الجيش الإثيوبي في "ميكيلي": جبهة "تيجراي": نواصِل قتال "الغزاة"!

ذات مصر
  على الرغم من إعلان الحكومة الفيدرالية الإثبوبية، السيطرة على ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي شمال إثيوبيا، مطلع الأسبوع الحالي، لا يزال زعيم المتمردين ديبرتسيون جيبريمايكل متمسكًا بقتال الحكومة بالقرب من العاصمة. ونشرت وكالة رويترز للأنباء رسالة نصية لزعيم المتمردين، صباح اليوم الاثنين، قال فيها: "أنا قريب من ميكيلي في تيجراي لأقاتل الغزاة".. وهي رسالة وصفتها الحكومة الإثيوبية بأنها مضللة وغير صحيحة. واستولت القوات الفيدرالية التي يقودها رئيس الوزراء آبي أحمد على "ميكيلي"، عاصمة الإقليم التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة، من دون مقاومة شديدة، رغم أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قالت في وقت لاحق إنها أسقطت طائرة واستعادت بلدة أكسوم من الجيش الإثيوبي. ويسود التخبط وعدم دقة المعلومات حول الحرب في إقليم تيجراي الموقف في الإقليم المتوتر، حيث إن روابط الهاتف والإنترنت تعطلت إلى حد كبير منذ بدء الحرب في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. ولاحقت اتهامات قتل المدنيين الأبرياء في إقليم تيجراي حكومة آبي أحمد، وهو ما نفاه الأخير في كلمة له أمام البرلمان الإثيوبي صباح اليوم، قائلاً إن "القوات الفيدرالية لم تقتل مدنيًّا واحدًا في هجومها المستمر منذ نحو شهر ضد القوات المحلية المتمردة في منطقة تيجراي الشمالية". [caption id="" align="aligncenter" width="674"] إحدى النازحات جراء الحرب[/caption] ونفى آبي أحمد أن تكون قواته قد دمرت العاصمة ميكلي كما زعمت جبهة تحرير تيجراي، وقال إن جيشه لم يدمر العاصمة أويعرضها للقصف، لأن الجيش –حسب آبي أحمد– استخدم طائرات مُسيَّرة وصواريخ ذكية للتعامل مع المتمردين، وهو ما جنب المدنيين ويلات الحرب، على حد قوله.

استهداف أسمرة

بعد ساعات من إعلان الحكومة الفيدرالية السيطرة على إقليم تيجراي يوم السبت الماضي، استهدفت صواريخ أُطلقت من إقليم تيجراي مجددًا العاصمة الأريترية أسمرة، وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنه في الساعة 10.13 دقيقة مساء يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني وقعت 6 انفجارات في أسمرة". ولم تعلن قوات تيجراي مسؤوليتها عن القصف، لكن هذه هي المرة الثالثة التي تتعرض فيها العاصمة الأريترية للقصف منذ بدء الحرب على الإقليم الانفصالي، رغم أن الجبهة تبنت أول هجوم على العاصمة وقع قبل أسبوعين، وبررت الجبهة سبب قصف العاصمة –آنذاك– بأن حكومة أسمرة تقدم دعمًا عسكريًّا للحكومة الفيدرالية الإثيوبية، وهو أمر تنفيه أديس أبابا. وواجهت الحملة العسكرية التي شنها رئيس الوزراء الإثيوبي الحائز على جائزة نوبل للسلام، على إقليم تيجراي استنكارًا دوليًّا، وواجهت مخاوف من تردي الأوضاع الإنسانية في الإقليم، عل خلفية نزوح أكثر من 40 ألف إثيوبي إلى السودان فرارًا، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية، حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وكان مراقبون حقوقيون حذروا من مغبة كارثة إنسانية يقودها الجيش الإثيوبي على أثر تهديده للمدنيين في تيجراي، واعتبروا أن تهديد الجيش ينتهك القواعد القانونية الدولية. وقالت الباحثة في هيومن رايتس ووتش، ليتيسيا بدر، لصحيفة الجارديان، إن "معاملة مدينة بكاملها كهدف عسكري لن تكون غير قانونية فحسب، بل يمكن اعتبارها نوعًا من العقاب الجماعي". وكانت الولايات المتحدة دعت إلى وساطة فورية بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي لإنهاء، لكن هذه الوساطة قوبلت برفض آبي أحمد، الذي رفض سابقًا جهود الاتحاد الإفريقي لإقناع الطرفين بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.

خلفية تاريخية عن الصراع

[caption id="" align="aligncenter" width="855"] أبي أحمد[/caption] منذ وصول آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي المتحدر من قومية أورومو، إلى السلطة التي كانت تهيمن عليها "تيجراي" لثلاثة عقود، بدأ نفوذ جبهة تحرير تيجراي في التراجع  مُتهمة – الجبهة- رئيس الوزراء بتهميشها وإقصاء مرشحيها عن الحكومة والجيش. الااتهامات وجدت لها صدى في الواقع حين بدأ آبي أحمد بالفعل في تنفيذ "إصلاحاته" بتأسيس حزب الرخاء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، على أنقاض تحالف عام 1988 الذي تشكل على يد عدد من المجموعات العرقية لمواجهة الديكتاتور مينغيستو، وكان التحالف يضم آنذاك جبهة تحرير تيجراي، الحزب الديموقراطي الأمهري، حزب الأورومو الديمقراطي، الحركة الديمقراطية الشعبية لجنوب إثيوبيا. ما جرى أن "جهبة تحرير تيجراي" رفضت الانضمام إلى تحالف حزب الرخاء، بقيادة آبي أحمد، بدعوى أن نسبة تمثليهم في الائتلاف قليلة قياسًا إلى تعدادهم البالغ 6.1 مليون من السكان، وبالتالي خسارتهم للنفوذ الذين يتمتعون به، وأصرت على إجراء انتخابات وطنية في سبتمبر/ أيلول الماضي، في مخالفة لقرار حكومة آبي أحمد الذي كان يراهن على تصويت الشعب على رؤيته لبلد موحد سياسيًّا ومتنوع عرقيًّا، قبل تأجيل الانتخابات البرلمانية بسبب جائحة كورونا العالمية.