قرارات "الأرض المحروقة".. ترامب يسلّم بايدن إدارة مفعمة بالألغام

  سياسة الأرض المحروقة".. يبدو أنها الطريقة التي يُطبقها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب تجاه خصمه، الرئيس الديمقراطي المنتخب جوزيف بايدن، الذي من المتوقع أن يتولى مقاليد الحكم في البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل. و"الأرض المحروقة" مصطلح سياسي يُطلق على من يحاول إحراق أي شيء قد يستفيد منه العدو عند التقدم أو التراجع في منطقة ما. فمنذ إعلان وسائل الإعلام الأمريكية فوز بايدن على ترامب في السباق الرئاسي، لم يتورع الأخير عن اتخاذ قرارات يُمكن أن تربك الإدارة الأمريكية الجديدة، ومن ذلك إقالته وزير الدفاع مارك إسبر، وما تبعه من قرار وشيك بانسحاب إضافي للقوات الأمريكية في أفغانستان والعراق، حسب ما أعلنت شبكة "سي إن إن" الأمريكية. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] ترامب[/caption]

انسحاب إضافي من أفغانستان

ويخطط البنتاجون لخفض عدد القوات الأمريكية إلى 2500 جندي في أفغانستان ومثلهم في العراق بحلول 15 يناير/ كانون الثاني 2021، لكن هذه الخطوة تتعارض مع توصيات قادة عسكريين قالوا إن الوضع الراهن لا يحتمل أي انسحابات إضافية. وكانت الولايات المتحدة أعلنت في سبتمبر/ أيلول الماضي خفض عدد قواتها الموجودة في أفغانستان من 5200 جندي إلى 3000، في حين يعارض مسؤولون عسكريون أمريكيون أي خفض إضافي للقوات الأمريكية هناك إلا بشروط، أهمهما قطع حركة "طالبان" علاقاتها مع تنظيم "القاعدة"، وإحراز تقدم في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية، وهما شرطان لم تَفِ بهما الحركة بعد.

ماذا فعل ترامب في البنتاجون؟

لم ينتظر ترامب كثيرًا، إذ قام بحملة تطهير ضد عدد من رجال وزارة الدفاع الأمريكية -على رأسهم مارك إسبر- الذين كانوا يدفعون نحو التراجع عن "انسحاب إضافي سابق لأوانه من أفغانستان". وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، أطلقت إدارة ترامب "تعديلاً دراماتيكيًّا" –طبقا لواشنطن بوست- على المستويات العليا في البنتاجون، بتنصيب 3 موالين للبيت الأبيض في أدوار مؤثرة، وذلك لقلب عملية صنع القرار في وزارة الدفاع، بعد أن رفض ترامب التنازل عما أسماه "فوزه بالانتخابات أمام جو بايدن". [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] ترامب مع أفراد الجيش الأمريكي[/caption] وبالإضافة إلى كريستوفر سي ميللر، الذي اختير لمنصب وزير الدفاع الجديد بالإنابة، فإن المسؤولين في المناصب الجديدة بوزارة الدفاع الأمريكية هما كاش باتيل، الموالي لترامب، وأنتوني ج. تاتا، الذي أثار ترشيحه لوكيل وزارة الدفاع للسياسة جدلاً واسعًا، خاصة بعد تغريداته التي تروّج لنظريات المؤامرة ووصفه الرئيس السابق باراك أوباما بـ"الإرهابي". وقد أطاح "ترامب" بجوزيف كيرنان من البنتاجون أيضا، وهو أميرال متقاعد من فئة 3 نجوم وضابط في البحرية الأمريكية شغل منصب وكيل وزارة الدفاع للمخابرات، وسيحل محله عزرا كوهين، 34 عامًا، الذي شغل مؤخرًا منصب القائم بأعمال مساعد وزير الدفاع للعمليات الخاصة والصراعات منخفضة الحدّة، وانضم سابقًا إلى إدارة ترامب كمدير لمجلس الأمن القومي في عهد مستشار الأمن القومي السابق، مايكل فلين.

قنبلة الحوثيين

يُعد تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية انتصارًا لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في إستراتيجيته المناهضة لإيران، فإدارة ترامب تسعى لإعلان جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، منظمة إرهابية، وذلك قبل مغادرة الرئيس ترامب منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، وهي خطوة يمكن أن تؤدي إلى تعطيل جهود المساعدات الدولية وتقويض جهود السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة بين الحركة الشيعية وبين الحكومة اليمنية، المدعومة من السعودية، طبقًا لمجلة "فورين بوليسي". [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] مايك بومبيو[/caption] وتعارض وزارة الدفاع الأمريكية قرار ترامب المرتقب بإعلان الحوثيين جماعة إرهابية، وهو أمر آخر يفسر لماذا أقدم ترامب على إقالة مارك إسبر فجأة، فمن شأن هذه الخطوة أن تزيد "محاصرة الرئيس الأمريكية الجديد بالأساس عندما يريد اتباع نهج مختلف للحرب في اليمن"، حسب جريجوري جونسن، الزميل غير المقيم في معهد بروكينجز. ويثير هذا التنصيف قلق الديمقراطيين في الكونجرس، الذين يعتبرون أن إعلان الحوثي منظمة إرهابية يمكن أن يقوّض محادثات السلام، الهشّة أصلاً، في اليمن الذي مزقته الحرب. ويقول السيناتور كريس مورفي، العضو الديمقراطي بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، عن ذلك إن أي تصنيف من هذا القبيل سيكون "محاولة واضحة من إدارة ترامب لعرقلة مفاوضات السلام المستقبلية".

هل يمكن إلغاء قرارات ترامب؟

يمكن للإدارة الأمريكية الجديدة إلغاء القرارات التي صدرت في عهد الرئيس ترامب، بحسب الدكتورة ليلى نقولا الرحباني، أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، والتي أضافت أن "بايدن لن يقف أمام إزالة تلك القرارات"، وترى بحسب حديثها إلى "ذات مصر" أن قرارات الرؤساء التنفيذية يمكن إلغاؤها وإزالتها بقرارات تنفيذية أخرى، بخلاف القرارت التي يصدرها الكونجرس الأمريكي بغُرفتيه، الشيوخ والنواب، والتي لا يحق للرئيس إلغاؤها. [caption id="" align="aligncenter" width="800"] الدكتورة ليلى نقولا[/caption] وتشير نقولا إلى أن كل ما يهدف إليه ترامب من قراراته الصادرة قبل انتهاء ولايته، إنما ليثبت للعالم أنه ما زال رئيس الولايات المتحدة وفي يده السلطة، ويستطيع في أي وقت اتخاذ قرارات غير متوقعة كما يحلو له. وقبل أيام، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية حزمة عقوبات جديدة على إيران شملت 6 شركات و4 أفراد بتهمة تسهيل شراء منتجات ذات منشأ أمريكي لصالح شركات أمريكية، تحت سيطرة القوات المسلحة الإيرانية، وهي خطوة وصفها مراقبون بأنها جاءت لإرباك بايدن حال اتباعه نهجًا جديدًا مع إيران.