هشام النجار يكتب: «يستهزؤوا منِّينا إحنا».. هشام الجخ وذنب المسلمين في حرق المصحف!

ذات مصر

في السويد عاود الملحد العراقي سلوان موميكا حرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة العراقية باستوكهولم، وكان قد حرقه الشهر الماضي أمام المسجد الكبير، مُكررًا عامدًا قاصدًا استفزاز مشاعر المسلمين حول العالم. لن أتحدث هنا في استراتيجية التعامل الإسلامية حيث سبق وفصلت ذلك في مقال تم نشره بمنصة (ذات مصر) بعنوان (المنهج الإسلامي القويم في التعامل مع جريمة حرق المصحف العظيم) بتاريخ 6 يوليو 2023م، وما أنا بصدده هنا مختلف وهدفه تحفيز السواعد الإسلامية للعمل والابتكار والجد، وتنبيه العقول المسلمة المبتكرة والمفكرة للوقوف على مسؤوليتها فيما جرى ويجري. 

هذه الفكرة على عمقها صاغها الشاعر المتميز هشام الجخ في قصيدة قديمة له واكبت جريمة الرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم قبل سنوات، لدرجة أنني قد أكتفي منها ببعض الاقتباسات بجانب شرحها والتعليق عليها ليحقق المقال هدفه ويحيط بمقصده. 

الفكرة تقول إن مشاعر المسلمين محترقة ومُسْتَفَزَة الآن إلى أقصى حد، ويكفي النظر في بيان الأزهر الشريف لاكتشاف حجم الغضب الإسلامي الذي يعبر عنه شيخ أعرق مؤسسة إسلامية في العالم، خاصة وأن هذا الملحد الأرْعَن ارتكب جريمته الشنيعة للمرة الثانية في حماية الشرطة السويدية. 

لكن ورغم كل شيء فما لا يعلمه غالبية المسلمين في العالم –وهذا ما سيندهش له البعض- أن ما يحدث (منطقي) ومتوقع وحدث قبل ذلك مرارًا وسيظل يحدث إلى أن تقوم الساعة، ومن الضروري الإجابة على سؤال لماذا وما الهدف والغاية، وقبل ذلك الإجابة على سؤال: كيف نتصرف وماذا نعمل؟ عنوان قصيدة هشام الجخ (منطقي)؛ وهو عنوان يحث على التعقل والتفكر والروية والانحياز إلى العقلانية والفعل المدروس الذي ينظر ويتحسب للنتائج والمآلات بحيث يجعل الفعل الإسلامي (وليس رد الفعل) ينحاز ويصب في مصلحة الإسلام والمسلمين حول العالم. 

يريد الجخ أن يقول للشباب وللشعوب المسلمة أن ما يرتكبه البعض من الجبناء الحاقدين المغرضين المسيئين من تطاول وإساءة على الرموز الإسلامية منطقي وشيء طبيعي حدوثه، فتعالوا أنتم واجلسوا وادرسوا وراجعوا وتساءلوا؛ من المستهدف من الإساءة وما الهدف وما الغاية؟ وماذا يريدون من وراء هذا التطاول في هذا التوقيت وما مسؤولية الغاضبين حياله؟ الشاعر والمغني كأنه جالس مع المصدومين المذهولين الغاضبين يشرح لهم -ولا يطربهم فقط ويخدرهم أو يلهب حماستهم بتحريض غير مدروس وغير واقعي– ويقول لهم بهدوء إن هذا هو المنتظر من أمثال هؤلاء المهووسين الرعناء. 

أليس قد جاء في كتب السيرة أن الأخنس بن شريق قد اجتمع بأبي جهل -قبل أن يبدأ القتال في غزوة بدر- وسأله: أتظن محمدًا يكذب، فقال أبو جهل كيف يكذب على الله وقد كنا نسميه الأمين، لأنه ما كذب قط، ولكن إذا كان في بني عبد مناف السقاية (سقيا الحجيج في مكة أيام الحج)، والرفادة (القيام بما يحتاجه الحجيج وزوار البيت)، والمشورة (الرجوع إليهم في المواقف والوقائع والنوازل والأزمات)، ثم بعد ذلك تكون فيهم النبوة ولا يكون لنا شيء! فقال الأخنس: إذن سأرجع إلى قومي ولا أحارب محمدًا بعد اليوم. 

