بأموال قطرية.. أردوغان ينقذ بلاده من الإفلاس

ذات مصر
  نهاية الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، وقعت تركيا اتفاقًا قطر باعت بموجبه 10% من بورصة إسطنبول للأخيرة، على الرغم من ضغوطات قادتها المعارضة التركية ضد الاتفاق الذي ترى فيه تهديد للأمن القومي التركي. وكان صندوق الثروة السيادي التركي، كشف عن توقيعه مذكرة تفاهم مع جهاز قطر للاستثمار لبحث صفقة تشتري الدوحة بموجبها 10% من بورصة تركيا الرئيسة "إسطنبول"، بمقابل لم يُعلن حتى الآن. وبهذا الاتفاق انخفضت حصة صندوق الثروة السيادي في بورصة إسطنبول إلى 80.6% من إجمالي الحصص. ويأتي ذلك في وقت يزور فيه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أنقرة، حيث وصل اليوم لحضور الاجتماع السادس للجنة الإستراتيجية العليا التركية القطرية. وخلال هذه الزيارة وقعت قطر وتركيا 10 اتفاقيات. وتتوقع تركيا تدفق نحو 300 مليون دولار للبلاد إثر هذه الاتفاقيات. أسست تركيا صندوق الثروة السيادي عام 2016 للعمل بخطة استثمار إستراتيجية بحسب بيان التأسيس، ويأتي تمويل الصندوق بالأساس من أصول كانت جميعها مملوكة للدولة، ودرة تاج هذه الموجودات هو بنك زيرات، أكبر بنك في تركيا من حيث الأصول.
ويستحوذ الصندوق الآن على حصص الدولة في عدد من الأصول الأخرى، في كل أو جزء من أسهم 20 شركة في 8 قطاعات إستراتيجية بما في ذلك شركة الخطوط الجوية التركية، وعملاق الاتصالات  تورك تيليكوم، وبنكان حكوميان، وبورصة إسطنبول.

المصدر: وزارة المالية التركية

كما تُبيِن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، أن جهاز قطر للاستثمار وافق على شراء حصة 30% في مركز تسوق فاخر في إسطنبول من مجموعة "دوجوس القابضة التركية - Dogus " المتعثرة ماليًّا، وبموجب هذا ستحصل شركة دوجوس التي أُجبرت على إعادة هيكلة قروض بمليارات الدولارات وبيع أصول بعد انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية في السنوات الفائتة، على نحو 300 مليون دولار. وعلى الرغم من انخفاض قيمة الصفقات، ستُقدم دفعة لتركيا في وقت تُعاني فيه البلاد من تقلص حجم الاستثمار الأجنبي المباشرة، الذي انخفض إلى 5.6 مليار دولار بنهاية العام 2019، وهو أدنى مستوى له منذ 15 عامًا، استحوذت قطر على 10% منه. وتعليقًا على الاتفاقيات، كتب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني على موقع التغريدات القصيرة تويتر : "ستُعزز الشراكة المتنامية" بين قطر وتركيا. وفي المقابل رد الرئيس التركي رجب طيب أرودغان: "البلدان سيواصلان تعزيز روابطهما". [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] أردوغان وأمير قطر[/caption]

