جماعات الضغط.. باب خلفي لتواصل الدول مع الإدارة الأمريكية

  مع حسم السباق الرئاسي في الولايات المتحدة لصالح المرشح الديمقراطي جوزيف بادين، سارعت بعض الدول للتعاقد مع شركات استشارية وجماعات ضغط، للتقارب مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وفي أثناء عملية فرز الانتخابات سجّل دبلوماسيون من أكثر من 20 دولة الدخول إلى مؤتمر عبر الفيديو للاستماع إلى جو لوكهارت، ناشط ديمقراطي مخضرم، تقدم شركته الاستشارية "نصائح داخلية لتحقيق أجندات الدول بعد الانتخابات"، حسب صحيفة نيويورك تايمز. وقد يكون أكبر تحدٍّ يواجه الحكومات في جميع أنحاء العالم، هو بناء علاقات مع إدارة أمريكية ستكون سياساتها ونهجها في الدبلوماسية مختلفة تمامًا عن سياسات الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي تعهد في حملته الانتخابية عام 2016 بـ"تجفيف مستنقع المصالح الخاصة" – في إشارة إلى شركات الضغط- لكنه عوضاً عن ذلك مكّن فئة جديدة قوية من جماعات الضغط شديدة الصلة به: "لقد حصدوا عشرات الملايين من الدولارات من رسوم الضغط من الشركات ومجموعات المصالح والحكومات الأجنبية التي تسعى للإبحار في إدارة تدور حول أهواء رجل واحد"، طبقًا لنيويورك تايمز، التي أوردت أن "عددًا من الشركات جندت جماعات الضغط التي لها صلات ببايدن"، لتسهيل عمليات صنع القرار تجاه عملاء هذه الشركات لاحقًا. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] جو بايدن[/caption]

"براون شتاين هايات فاربار شريك".. عملاق شركات الضغط

"عملاق الضغط" في الولايات المتحدة هو شركة "براونشتاين هيات فاربر شريك"، التي انتدبت مارك بريور، السيناتور الديمقراطي السابق من أركنساس، الذي عمل إلى جانب جو بايدن في مجلس الشيوخ سابقًا. وبراونشتاين.. شركة ضغط  ومحاماة "فريدة من نوعها"، كما تعرّف نفسها عبر موقعها الرسمي، مقرها في الولايات المتحدة، تضم نحو 250 من المحامين والمستشارين السياسيين في 13 مكتبًا في جميع أنحاء غرب الولايات المتحدة وفي واشنطن. تقول الشركة إنها تشارك في بعض أكبر القضايا وأهم الصفقات في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى أهم التشريعات التي تؤثر على الأعمال التجارية في أمريكا، وتعد ثاني أكبر شركات الضغط في الولايات المتحدة من حيث الإيرادات، وزادت إيراداتها 7% تقريبًا لتصل إلى 172.2 مليون دولار أمريكي عام 2015، وعزت الشركة أسباب هذه الزيادة لـ"زيادة طلب العملاء". على المستوى الدولي، تلعب الشركة دور تحسين العلاقات بين الدول وبعضها عبر عقود مبرمة محددة الآجال، ومنها عقد وقّعته الشركة قبل أيام مع السلطات المصرية بقيمة 65 ألف دولار شهريًّا لتقريب موقفي الإدارتين المصرية والأمريكية الجديدة تحت رئاسة بايدن، حسب ما أعلنت وزارة العدل الأمريكية. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] موقع شركة براونشتاين هيات فاربر شريك[/caption] وتضطلع شركات الضغط أيضاً بمهام تسهيل عمليات إصدار رخص في حق منتجات محددة، وتسهيل شراء وبيع الصفقات، ومنها على سبيل المثال " Greenberg Traurig"، وهو مكتب محاماة في واشنطن استعانت به تركيا في أغسطس/ آب الماضي للضغط على الإدارة الأمريكية والحصول على رخصة تصدير ستساعد في إكمال بيع طائرات هليكوبتر ATAK بقيمة 1.5 مليار دولار إلى باكستان.

قطر وتركيا على الخط

ماني أورتيز، عضو لوبي ديمقراطي له علاقات مع قادة الحزب في الكونجرس، يقول إنه تلقى سلسلة استفسارات من ممثلين عن حكومات أجنبية -بما في ذلك قطر وتركيا ودول بالشرق الأوسط- لتوطيد علاقتها ببايدن، وفقاً لنيويورك تايمز. وقال عضو آخر – لم تشر الصحيفة إلى اسمه- إنه التقى الشهر الماضي بالنائب في البرلمان التركي علي إحسان أرسلان، الذي يتولى نقطة الاتصال الخلفية بين الرئيس رجب طيب أردوغان والإدارة الأمريكية، والذي أعرب عن اهتمامه بالتواصل مع جماعات الضغط أو غيرهم ممن لديهم إمكانية الوصول إلى فريق بايدن. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] أردوغان وأمير قطر[/caption]

تركيبة اللوبي

ويتركب اللوبي أو جماعات الضغط من شركات أو مؤسسات تنوب عن دول أو أفراد أو شركات، في محاولة إقناع الحكومة الأمريكية بشكوى أو مظلمة أو لتحقيق مصالح معينة، وتتألف هذه المؤسسات من وزراء أو مشرّعين أو مسؤولين سابقين لهم صلات أو صداقات في الحكم أو في الكونجرس، حسب المحلل السياسي الدكتور عاطف عبد الجواد. نتيجة هذه الجهود، كما يقول عبد الجواد لـ"ذات مصر"، ليست مضمونة على الدوام، "ولكن بإمكانها على الأقل تخفيف الأضرار أو تحسين المفاهيم بشأن سلوك دولة ما، أو تأجيل قرارات ضارة بدولة ما أو الإسراع بقرارات مفيدة لها". [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] الدكتور عاطف عبد الجواد[/caption] وتعتمد هذه الشركات أو الجماعات في إدارتها على مجموعة من المعارف شديدة الصلة بدوائر الحكم، وهي وسيط بين الإدارة الأمريكية والكونجرس أو الشركات من جهة وبين الدول من جهة أخرى، فهي جهة إقناع ليس أكثر، حسب ما تقول الدكتورة ليلى نقولا، أستاذة العلاقات الدولية، لـ"ذات مصر"، والتي تعطي مثالاً لما قامت به شركات اللوبي من ضغط على إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كان قرر حظر تسليح مصر، وهو ما أضر بعقود شركات التسليح ودفعها إلى تكوين "لوبي" لمدة 6 أشهر من أجل الضغط على أوباما، لإلغاء هذا القرار، وبالفعل استجابت إدارة أوباما ورفعت قرار حظر التسليح عن مصر.