بعد 7 سنوات "تحكيم دولي": مصر تنتصر على شركتين إسبانيتين!

ذات مصر
  بعد 7 سنوات من إجراءات التقاضي، أصدر المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي، حكمه برفض دعوى التحكيم الدولي التي أقامتها شركتا "سيمنتوس لايونيون" و"أريدوس جاتيفا" للحصول على تعويضات من الحكومة المصرية قُدرت بنحو 236 مليون دولار بما يعادل 4.3 مليار جنيه مصري. كانت الشركتان الإسبانيتان تقدمتا بدعوى التحكيم من أجل الحصول على تعويضات، بزعم إخفاق السلطات المصرية في إمدادهما بالكميات الكافية من الغاز الطبيعي والكهرباء لمصنع الإسمنت التابع لهما، والذي كان من المقرر افتتاحه في مصر. وزعمتا أيضا أن الحكومة المصرية طالبت شركة العربية للإسمنت، التي تمتلك فيها سيمنتوس حصة 60% من الأسهم، بسداد رسوم باهظة للحصول على التراخيص اللازمة وأيضًا لتزويدها بالكهرباء. ويتضمن النزاع حول رسوم التراخيص -التي تعود لعام 2008 أيضًا- دعاوى قضائية لا تزال قائمة أمام المحاكم المصرية. [caption id="" align="aligncenter" width="1280"] شركة العربية للإسمنت[/caption]

التزام دستوري

ويُوضح الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنوفية، قانونية لجوء الشركتين الإسبانيتين أو غيرهما من الشركات المستثمرة في مصر إلى التحكيم الدولي، بقوله إن الدستور المصري الصادر في 2014، نص في المادة 93 منه على التزام الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تُصدق عليها مصر، بحيث تُصبح لها قوة القانون بعد نشرها، وفقاً للأوضاع المقررة. [caption id="" align="aligncenter" width="679"] الدكتور فؤاد عبد النبي[/caption] ووقعت الحكومة المصرية نحو 100 اتفاقية استثمار ثنائية، منذ أن بدأت برنامج الإصلاح الاقتصادي والتعديل الهيكلي الذي وقعته الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي في عام 1991، من بينها اتفاقية الاستثمار الثنائية  مع إسبانيا عام 1992، والتي كفلت كغيرها من الاتفاقيات ما يسمى "حق المعاملة العادلة والمنصفة".
اتفاقيات الاستثمار الثنائية BITs هي اتفاقيات تُعقَد بين دولتين من أجل توفير ضمانات وامتيازات للمستثمرين، تهدف إلى حماية استثمارات الشركات التابعة إلى كل دولة في أراضي الأخرى. وتتضمن تلك الاتفاقيات ضمان حق اللجوء إلى التحكيم الدولي كشرط أساسي للتوقيع عليها ووسيلة وحيدة لحل المنازعات التي تنشأ بين المستثمر والدولة.

المركز الدولي لتسوية المنازعات

ويقول عبد النبي لـ"ذات مصر"، إن الاتفاقية الثنائية بين مصر وإسبانيا ذات طابع دولي، وبالتالي فإن مصر ملزمة بها، ولا يمكن التنصل منها، احترامًا للأعراف والتقاليد الدولية السارية بين الدول، لافتًا إلى أن هذه النصوص موجودة في الدساتير المصرية منذ دستور 1971 وحتى دستور 2014. ويُضيف  أنه "خلال ما قبل ثورة يناير/ كانون الثاني استطاع رجل أعمال لبناني أن يحصل على حكم من المركز الدولي لتسوية المنازعات، تسبب في دفع الحكومة المصرية غرامة ضخمة، لذا فإن رفض الدعوى وإنهاءها يعدّ انتصارًا لمصر". [caption id="" align="aligncenter" width="512"] هيئة قضايا الدولة[/caption]