إذن بالمنطق الذي يتحدث به هشام الجخ في قصيدته (التي لم ينتبه إليها كثيرون) فإن الملحد العراقي سلوان موميكا الذي حرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة العراقية باستوكهولم، هو مجرد واحد من أبناء الوليد بن المغيرة الذي أشعلت قلبه الغيرة وهو يعرف جيدًا الحقيقة. 

لن نختلف هنا فسواء عرف الحقيقة أو جهلها، فقد لجأ إلى التطاول والطعن حفاظًا على نفوذه ومصالحه وسط أجواء تشهد في الغرب صعودًا متناميًا لليمين المتطرف، وبالطبع سيحظى بالرعاية والدعم والتمويل خاصة وأن أصوله عربية. 

سلوان موميكا هو أيضًا أحد (آباء جهل) العصر الحديث، بل أضل من أبى جهل عمرو بن هشام الذي اعترف بالحقيقة، وهؤلاء يعرفون ولا يعترفون ويستكبرون حقدًا وغيرة وحسدًا وحفاظًا على مصالحهم الاقتصادية ومكانتهم ونفوذهم وحظوتها لدى تيار اليمين العنصري. 

إذن ما يحدث قد حدث كثيرًا في التاريخ وسيظل يحدث مرارًا لأن الأرعن سلوان ومن على شاكلته لا ينتهون، وما أحوج المسلمين للجلوس والتفكر والتأمل وأخذ القرار الصائب، فالجيد هنا والأقوم هو القيام بالرد (المنطقي) الذي ليس على هوى المغرضين من عتاة الملحدين ولم يخطط له الحاقدون ليبنوا عليه إستراتيجيتهم الخبيثة بناءً على ما توقعوه من ردود تقليدية عنيفة وتخريبية من بعض المسلمين تعقب عادة محاولات استفزازهم للقيام بأعمال عنف. 

تقمص هشام الجخ في قصيدته شخصية المبدع والمفكر الذي يرشد أداء الجماهير ويضبط حركتهم بفكر متوازن إستراتيجي ملائم للواقع وتحدياته، ولم يأخذ جمهوره في مغامرات طائشة انفعالية تضر بالقضية. 

الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم والقرآن العظيم لن يطولوه ولن ينالوا منه ومن مكانته مهما فعلوا ومهما أساؤوا وزيفوا وطعنوا، لذلك يغني الجخ هكذا: (أما سيدنا النبي ربه كافيه.. يستهزؤوا منينا إحنا.. أما هو ربه صاينه ومصطفيه). 

إذًا المنطقي والعقلاني أن تقتلهم الغيرة وأن تشتعل في قلوبهم نيران الحقد والحسد، والمنطقي أن يُجن جنونهم ويرتكبوا من الحماقات والبذاءات والسفالات ما يرتكبون، لكن المنطقي الأهم هو أن يعلوا المسلمون وينجزوا ويقتحموا الدنيا بفنونهم وحضارتهم وعلومهم وإنتاجهم وإنجازاتهم الدنيوية وعبقرياتهم، بدلًا من الجلوس يندبون ويشتكون ويتغنون فقط بأمجاد الماضي ب (إحنا كنا واحنا كنا واحنا كنا.. ونمنا في اللي راح يكون)... وأنا هنا أقول الشطر الأخير بصوت الجخ وأدائه الجسدي المميز وطريقة إلقائه المتفردة. 

المطلوب أن يثبت المسلمون للعالم أنهم أبناء وتلامذة الرسول وشعبه النشيط الصافي الناهض الحيوي التقى، مثل (سيدنا النبي أبو قلب طاهر نقي)، فرد الفعل الذي ينبغي على المبدع الفنان غناءه ليحققه الشعب على الأرض في مواجهة تلك الاستفزازات المُمَنهجة المخطط لها من المهووسين المغرضين، هو العمل والنشاط والإبداع والتفوق والإيجابية والريادة، وهذا هو رد الفعل الإسلامي (المنطقي) على فعلهم الإلحادي (المنطقي)، وهذا ما غناه هشام: (أما اللي واكلاهم غيرتهم.. فدا منطقي). 

