والضوضاء والتلوث بأشكاله المختلفة.

 

خطة الدولة في عامها الماضي للتغلب على المشكلة


وتواصل الحكومة في كل عام مالي جهودها تجاه تلك الأزمة، ففي خطة الدولة للعام المالي 2022  وضعت محاور وإجراءات جديدة لمواجهة الزيادة السكانية، وذلك من خلال 5 تدخلات تنوي الحكومة المضي قدمًا بها، تتمثل في تدخل إعلامي وتعليمي، وتدخل رقمي، وتدخل خدمي، وتدخل اقتصادي، وتدخل تشريعي.

 

خبراء اقتصاد: يجب وضع حلول فعلية واقعية

في البداية، أوضح الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، أنه عند الحديث عن الزيادة السكانية وكيفية الإستفادة منها لمنع أن تعيق معدلات التنمية يجب النظر للشباب وتوفير فرص استثمارية وضخ مزيد من التيسيرات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوافر آلية جديدة لجذب المستثمرين سواء المصريين أو الأجانب.

بالإضافة إلى أهمية عودة الاستفادة مرة أخرى من طاقة الريف الذي كانا منتجًا وأصبح مستهلكا بصورة كبيرة جد، وعقب قائلا: "الريف كان بيدعم كل المحافظات بالمنتجات دلوقتي بقى بيستهلك بس".

 

خالد الشافعي: يجب الاستفادة من الشباب لدفع معدلات التنمية

وأضاف “الشافعي” في تصريحات خاصة لموقع "ذات مصر"، إن الشباب في الريف 60% من إجمالي الشباب في مصر ويكتب الاهتمام بالتركيبة السكانية ووضع حلول واجراءات للاستفادة المثلى منها وتغيير أسلوب التعامل واتخاذ خطوات جادة فالحكومة دورها عمل التوازن وإعادة تمثيل كل الفئات من التنمية فليس ينبغي أن يتم جزء منه في محافظة فقط ولكن ينبغي أن يكون في كل المحافظات والاستثمار في الشباب والصحة وعمل تجانس.

وتابع “الشافعي” خلال حديثه، أنه لكي يتم تحقيق التنمية المستدامة يجب زيادة الدخول والناتج الإجمالي وعمل طفرة اقتصادية حتى لا تكون الزيادة السكانية آكلة وطاردة لكل معدلات التنمية فيجب وضع حلول يمكن تنفيذها فالمشكلة ليست في الخطط فقط ولكن الإدارة الفعلية في الواقع، خاصة أن معدلات الطلاق ارتفعت فيمكن أن تقل الزيادة السكانية بسبب هذا العامل وليس بسبب الخطط الموضوعة لمواجهة خطر الزيادة السكانية، وبالتالي يجب وضع حلول فعلية ورؤية كل جوانب المشكلة.

 

خبيرة: يمكن استغلال الزيادة السكانية لنكون أكبر دولة اقتصادية


من جانبها، علقت الدكتور هدى الملاح، خبيرة دراسات جدوى، ومدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، أن الزيادة السكانية يمكن أن تستغل بشكل جيد وتكون ثروة بشرية ولكن إذا تم مناقشة القضية السكانية ووضع حلول لمواجهتها حيث أن زيادة السكان تؤثر على عملية التنمية ولكن في ظل وجود تعليم وصحة بشكل جيد المجتمع مع توفير الموارد اللازمة يمكن أن نصبح حينها أكبر دولة اقتصادية.

 

وأشارت “الملاح” في تصريحات خاصة لـ موقع "ذات مصر"، إلى أنه لا يمكن النظر لها فقط كمعوق للتنمية حيث يمكن عمل مشروعات صغيرة حتى يتم الاستفادة من الثروة البشرية الموجودة لدفع عجلة الإنتاج، موضحة أن الزيادة السكانية تعطل عجلة الإنتاج ولكن في حالة وجود تعليم وصحة جيد ستكون أكبر محور للتقدم اقتصاديًا.

 

تحديات الزيادة السكانية


وكشف تقرير أعدته مؤسسة "ماعت" أن هناك العديد من الآثار السلبية التي تسببها الزيادة السكانية في مصر على المواطن وتؤثر بشكل كبير على قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة، وأنها تمثل تحديا وعقبة أمام الدولة، خاصة لأنها تعطل مسار التنمية، وهناك إرادة قوية لدى الحكومة لضبط النمو السكاني، الذى يشكل ضغطا كبيرا على موارد وميزانية الدولة، ما يضمن نجاح خطة جديدة لمواجهة هذا التحدي.