استغلال تركي

يرى بشير عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن معاناة تركيا الاقتصادية الشديدة في الآونة الأخيرة، إضافة إلى توقع زيادة هذه المعاناة في ظل عقوبات اقتصادية أمريكية وأوروبية في الأيام المقبلة، دفعت تركيا إلى الاستناد على الدعم المالي القطري. ويقول لـ"ذات مصر"، إن قطر مدفوعة بإنقاذ تركيا من وعكتها الاقتصادية لتخفيف ضغوط المقاطعة عنها، إضافة إلى إيجاد موطئ قدم لها للقيام بدور إقليمي. متابعًا أنه بهذا يظهر أن أهداف بيع البورصة ليست اقتصادية فقط، ولكن هناك وجه آخر وهو السياسي الذي تُريد قطر استغلال تركيا لتنفيذه. ويُضيف عبد الفتاح، أن تركيا تُعاني من نقص الاحتياط النقدي، لذا فإنها تُريد إنقاذ اقتصادها بأقل تكلفة ممكنة وكانت قطر هي الوسيلة من وجهة نظر الساسة الأتراك، الذين يرون أن قطر أضعف من أن تُشكل تهديدًا لهم ولسياستهم في المنطقة. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] بشير عبدالفتاح[/caption] وكانت أنقرة قدمت دعمًا عسكريًّا لقطر في عام 2017، بعد أن فرض جيرانها الخليجيون حصارًا جويًّا وبريًّا وبحريًّا على الإمارة الصغيرة، ومقابل ذلك، ردت الدوحة بإنقاذ الاقتصاد التركي أكثر من مرة. ففي عام 2018 ، في خضم أزمة نقد شديدة، وعدت الدوحة باستثمار 15 مليار دولار في تركيا، وعلى الرغم من أن الذي تحقق من هذه الوعود كان قليلاً؛ لكن عرض الدعم كان مهم، إضافة لذلك، فقد ضخت قطر في احتياطات تركيا المتناقصة مبلغ قدر بنحو 5 مليارات دولار من خلال اتفاقيات مقايضة. وخلال هذا العام، تسببت جائحة فيروس كورونا في انخفاض قيمة الليرة التركية، ما جدّد الضغط على الاقتصاد التركي الذي تبلغ قيمته نحو 750 مليار دولار، وعليه زادت الدوحة من دعمها لخزينة البنك المركزي التركي إلى 15 مليار دولار. ويعتقد الخبير بمركز الأهرام، أن العلاقة غير متكافئة بين قطر وتركيا، من حيث القوة الإقليمية أو الاقتصادية بين قطر وتركيا، لكن المعارضة التركية ترى أن بيع البورصة أمر شديد الخطورة، وقد يضر بالاقتصاد التركي على المدى القريب، إضافة إلى اعتراضهم على دور قطر في تركيا أصلاً. ويُتابع قائلاً : "أردوغان يرى قطر  حلقة ضعيفة ويُريد اعتصار مواردها حتى آخر قطرة". [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] بورصة تركيا[/caption]

انتقاد سياسة أردوغان

العلاقات الثنائية بين قطر وتركيا أثارت غضبًا شعبيًّا، فقد انتقد المواطنون الأتراك بيع أصول إستراتيجية للدولة الخليجية الصغيرة. وانتقد كمال كيليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيس، الحكومة لتوقيعها الاتفاقيات مع قطر.. قائلاً : "حتى بيع القصر الرئاسي للدولة الخليجية لن يكون مفاجئًا". ويقول كيليجدار  في تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية :"كل شيء يباع لقطر". إلى ذلك، يُشير هكان كارا، أستاذ الاقتصاد بجامعة بيلكنت التركية إلى أن التمويل الذي يعتمد على مصدر واحد، إضافة إلى كونه مدفوعًا بالعلاقات الشخصية يتعارض مع إستراتيجية الحكومة التي تبنت سياسة "تقليل الاعتماد على رأس المال الأجنبي". ويُضيف، أن الزيادة الكبيرة في الاستثمارات القطرية بتركيا، تسببت في تراجع الاستثمارات السعودية والإماراتية على مر السنين، معتقدًا أن تركيا بحاجة إلى توسيع وتعميق علاقاتها الاقتصادية مع الدول الأخرى، إضافة إلى عدم تسييس صفقاتها التجارية والاستثمارية.