نصر مصري

إلى ذلك، تعتبر هيئة قضايا الدولة المصرية الحكم بمثابة انتصارًا  لها، كونها جنبت الحكومة دفع نحو 4.3 مليار جنيه مصري تعويضات طلبتها الشركتان، بحسب بيان صادر عنها في نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي. وتُشير الهيئة إلى أن هذا الحكم هو  الثاني عشر الذي تحصل عليه قضايا الدولة لصالح الحكومة المصرية في آخر 7 أعوام، في قضايا ومنازعات استثمارية دولية أمام المحاكم وهيئات التحكيم الدولية، مقدرةً إجمالي حجم المبالغ التي جُنِبت الحكومة المصرية دفعها نحو 6.2 مليار دولار، و2.4 مليار جنيه مصري، و410 مليون يورو، هي قيمة التعويضات في مجمل القضايا.
مصر في المركز الخامس على مستوى العالم من حيث عدد القضايا التي أُقيمت ضدها أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ICSID التابع للبنك الدولي، بعدد 32 قضية بعد الأرجنتين وفنزويلا وإسبانيا وجمهورية التشيك.

المركز الدولي لتسوية المنازعات- تقرير 2019

انتهاك لحقوق الدول النامية

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ترى في تقرير صادر عنها في سبتمبر/ أيلول 2018، أن التحكيم الدولي يُمثل شبكة مصالح معقدة تنحاز في الغالب للمُستثمرين، معتبرةً إياها صناعة ضخمة يسيطر عليها عدد محدود من المُحكمين الدوليين وشركات المحاماة، وتدر عليهم ملايين الدولارات عن طريق غرامات وتكاليف التقاضي التي تلتزم الحكومات بتسديدها. ويكشف التقرير أن شركات المحاماة وشركات المضاربة، تنتهز كل الفرص المُتاحة خلال الأزمات الاقتصادية والتحولات السياسية في البلدان، من أجل تحفيز المستثمرين لرفع دعاوى ضد الحكومات المأزومة والحكومات التي تُنفذ إصلاحات اقتصادية، مشيرةً إلى أن هذه الشركات لعبت دورًا في تقييد الحكومة المصرية وبعض حكومات الدول الأخرى مثل جنوب إفريقيا والأرجنتين، والضغط عليهم.

تايم لاين: إجراءات التقاضي بين مصر والشركات الإسبانية خلال 7 سنوات

نوفمبر/ تشرين الثاني 2013الشركة الإسبانية تُقيم دعوى في المركز الدولي لتسوية المنازعات. نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 يناير/ كانون الثاني : نوفمبر/ تشرين الثاني: 2014تعيين تشارلز بروير وفيليب ساندرز، وكريستر سودر لوند محكّمين للقضية. يناير/ كانون الثاني : نوفمبر/ تشرين الثاني: 2014 أغسطس/ آب 2015انعقاد الجلسة الأولى للمحاكمة. أغسطس/ آب 2015 يوليو/ تموز 2016تقدم كل من الحكومة المصرية والشركة الإسبانية مستنداتهما أمام المحكمة. يوليو/ تموز 2016 أغسطس/ آب 2017الشركة الإسبانية تقدم مستندات للرد على الحكومة المصرية. أغسطس/ آب 2017 مارس/ آذار 2019المحكمة تعقد اجتماعًا تنظيميًا قبل جلسة الاستماع. مارس/ آذار 2019 إبريل/ نيسان 2019عقد جلسة الاستماع في باريس. إبريل/ نيسان 2019 يونيو/ حزيران 2020إعلان المحكمة غلق الدعوى وفقًا لقاعدة التحكيم الدولي رقم 38. يونيو/ حزيران 2020 أكتوبر/ تشرين الأول 2020المحكمة تُصدر حكمها بإنهاء الدعوى ورفض طلب الشركة الإسبانية. أكتوبر/ تشرين الأول 2020 المصدر: المركز الدولي لتسوية المنازعات