5+5 في سرت.. و75 ليبيًا في تونس: فُرقاء في الشرق.. و"إخوان" في الغرب

ذات مصر
  لا يزال الفرقاء في ملتقى الحوار السياسي الليبي المنعقد في تونس يتشاورون لليوم الرابع على التوالي، من أجل التوصل إلى اتفاق لتوحيد السلطة التنفيذية، بوتيرة إيجابية وعالية، وفق ما ذكرت الصفحة الرسمية لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على فيس بوك.

ويشارك في ملتقى الحوار الليبي الذي انطلق في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني في ضاحية قمرت قرب العاصمة التونسية،75  شخصية ليبية تحت شعار "ليبيا أولاً"، اختارتهم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، من مختلف المكونات الرئيسة للشعب، بشرط عدم توليهم أية مناصب تنفيذية لاحقًا.

ويناقش الممثلون عن فرقاء النزاع الليبي مسودة خارطة طريق تقدم بها وسطاء مفاوضون من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي تهدف إلى تنظيم انتخابات توافقية حرة، والتوصل إلى اتفاق سياسي في ضوء التفاهمات العسكرية الأخيرة بوقف إطلاق النار، إلى جانب تثبيت وقف طويل لإطلاق النار واختيار سلطة مؤقتة تدير مرحلة انتقالية قصيرة وتحديد المدة الزمنية للاستحقاقات الانتخابية وإنهاء الانقسام المؤسسي والفوضى الأمنية والإرهاب.

ومن المقرر أن يختار المشاركون في الملتقى الذي يُشرف عليه الرئيس التونسي، قيس سعيد، ورئيسة بعثة الأمم المتحدة بالإنابة ستيفاني ويليامز، رئيسًا جديدًا للمجلس الرئاسي ونائبين له ورئيسًا لحكومة وحدة وطنية، في إعادة هيكلة للسلطة التنفيذية. ورغم أن التشاورات خلال اجتماعات تونس تسير على نحو جيد، أشارت وسائل إعلام، اليوم الخميس 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، إلى أنباء عن وجود خلاف حول صلاحيات المجلس الرئاسي، وآلية اختياره، إلى جانب أحقيته في توقيع أو إلغاء اتفاقات سابقة بما فيها الاتفاقيات البحرية والعسكرية التي وقعها السراج مع الرئيس التركي أردوغان. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] مؤتمر الحوار الليبي في تونس[/caption]

توافقات

وبالتزامن مع ملتقى الحوار الليبي في تونس، تناقش اللجنة العسكرية 5+5 في اجتماعاتها في سرت (شرق طرابلس) عدة ملفات بينها سحب وتفكيك المجموعات المسلحة من خطوط التماس قرب مدينتي سرت ومصراتة إلى ما بعد منطقة بوقرين، وخروج العناصر الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وتشكيل الغرفتين الأمنيتين لتطبيق وقف إطلاق النار بالكامل بحسب اتفاق جنيف وغدامس، وفتح الطرق والمعابر الرئيسة التي تربط بين المدن الليبية. وناقشت اللجنة في اجتماعاتها، أمس الأربعاء، سحب  المرتزقة الأجانب ونزع الألغام والبدء بعودة القوات لمعسكراتها وفتح الطريق الساحلي، إلى جانب تشكيل اللجان المسؤولة عن الإشراف على خروج المرتزقة، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية عن عضو الوفاق باللجنة، مختار النقاصة. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] اللجنة العسكرية[/caption] وتم الاتفاق على تشكيل اللجنة العسكرية المشتركة "5 + 5" في مؤتمر برلين حول ليبيا في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وبموجب الاتفاق يجري اختيار 5 عسكريين من قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، و5 عسكريين آخرين من حكومة الوفاق الوطني بقيادة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، لتثبيت وقف إطلاق النار فى طرابلس وغرب ليبيا، والذى أُعلن فى يناير/كانون الثاني الماضي. وتسعى هذه الجهود إلى إنهاء الأزمة الليبية المتصاعدة منذ ما يقرب من عقد، والتي أدت إلى تشتت السلطة في ظل انقسامها بين حكومتين هما حكومة فايز السراج المعترف بها دوليًّا ومقرها العاصمة طرابلس، وحكومة عبد الله الثني ومقرها طبرق وتحظى بدعم خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي.

سيطرة إخوانية!

مُلتقى "قمرت"  الذي جاء بعد إعلان وقف إطلاق النار الشامل بين الجيش الوطني وميليشيات حكومة فايز السراج في ليبيا أواخر الشهر الماضي، واجه عدة انتقادات من ناشطين بسبب طغيان عناصر تنظيم الإخوان على المشاركين، وهو ما أكده الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الليبي، عبد الستار حتيتة، لـ"ذات مصر" إذ أشار إلى أن المشاركين في ملتقى الحوار الليبي في تونس غالبهم من المنتمين إلى اللوبي الإخواني القطري التركي، وهذا اللوبي يتعامل في الوقت الراهن على اعتبار أنه حقق انتصارًا على الجبهة الأخرى التي فيها الجيش الوطني الليبي. وفي تونس، يحاول هذا اللوبي أن يحصد ثمار ما يعتبره انتصارًا، ويسعى لأن يكون ملتقى حوار تونس سُلطة عليا أعلى من مجلس النواب، لتكون مرجعية لتشكيل المجلس الرئاسي والحكومة والقيادات في المؤسسات الكبيرة، وفق حتيتة، الذي يؤكد أن هذا التحول مهم وجدير بالاعتبار لدول المنطقة، لأن هذا اللوبي إذا سارت الأمور كما يريد له، ستكون لتمكُّنه تداعيات خطيرة على دول الجوار الليبي وعلى دول البحر المتوسط وأوروبا. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] حتيتة[/caption] وبنجاح هذا اللوبي خلال ملتقى الحوار، ستضاف سلطة جديدة إلى السلطات المتنازعة في ليبيا، ومن المستبعد أن يوافق الليبيون على تسليم بلادهم لجهة غير منتخبة تضم الكثير من قيادات جماعات الإخوان، كما أن بعضها ينتمي إلى تنظيم القاعدة، وفق ما أوردته الصحف الغربية، بحسب حتيتة. واعتبر المحامي والناشط الحقوقي الليبي، عصام التاجوري، في حديثه إلى "ذات مصر" أن اللقاء يدار بالكامل من البعثة الأممية في ليبيا، دون منح فرصة للحاضرين بالتواصل المجتمعي لأخذ المشورة الفنية، وهو ما يأتي في إطار إلزامهم بالتوقيع على تعهد بعدم التصريح الإعلامي ونشر المقترحات المقدمة من البعثة، وهو ما يعتبر أمر بعيد عن قواعد العمل الدبلوماسي ومنهجية الشفافية في الحوار السياسي. وأمس، نفت البعثة الأممية عبر صفحتها على فيس بوك صيغة اتفاق متداولة حول ما آلت إليه الاجتماعات     (حول الاستحقاقات الانتخابية وتشكيل المجلس الرئاسي وتوحيد القوات على الأرض في إطار جيش وطني)، وقالت: "احذروا التزوير والتضليل الذي يهدف إلى التشويش على مجريات ملتقى الحوار السياسي الليبي". ولذلك فإن ما يقال حول نتائج الاجتماعات مجرد تخمينات وتوقعات، لأن المعلومات حول ما أفضت إليه المباحثات داخل الملتقى حتى الآن شحيحة، وفق ما أوضح التاجوري.