توابع قتل "زادة" بمانشيتات إسرائيل: في أي يوم يا تُرى يأتي الانتقام؟

ذات مصر
  لم يكد إعلان اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة، يخرج إلى مانشيتات صحف العالم، إلا وذهبت أصابع الاتهام مباشرة إلى إسرائيل كمنفذة لتلك العملية الموجعة، ومن ثم بدأت الصحف الإسرائيلية في التعبير عن التخوفات الإسرائيلية من شبح الانتقام الإيراني وأسلوب الرد، الذي قد يتضمن الهجوم على مدنيين أو عسكريين إسرائيليين في أنحاء العالم، كالعادة. وقُتل العالم الإيراني البارز، الأسبوع الماضي، في هجوم غامض بطريق على مشارف طهران، وأقيمت يوم الاثنين جنازة رسمية بتكريم عسكري كامل له، ولم تعلن أي دولة أو جماعة أنها نفذت الهجوم، إلا أن القادة الإيرانيين يلومون إسرائيل، وتعهدوا بالانتقام منها على خلفية واقعة الاغتيال. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] جنازة زاده[/caption]

اتهامات وتهديدات إيرانية

قناة "العالم" الإيرانية نقلت عن مصدر مطلع أن اغتيال العالم النووي الإيراني، فخري زادة، نُفذ باستخدام أسلحة إسرائيلية الصنع كان التحكم بها عبر الأقمار الصناعية، مؤكدة توافر أدلة تثبت تورط إسرائيل في عملية اغتيال العالم النووي. وأوضح المصدر أن "العناصر المعادية للثورة الإسلامية دائمًا يلعبون دورًا لوجيستيًّا في تنفيذ عمليات الاغتيال التي يرتكبها الكيان الصهيوني في إيران.. الكيان الصهيوني ارتكب هذه الجريمة من أجل زيادة الضغط علی إيران لوقف التطور العلمي المتسارع، والذي كان للشهيد فخري زادة دور مهم فيه، خاصة في مجال البحوث العلمية"، بحسب ما نقلت القناة الإيرانية. وقال كمال خرازي، المستشار الكبير للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، قبل يومين، إن إيران سترد ردًّا "محسوبًا وحاسمًا" على مقتل "زادة"، في وقت اقترحت فيه صحيفة "كيهان" الإيرانية أن يشمل انتقام إيران استهداف مدينة حيفا، شمالي إسرائيل. وقال خرازي، وهو رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية، في بيان: "لا شك أن إيران سترد ردًّا محسوبًا وحاسمًا على المجرمين الذين استهدفوا زادة، وحرموا الشعب الإيراني منه"، حسب ما سلط موقع "آي 24" الإسرائيلي. صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية قالت إن اغتيال زادة قوبل في إيران بتوجيه أصابع الاتهام بنحو شبه مؤكد إلى إسرائيل، مشيرة إلى خروج تظاهرات إيرانية داعية بصراحة للانتقام من تل أبيب، بالإضافة إلى التهديدات التي ملأت وسائل الإعلام الرسمية في إيران، وأخيرًا توعد المرشد الإيراني علي خامنئي بأن بلاده ستنتقم من منفذي عملية الاغتيال، ولكنه لم يذكر إسرائيل. وأضافت "يسرائيل هيوم" أنه بينما تتصاعد الدعوات للانتقام في إيران، يبقى أن نرى كيف يمكن أن يأتي الرد الإيراني ومتى سيصل، وهل الرد سيكون كافيًا للضربة المؤلمة لبرنامجها النووي ومكانتها الدولية أم لا، ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن إيران على مدى عقود بنت قوة تعمل في خدمتها في دول أجنبية، مشيرة إلى أن فيلق القدس سيُكلَّف بتنفيذ خطة طهران للانتقام. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] صحيفة "يسرائيل هيوم"[/caption]

تحذير من استهداف الإسرائيليين في الإمارات

ووفقًا لما نقله موقع "آي 24"، أفادت مصادر إسرائيلية أن مسؤولين أمنيين إسرائيليين حذروا من إمكانية قيام الإيرانيين بمحاولة استهداف إسرائيليين لدى قضائهم عطلتهم في الإمارات بعد عملية الاغتيال، كما قالت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، إنه في إسرائيل وفي الممثليات الدبلوماسية لها حول العالم حدث رفع للاستعدادات الأمنية في الأيام الأخيرة، وفي ظل المخاوف من محاولات الاعتداء على إسرائيليين في الإمارات، بدأت الأجهزة الأمنية العمل على حماية الإسرائيليين الذين يزورون أبو ظبي، فضلاً عن إقامة جهاز مشترك بهدف ضمان أمن الإسرائيليين الذي يقضون عطلتهم في دبي وأبو ظبي.