أبرز صفقات قطر وتركيا

متاجر A101 للمنسوجات المنزلية، التي تضم 200 متجر، و3000 منفذ بيع، واشترتها مجموعة تورجوت أيدين في 2008، ثم في عام 2012 باعت 40 % من أسهمها بتلك المتاجر إلى بنك قطر التجاري الاستثماري. بنك ألتيرناتيف التركي "آيه بنك" تأسس في عام 1992، وفي عام 2013 وقعت مجموعة شركات الأناضول القابضة اتفاقية مع الدوحة لبيع 75% من أسهم البنك إلى البنك التجاري القطري (P.S.Q.C) ، مقابل 460 مليون دولار، ولكن بعد 3 سنوات من الشراكة، في نهاية عام 2016، استحوذ البنك القطري على 100% من أسهم البنك التركي مقابل 225 مليون دولار بعد 3 سنوات. مجموعة BMC التركية لصناعة السيارات بإزمير، والمركبات العسكرية والدبابات، والجرارات والمركبات التجارية والشاحنات الصغيرة، وهي أكبر شركة في تركيا في مجالها، التي أصبحت قطر شريًكا فيها بنحو غير رسمي. شركة BMC تأسست في عام 1964، وبيعت جميع أسهمها في عام 1989، من جانب شركة تشوكوروفا القابضة وشركة كارا محمد لرجل الأعمال التركي المقرب من السلطة محمد أمين كارا محمد، بينما لم تسدد شركة جوكوروفا كامل مستحقات الأسهم التي اشترتها، فقامت BMC في 2013، بالاستيلاء على صحيفة أكشام، وستار، وقناة وموقع شو تي في، وجميعها كانت تابعة لمجموعة كارا محمد. قصر أربيلجين العثماني المعروف باسم ياليسي، وهو ابن السلطان عبد الحميد الثاني، أفخم وأرقى وأعرق قصور تركيا، بيع إلى قطر أيضًا، فقد اشتراها رجل الأعمال القطري الثري، عبد الهادي مناع الهاجري، وهو والد زوجة أمير قطر مقابل 100 مليون يورو. شركة ديجيت تورك الإعلامية، اشترتها الدوحة، وعقدت الصفقة مع رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي صاحب مجموعة قنوات "بي إن سبورت" القطرية في يونيو/ حزيران 2016، مقابل ما يزيد على مليار دولار. فندق طرابزون، وطائرتان، و55 سيارة فارهة، باعها وزير الخزانة والمالية السابق بيرات البيرق إلى أمير قطر، ولم تُكشف تفاصيل الصفقة. مجموعة شركات إرجو التركية العالمية، بيعت إلى صندوق قطر للاستثمار، التي بدورها استولت على عدة شركات تأمين، منها سويز للتأمينات، ومجموعة EVG، وبيعت جميعًا إلى مصرف كيو إنفست للتمويل الإسلامي، المصرف الاستثماري الرائد في قطر في عام 2016. شركة بانديرما بانفيت التركية لصناعة الأعلاف، بيعت إلى الدوحة في مايو/ أيار 2017، وهي الشركة الرائدة على مدار 56 عامًا في قطاع الدواجن في تركيا، حيث اشترت شركة TBQ للأغذية 79.5 % من أسهم بانديرما. شركة أنكاس، الهندسية بأنقرة، استحوذ عليها رجل الأعمال القطري حمد بن خالد في إبريل/ نيسان 2017. فندق منمار التركي اشتراه الشيخ ناصر أحمد علي الكواري أحد أفراد العائلة القطرية، في عام 2009، مقابل 15 مليون دولار من خلال شركة الإنشاءات والصناعة والسياحة والتجارة التي امتلكها في 7 يناير/ كانون الثاني 2010. أرض بإسطنبول تبلغ 44 فدانًا، اشترتها الشيخة موزة والدة أمير قطر، في عام 2019. شركة تريبل إم جايريمنكول للسياحة، في باشاك شهير، اشترت الشيخة موزة في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 منها 45.45%، أي ما يعادل 100 ألف سهم، كما اشترت منيرة بنت ناصر المسند زوجة نائب رئيس الوزراء القطري السابق عبد الله بن حمد العطية، 31.82%، وحصلت شانا ناصر المسند على 22.73 %. المصدر: تقارير صحفية تركية