 

تعامل الدولة في خطتها لمواجهة خطر الزيادة السكانية

وجهت خطة التنمة للعام المالي الجديد 2023- 2024 العناية بأهمية تبنّي البرامج الرامية إلى توسيع نطاق خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية والتوعية بخطورة الزيادات السكانية وتعزيز القدرات المؤسسية لإدارة القضية السكانية بأبعادها الـمختلفة في إطار المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية.

والعمل على عدد من المحاور يتعلّق أوّلها بتحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة وتتمثل هذه المحاور في إتاحة وسائل تنظيم الأسرة بالمجان للكافة.
والتدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي لتنمية الوعي بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للقضية السكانية، والتحول الرقمي للوصول الذكي للفئات المستهدفة، والتدخل التشريعي لوضع إطار قانوني وتنظيمي حاكم للسياسات المتخذة لضبط النمو السكاني.
 

وجه الاختلاف بين خطة العام الجاري والماضي لمواجهة زيادة السكان


وتعتبر هذه الخطة نفس الخطة الموضوعة العام الماضي 2022 - 2023 ولكن بإضافة طرح مُبادرة حوافز تميز الأداء في إدارة القضية السكانية على مستوى الـمُحافظات بتمويل يصل إلى 1.5 مليار جنيه بهدف الارتقاء بخصائص الأسرة وضبط مُعدّلات النمو السكاني، واسترشادًا بمُعدّلات الأداء في إدارة القضية السكانية، في ضوء الـمحاور وآليات العمل سالفة الذكر.

 

1000 جنيه لكل سيدة متزوجة لديها طفلين فقط

وكشفت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أنه يتم العمل لضبط النمو السكاني، والارتقاء بالخصائص السكانية، ويشمل عدة محاور تتضمن التمكين الاقتصادي، والتدخل الخدمي، والتدخل الثقافي والتوعوي والتعليمي، والتحول الرقمي، والتدخل التشريعي.

وأوضحت وزيرة التخطيط، أنه يتم متابعة الموقف التنفيذي لمشروع تنمية الأسرة المصرية، وتحقيق أهداف المشروع من خلال تحفيز التزام السيدات بين السن 21 و 45 عاما، بمحددات وشروط المشروع؛ من أجل تحقيق أهدافه في ضبط النمو السكاني والمتابعة الدورية بمكاتب الصحة، مما ينعكس إيجابا على صحة السيدات والأطفال، ومواجهة تحديات الزيادة السكانية.

وستتولى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية القيام بعدة إجراءات تتمثل في السماح في الاشتراك بالمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية للسيدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 21 و45 عاما كحد أقصى، مع القيام بالمتابعة الدورية لالتزام السيدات بشروط المشروع، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقق من ذلك، علاوة على تكوين قاعدة بيانات خاصة بالمشروع يتم تحديثها بشكل دوريّ، كما تلتزم الوزارة بإمداد وزارة المالية دوريًا بكل البيانات والإحصاءات بشأن السيدات المستهدفات من خلال المشروع، ومدى التزامهن واستحقاقهن لهذه الحوافز.

 

وأوضح الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أنّه وفقا لما نص عليه البروتوكول فستقوم الوزارة بإنشاء حساب لصالح المشروع القومي، ضمن حساب الخزانة الموحد، ويحمل رقما محددا ويسمى “حساب المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية”، ويصدر على هذا الحساب سندات أو وثائق حكومية بمستحقات السيدات الملتزمات بشروطه، على أن يتم الصرف من خلال الآلية التي يتفق عليها الطرفان في إطار المشروع، وستدخر الوزارة 1000 جنيه سنويا لكل سيدة متزوجة لديها طفلان بحد أقصى، ويستحق المبلغ المتراكم لها ببلوغها سن 45 عاما، شرط التزامها بجميع شروط المشروع والمتابعة الدورية، ويسقط حقها في المطالبة بأي مبالغ مالية في حال إنجابها الطفل الثالث، موضحا أنّه سيتم حساب المبلغ المتراكم والمستحق لكل سيدة متزوجة لديها طفلان على أساس سنها وقت الاشتراك في البرنامج، وفقا لعدة محددات.


تأثير الزيادة السكانية على الصحة 


وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته في فعاليات المؤتمر والمعرض الطبي الأفريقي الثاني "صحة أفريقيا Africa Health ExCon" إنه في مصر حوالي 105 ملايين شخص ونحتاج لمضاعفة عدد الأسرة والمستشفيات لمواكبة الزيادة المستمرة في السكان، مشيرا إلى أننا نستطيع تحسين القدرات المتواضعة لإفريقيا في المجال الطبي من خلال التعاون بين الدول.