الوحدة 804

تقول "يسرائيل هيوم"  في التقرير الذي حمل عنوان "هجمات أو اغتيالات أو وابل من الصواريخ.. هذا ما قد يبدو عليه الرد الإيراني"، إن أفراد الوحدة 804، ذراع خارجية للحرس الثوري الإيراني، مكلفون بالأساس بتنفيذ عمليات إرهابية خارج الأراضي الإيرانية، ومن ضمن اختصاصاتهم الاغتيالات، مشيرة إلى أنه في السنوات الخمس الأخيرة ارتبط اسم الوحدة بـ6 اغتيالات في دول أوروبية ومحاولة اغتيال فاشلة في الولايات المتحدة، لافتة إلى أن فكرة إقصاء كبار المسؤولين أو الشخصيات الإسرائيلية أو المقربين من إسرائيل في إحدى الدول الأوروبية، تبقى احتمالاً واردًا، وضمن قدرات فيلق القدس والوحدة 804. ومن ضمن الاحتمالات التي طرحتها الصحيفة الإسرائيلية، وقوع اعتداء على هدف إسرائيلي في الخارج، وصفته بأنه سيكون هجومًا استعراضيًّا، مشيرة إلى أن إيران وتنظيم "حزب الله" اللبناني نفذا هجمات ضد أهداف إسرائيلية في الخارج، مثل الهجوم على مطار "فارنا" في بلغاريا عام 2012 عندما قتل 6 أشخاص وجرح العشرات، إثر انفجار في حافلة تقل سياحًا إسرائيليين في المطار، أو الهجمات على السفارة الإسرائيلية والجالية اليهودية في الأرجنتين عام 1992. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] تشييع جثمان زاده[/caption]

هجوم صاروخي دقيق

ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى الأسلوب الذي ردت به إيران على اغتيال أحد قادتها، وهو قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وقالت إن طهران اختارت استخدام صاروخ باليستي دقيق على أساس الجيش الأمريكي في العراق، مشيرة إلى أنه على الرغم من أن العملية لم تسفر عن مقتل أي جندي أمريكي، تسببت في إحراج كبير.

هجوم على الحدود

تقول "يسرائيل هيوم" إن إيران دربت في العقود الأخيرة قوتين هامتين على الحدود الشمالية لإسرائيل، وهما تنظيم "حزب الله" اللبناني والميليشيات الموالية لإيران في سوريا، وكلاهما يقف على حدود إسرائيل، وقد استخدمتهما طهران في السابق لإلحاق الأذى بإسرائيل. وأضافت الصحيفة أن العمل ضد جنود جيش الاحتلال على الحدود سيسمح لإيران بالمساس بهيبة إسرائيل مع تقليل المخاطر على قواتها وأفرادها، لافتة إلى أنها ستستخدم البنية التحتية الموجودة بالفعل في المنطقة. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] محسن زاده[/caption]

ضبط النفس

أما صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، فقالت إن مجموعة من الظروف التي قوضت إيران في الفترة الأخيرة، أدت إلى تباطؤ في نشاطها بالمنطقة، مرجعة ذلك إلى الصعوبات الاقتصادية، ولكن بعد اغتيال فخري زادة تقول الصحيفة الإسرائيلية: "الآن.. سوف يسعى الإيرانيون للانتقام". وتقول الصحيفة في تقرير آخر حمل عنوان "إسرائيل والمعضلة الإيرانية.. القضاء على فخري زادة يغير قواعد اللعبة"، إنه بحلول نهاية الأسبوع الماضي اعتقدت المؤسسة العسكرية أن إيران ستحافظ على ضبط النفس في الأشهر المقبلة، ولكن اغتيال العالم الإيراني يزيد من مستوى توتر المنطقة سريعًا، ولذلك فإن الاستعداد مطلوب. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] صحيفة "معاريف" الإسرائيلية[/caption]

في مرمى بصر إسرائيل

ذكرت الصحيفة أن اسم العالم الإيراني الكبير لم يذكره الكثير من الجمهور الإسرائيلي حتى يوم اغتاليه، ولكن أهميته تكمن في مكانته كقائد في المؤسسة العسكرية الإيرانية، فهو معروف لأي جهاز استخبارات غربي يتعامل مع الملف النووي الإيراني، مشيرة إلى أنه كان في مرمى بصر إسرائيل منذ عدة سنوات. مر أكثر من 8 سنوات على اغتيال آخر عالم نووي في إيران، وبعد سنوات عديدة من تجنب الاغتيالات فذلك الاغتيال الأكثر أهمية كما تراه "معاريف" التي قالت إن إيران لو اختارت في الأشهر المقبلة شخصًا لتنفيذ تفجير قنبلة نووية لاختارت فخري زادة، لأنه الأساسي في إنجاز تلك المهمة، لافتة إلى أن في إيران العديد من العلماء النوويين الموهوبين، إلا أنه لم يكن هناك سوى عالم واحد أثبت قدراته الإدارية والعملياتية، بالإضافة إلى علاقته المباشرة مع القيادة الروحية والحكومة أيضًا في إيران، وهو فخري زادة.