رأينا ما يكفي من الأكاذيب:هل يُصلح "أودريان" ما أفسده ماكرون؟
لا تزال تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن تمسك بلاده بالرسوم الساخرة عن النبي محمد التي تنشرها مجلة شارلي إيبدو، تُلقي بظلالها على المشهد السياسي العالمي، خصوصًا في ظل زيارة وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، قبل يومين إلى القاهرة والتي التقى فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، وشيخ الأزهر أحمد الطيب.
الزيارة رغم أنها تناولت عدة قضايا ذات اهتمام مشترك بين البلدين منها الملف الليبي على سبيل المثال، فإن السمة الأبرز فيها كانت الحديث حول أساليب مواجهة التطرف وإعلاء قيم التسامح ورفض المساس بالرموز الدينية، في إِشارة ليست خفية إلى الأزمة المُثارة على خلفية تصريحات ماكرون، وهو ما يرجح أن باريس ربما شعرت أن تراجع الرئيس الفرنسي عن كلماته التي صنفتها دول إسلامية عدة بأنها "مُسيئة"، لم يكن كافيًا لتصحيح الصورة التي ترسخت في ذهن الكثيرين عن تعمد فرنسا الإساءة إلى الرموز الدينية.
[caption id="" align="aligncenter" width="1000"] شكري ولودريان[/caption]
تهدئة
في أعقاب الهجوم الذي طال ماكرون من جراء تصريحاته، لم يجد الرئيس الفرنسي إلا أن يرد بتصريحات تنافي ما تبناه سابقًا كنوع من تهدئة الرأي العام في الدول الإسلامية، في خطوة وصفها البعض بأنها تراجع عن موقفه السابق، إذ دافع ماكرون عن نفسه خلال حديث خص به قناة "الجزيرة" القطرية نهاية الشهر الماضي، قائلًا: "الرسوم المسيئة ليست مشروعًا حكوميًّا، بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة، وردود الفعل كان مردها الأكاذيب وتحريف كلامي، ولأن الناس فهموا أننى مؤيد لهذه الرسوم". وتعمد ماكرون أن يغرد بالعربية في تدوينة عبر تويتر مصحوبة بمقطع من اللقاء قال فيها: "رأيت الكثير من الأكاذيب، وأريد أن أوضّح ما يلي: ما نقوم به حاليًّا في فرنسا هو مكافحة الإرهاب الذي يُرتكب باسم الإسلام، وليس الإسلام بحدّ ذاته. وقد أودى هذا الإرهاب بحياة أكثر من 300 شخص من مواطنينا"، كما طالب ماكرون بوقف حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية في بعض الدول العربية.وبدت التغريدة متناسبة مع السياق الذي تحدث فيه الرئيس السيسي خلال لقاء وزير الخارجية الفرنسي، عن الحاجة الملحة لتضافر جميع الجهود، لإعلاء قيم التعايش والتسامح بين الأديان كافة، ومد جسور التفاهم والإخاء، وعدم المساس بالرموز الدينية، وكذلك شيخ الأزهر الذي أكد رفض وصف الإرهاب بالإسلامي وكذلك الإساءة للنبي محمد التي لن تقابل إلا باللجوء إلى المحاكم الدولية، وفق قوله، وهو ما رد عليه وزير خارجية فرنسا بأن بلاده تحترم وتقدر الأديان كافة، وتكنّ احترامًا كبيرًا للدين الإسلامي، وأن المسلمين الفرنسيين هم جزء من فرنسا.رأيت الكثير من الأكاذيب، وأريد أن أوضّح ما يلي: إنّ ما نقوم به حالياً في فرنسا هو مكافحة الإرهاب الذي يُرتكب باسم الإسلام، وليس الإسلام بحدّ ذاته. وقد أودى هذا الإرهاب بحياة أكثر من 300 شخص من مواطنينا. pic.twitter.com/vfpyb4wiyL
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) October 31, 2020