لا حل لدي إلا أن نغني معًا القصيدة مرة أخرى لنفهم من المقصود بالإساءة؛ إنه ليس القرآن المكرم ذاته وليس الرسول الأعظم، فلن يطولوه ولن ينالوا منه، إنما المقصود هم المسلمون، فهل سألوا أنفسهم إذا ما كانوا وصلوا لمستوى منعة وقوة القرآن والرسول، حتى يصدوا الإساءة عنهم، أم أنهم مكسورون بالفقر والجهل والدروشة والتنطع والحروب والصراعات والفوضى والتخلف، ولذا يتجرأ من يسوى ومن لا يسوى عليهم؟ يضع هشام الجخ يده على جوهر القضية ومحور الصراع ويقول:(ومنطقي لما يبقوا المسلمين حالهم كدا، تطلع ضوافر للعدا، ما دمت مش زارع بإيدك غلتك، والجوع قرص على معدتك فأذلتك، ما دمت متشتت وتايه في الكلام، فين الودان اللي هتسمع شكوتك ومنين يجيلك وش تتحمق وللا تغضب ولا ترفع كلمتك؟ همه مش قاصدين يهينوا المصطفى بحبة صور، همه عارفين إن سيدنا النبي سيد البشر، همه قاصدينك وقاصديني وقاصدين كل جيلنا، وطول ما بنكسل ونتفرق وبنداري الحقايق لسه ياما راح يجيلنا، أما سيدنا النبي ربه كافيه، يستهزقوا منينا إحنا، أما هو ربه صاينه ومصطفيه). 

لما يبقوا المسلمين حالهم كدا، تطلع ضوافر للعدا، ما دمت مش زارع بإيدك غلتك، والجوع قرص على معدتك فأذلتك، ما دمت متشتت وتايه في الكلام، فين الودان اللي هتسمع شكوتك ومنين يجيلك وش تتحمق وللا تغضب ولا ترفع كلمتك؟.... تلك هي القضية يا مسلمون.. إذن هكذا يغنى هشام الجخ وهكذا ينبغي أن نغنى معه: (منطقي لما يبقى يتيم وأمى ويبقى سيد العالمين، منطقي الحساد هتكتر والعدا والكارهين، واللي هيقولك دا شاعر، واللي هيقولك دا ساحر، واللي هيقولك دا كافر واللي يكتب واللي يرسم واللي يكدب واللي يشتم..منطقى، هي غيرة .. زى غيرة الوليد بن المغيرة، مش كان هيسلم؟ بس حاجة في نفسه حكت، كبره خلى نفسه شكت، أصل داء الكبر دا أكبر خطر، بس يعنى الجنة تعمر وحدها، حبة في الجنة ونعيمها، وحبة في سقر، ومنطقي لما يبقوا المسلمين حالهم كدا، تطلع ضوافر للعدا، ما دمت مش زارع بإيدك غلتك، والجوع قرص على معدتك فأذلتك، ما دمت متشتت وتايه في الكلام، فين الودان اللي هتسمع شكوتك ومنين يجيلك وش تتحمق وللا تغضب ولا ترفع كلمتك؟ همه مش قاصدين يهينوا المصطفى بحبة صور، همه عارفين إن سيدنا النبي سيد البشر، همه قاصدينك وقاصديني وقاصدين كل جيلنا، وطول ما بنكسل ونتفرق وبنداري الحقايق لسه ياما راح يجيلنا، أما سيدنا النبي ربه كافيه، يستهزؤوا منينا إحنا، أما هو ربه صاينه ومصطفيه، هما لو كانوا حضروا كانوا عرفوا يرسموه، كانوا هيسموه بعدله وبسماحته وبهدوؤه، كانوا شافوا إن الصحابة بتلحق الميه اللي نازله من وضوءه، لو كانوا لحقوه كانوا عرفوا يرسموه، إحنا ما رسمناش نبينا في العيون، إحنا فهمناهم إن الدين بتاعنا لا فيه علوم ولا فيه عمل، ولا فيه أدب ولا فيه فنون، إتلهينا بإحنا كنا وإحنا كنا وإحنا كنا ونمنا في اللي راح يكون، بس إحنا فوقنا بجد أسفينلك وراجعينلك، شعبك نشيط عامل وصافى وتقي، زيك يا سيدنا النبي يا بو قلب طاهر تقي، أما اللي واكلاهم غيرتهم، فدا منطقى).