الهدنة الليبية تهتزّ.. شخبطات خطيرة فوق الخط الأحمر؟

  كل ما يجري في ليبيا بين الفرقاء في الشرق والغرب محكوم عليه بالهشاشة. ومن بين نوافذ عدّة تمكّن من مطالعة ما يجري في المشهد الليبي، تبرز نافذة "الخط الأحمر: سرت - الجُفرة" الذي شغل أنظار العالم والإقليم في الأشهر الأخيرة. ففي خطوة مفاجئة، هددت وزارة الدفاع في حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، اليوم الاثنين، بالانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار. وبحسب تقارير، فإن وزير الدفاع في حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش، لوح بالانسحاب من الهدنة، لافتًا إلى أنه لا خيار أمامهم سوى بسط سيطرتهم على كامل التراب الليبي بالقوة. يأتي ذلك، بالتزامن مع وصول قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر إلى العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة يلتقي خلالها عددًا من المسؤولين، لعرض رؤية الجيش الليبي بشأن المفاوضات الجارية. [caption id="" align="aligncenter" width="960"] السيسي وحفتر وعقيلة صالح – أرشيفية[/caption] وكانت قبائل برقة شرقي ليبيا، أعلنت، أمس الأحد، رفضها أي انعقاد مجلس النواب في أي مكان غير مقره الدستوري في مدينة بنغازي (1000 كم شرقي العاصمة الليبية طرابلس) أو مقره المؤقت في مدينة طبرق (436 كم غربي بنغازي). وبحسب بيان صادر عن القبائل، فإنها أكدت على دعمها لمبادرة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والتي تضمن حقوق الأقاليم التاريخية الليبية، وتدعو إلى وقف القتال، وإعلان مرحلة جديدة للتفاوض والسلام. ويُؤكد بيان القبائل، رفضهم القفز على حق الإقليم في اختيار من يُمثله في المجلس الرئاسي، مجددةّ تمسكها بخيار عدم المساس بالمؤسسة العسكرية وقيادتها.

مواجهات مسلحة

من جهته، يقول المحلل السياسي الليبي ناصر الهواري، إن تلويح "الوفاق" بالانسحاب لا علاقة له بزيارة المشير خليفة حفتر للقاهرة، مشيرًا إلى وجود مباحثات بين القاهرة وحكومة الوفاق الليبية، وقد زار فتحي باشاغا وزير الداخلية القاهرة، كما أن هناك أحاديث حول زيارة سرية قام بها أحمد المعتيق نائب المجلس الرئاسي إلى القاهرة خلال الأيام الفائتة. ويعتقد "الهواري" أن المواجهات المسلحة التي جرت في الجنوب الليبي بين الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر وبعض الأفراد التابعين لحكومة الوفاق الليبية قد تكون سببًا في تهديد "الوفاق" بالانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار، ويرى المحلل السياسي أن الغرب الليبي فسر هذه المواجهات بــ"خرق هدنة وقف إطلاق النار". [caption id="" align="aligncenter" width="700"] الحرب في ليبيا[/caption]

استنفار الجيش الليبي

في ذات السياق، وجه آمر غرفة عمليات تحرير غرب سرت أحمد سالم عطية الله آدم، برقية -حصل "ذات مصر" على نسخة منها- إلى كل القواطع والوحدات التابعة لقوات الجيش الوطني الليبي، من أجل رفع درجة الاستعداد الكاملة لكل القوات مع أخذ الحيطة والحذر والإبلاغ عن أي تحركات للآليات المُغادرة حتى إشعار آخر. وكان الجيش الليبي استنفر قواته وأعلن رفع درجات الاستعداد والتأهب استعدادًا لصد أي تحركات عدائية، بعد رصد سفن حربية تركية قرب المياه الإقليمية الليبية، حيث اقتربت 5 سفن تركية حربية، رُصِدت تحركاتها بالقرب من خليج سرت الذي يمتد من مدينة بنغازي إلى مدينة مصراتة وتقع على شاطئه معظم موانئ تصدير النفط الليبي. كما أن الأيام الماضية، شهدت حالة من التزايد في النشاط العسكري التركي في ليبيا، حيث هبطت العديد من طائرات الشحن العسكرية التركية خلال الأسبوع الماضي في قاعدة الوطية الجوية غرب ليبيا، وسط مخاوف من احتمال تدخل تركي يفشل اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين طرفي الصراع، ويعرقل الجهود الأممية في الوصول إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية. في نفس السياق، وجه المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، في تدوينة على موقع فيس بوك، رسالة إلى أهالي المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات على خطوط التماس إلى التعاون مع القوات المسلحة الليبية والإبلاغ عن أي تحرك للميليشيات المرتزقة والأتراك، في حين حذرت الأمم المتحدة، حذرت الأسبوع الماضي من وجود 20 ألف مقاتل أجنبي مرتزق في الأراضي الليبية، يُهددون جهود السلام والحل السياسي. [caption id="" align="aligncenter" width="1000"] أردوغان والسراج[/caption]

اختبار الخط الأحمر

يقول الخبير في الشؤون التركية، محمد حامد، إنه في ظل انتقال الإدارة الأمريكية من ترامب إلى بايدن، والتوتر الموجود بين فرنسا وتركيا، تريد أنقرة اختبار الخط الأحمر "سرت- الجفرة" الذي وضعته إدارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ويُضيف حامد لـ"ذات مصر"، أن تركيا تريد اختبار طريقة التعامل في إدارة الملف الليبي، مشيرًا إلى أن أردوغان يريد إشعال الحرب مرة أخرى والتأكيد على وجود بلده في ليبيا من خلال زعزعة الاستقرار الهش بين الفرقاء في ليبيا. ويلفت الخبير في الشؤون التركية إلى أن دخول الجيش الليبي منطقة سبها في الجنوب الليبي يجيء ردًا على محاولة تركيا تغيير التركيبة العسكرية الموجودة هناك، ودرءًا  لأي محاولات تركية للتدخل العسكري، موضحًا أن باريس والقاهرة ناقشتا الملف الليبي خلال الزيارة الحالية للرئيس المصري إلى فرنسا.