السجن في انتظارك.. تحذير "الأمن الشامل": لا تصوِّر شرطيًّا فرنسيًّا!

ذات مصر
  لم يكد يخرج قانون الأمن الشامل في فرنسا إلى النور، والذي تعطي مادته الرابعة والعشرين الحق في سجن من يحاول بث صور لرجال الشرطة، حتى قوبل بمظاهرات واسعة، وصفته بأنه "ينتهك الحريات العامة في الجمهورية الفرنسية، ويقنّن عنف الشرطة". وأثار القانون، الذي حظى بموافقة الجمعية الوطنية الفرنسية -الغرفة السفلى للبرلمان- جدلاً واسعًا، وخرجت عشرات المظاهرات في فرنسا للتنديد به، رغم القيود الصحية المفروضة بسبب وباء كورونا المستجد. وتنص المادة 24 من القانون على "العقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة قدرها 45 ألف يورو، حال بث صور لعناصر من الشرطة بدافع سوء النية"، إلا أن الحكومة الفرنسية ردت على الاتهامات التي واجهها القانون بأن تلك المادة تهدف إلى حماية العناصر الشرطية، التي تتعرض لما أسمته بـ"حملات كراهية ودعوات قتل" بنشر صورهم وحياتهم الخاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ويبيح القانون الجديد استخدام الطائرات المسيّرة والكاميرات في الفضاء العام من قبل الشرطة بغرض المراقبة، وهو ما ترفضه شرائح واسعة من الفرنسيين، خاصة وسائل الإعلام والجمعيات الحقوقية، التي ترى فيه "تكميمًا للأفواه ومساسًا خطيرًا بحرية التعبير وبالحقوق الأساسية للمواطن". [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] مظاهرات في فرنسا[/caption] معارضو القانون يقولون إن العديد من جرائم الشرطة لم تكن تخرج إلى النور إلا بعدسات الصحفيين والمصورين وهواتف المواطنين، واحتدم الجدل حول مشروع القانون بعد فض الشرطة تجمعا للمهاجرين وسط باريس، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبلغ الاستنكار ذروته بعد أن رصدت كاميرا مراقبة قيام عناصر من الشرطة الفرنسية بالاعتداء بالضرب المبرح على منتج موسيقي من أصول إفريقية بزعم مخالفته الإجراءات الاحترازية لكورونا، فاندلعت شرارة الاحتجاجات والانتقادات الموجهة ضد عنف الشرطة المتزايد. تقول اللجنة التنسيقية، الداعية إلى التظاهرات المضادة لمشروع القانون، إن القانون الذي وافقت عليه الجمعية الوطنية يهدف إلى النيل من حرية الصحافة والإعلام والاستعلام وحرية التعبير، باختصار إنه "يهدف إلى كبح الحريات العامة الأساسية في جمهوريتنا". [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] ماكرون[/caption]

تقنين الاعتداء

وأمام المظاهرات الغاضبة، التي شارك فيها نحو 133 ألف شخصٍ، خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ليدين الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين والشرطة "والصور المُخزية" على حد تعبيره، ودعا الحكومة الفرنسية لتقديم "حلول سريعة من أجل مكافحة التمييز بفاعلية أكبر". وفي ما يبدو أنه خطوة تراجع، أعلن جان كاستيكس، رئيس الحكومة الفرنسية، استعداده لمراجعة صياغة المادة 24 من القانون الجديد. يقول على المرعبي، المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "كل العرب" في باريس، إن "قانون الأمن الشامل لن يمر، والتظاهرات التي تقودها نقابة الصحفيين وجمعيات العدالة وحقوق ستستمر حتى إسقاطه، خاصة المادة 24 منه". ويضيف لـ"ذات مصر": "الهدف من القانون هو حماية عناصر الشرطة والدرك من أي مساءلات قانونية بعد بث صور أو فيديوهات لهم في مواقف بها تعد على المواطنين، والمتظاهرين تحديدًا، كما حدث خلال مظاهرات أصحاب (السترات الصفراء) مؤخرًا". اعتداء على رجل من أصل إفريقي يعد مقطع فيديو اعتداء عناصر الشرطة الفرنسية على رجل من أصل إفريقي شرارة للاحتجاجات التي شهدتها فرنسا، فقد أظهرت الصور ومقاطع الفيديو ضباط شرطة يحاولون اعتقال الرجل، وهو معروف فقط باسمه الأول، ميشال، في مدخل مبنى استوديوهات "بلاك جولد" في الدائرة 17 في باريس. وبحسب الفيديو، فإن 3 ضباط شرطة، أحدهم يرتدي ملابس مدنية، كانوا يتتبعون الرجل إلى الاستوديو ثم يضربونه بقبضاتهم وأقدامهم وهراوة، ويحاول ميشال حماية جسده ووجهه، وأظهرت صور الحادث ميشال بكدمات وغرز في رأسه ووجهه. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] الاعتداء على شرطي[/caption] وتحت ضغط الانتقادات التي طالت الشرطة بعد بث الفيديو، قال وزير الداخلية الفرنسي إنه سيطلب "إقالة" الضباط "حالما تثبت العدالة الوقائع"، متهمًا إياهم بـ"تلطيخ زي الجمهورية". وشجب لاعبا كرة القدم الفرنسيان البارزان أنطوان جريزمان وكيليان مبابي مقطع الفيديو الخاص باعتقال "الإفريقي" ووصفاه بأنه "لا يطاق"، وغرّد "جريزمان": "بلدي فرنسا تؤلمني"، كما نشرت عمدة باريس، آن هيدالجو، على وسائل التواصل الاجتماعي، أنها "صُدمت بشدة من هذا العمل الذي لا يطاق"، وأضافت: "يجب استخلاص العواقب من هذه الحقائق الخطيرة على نحو استثنائي، وسيادة القانون غير قابلة للتفاوض". ودعا وزير الداخلية الفرنسي السابق، كريستوف كاستانير، إلى "عدم التسامح مطلقًا مع العنصرية.. أنا ضد هذا العنف". وفتح مكتب المدعي العام في باريس تحقيقين في أعمال "عنف" مزعومة ارتكبها ضباط شرطة ضد مهاجر وصحفي في العاصمة الفرنسية في وقت سابق من هذا الأسبوع.