«انقلابيو النيجر» يحاصرون «إيكواس» بين «الحلول الدبلوماسية» و«الانتقال السلس للسلطة»

ذات مصر

يترقب المجلس العسكري في النيجر التحركات الجديدة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس»، والدول الداعمة لها، بعد انقضاء المدة التي منحتها المجموعة من أجل إنهاء الأزمة وعودة الرئيس المعزول، محمد بازوم، إلى السلطة من جديد.

«إيكواس» ستعقد قمة استثنائية جديدة الخميس المقبل في العاصمة النيجيرية أبوجا -والتي تعد الثانية خلال أقل من أسبوعين- لبحث الخطوات التالية في التعامل مع الانقلاب في النيجر، في الوقت الذي ترددت فيه الدعوات الغربية لمنح الجهود الدبلوماسية فرصة لإنهاء الأزمة.

وساد التوتر العسكري والسياسي والدبلوماسي بين مجموعة الإيكواس والنيجر مؤخرًا، تزامنًا مع انتهاء المهلة التي منحتها للمجلس العسكري في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة. ما يطرح تساؤلات حول السيناريوهات البديلة للتعامل مع الأزمة.

تمديد المهلة.. فرصة الدبلوماسية

جهود وساطة مجموعة إيكواس لم تحقق أي تقدم يذكر، لكن خيار تمديد المهلة يظل أحد الخيارات المهمة لدول غرب أفريقيا للتعامل مع الأزمة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي، إن واشنطن تركز على الحل الدبلوماسي، وإن استخدام القوة يشكل الحل الأخير بالنسبة إلى دول غرب أفريقيا، مشيرًا إلى أن هناك اتصالات مباشرة مع قادة المجلس العسكري لحثهم على التنحي عن السلطة.

من جهته قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين، إنه لا يزال يعتقد أن هناك مجالا للوساطة في النيجر قبل القمة الاستثنائية المقبلة لمجموعة إيكواس.

وأيدت إيطاليا وألمانيا تمديد المهلة الأفريقية لقادة الانقلاب في النيجر، سعيًا منهما لمنح الدبلوماسية فرصة إضافية لحل الأزمة.

الخبيرة في الشؤون الأفريقية، أماني الطويل، قالت لـ«ذات مصر» إن تمديد الهدنة يعد خيارًا جيدًا، ويعطي فرصة للتفاوض ويجنب المنطقة تبعات التدخل العسكري.

في المقابل يرى البعض في هذا السيناريو تنازلاً كبيراً، لكنه في ذات الوقت يحفظ ماء الوجه لقادة دول مجموعة إيكواس، الذين يمكنهم تسويغ الأمر برغبتهم في منح المجلس العسكري مزيدًا من الوقت للعودة إلى المسار الديموقراطي.

انتقال السلطة.. وتعامل الغرب

ويعد أحد الخيارات المحتملة اتفاق الإيكواس والمجلس العسكري على جدول زمني من أجل العودة إلى الحكم الديموقراطي في النيجر، يتضمن إطلاق سراح الرئيس بازوم وأسرته دون العودة إلى الحكم، إضافة إلى الإفراج عن معتقلين سياسيين آخرين، وإجراء انتقال سلس للسلطة.

تقول خبيرة الشؤون الأفريقية أماني الطويل في حديثها لـ«ذات مصر» إن هناك ثلاثة شروط لتحقيق هذا السيناريو، أولها تخلي فرنسا والغرب عن سياسة العقوبات خاصة مع توافر بدائل شرقية ممثلة في كل من روسيا والصين للدول المعرضة لتلك العقوبات.

والثاني، أن تتبنى الدول المستغلة للموارد الإفريقية سياسات من شأنها ضمان عوائد عادلة لهذه الموارد حتى يتم تحجيم حالة الاحتقان المضادة للغرب خصوصاً في القطاعات الشبابية التي باتت محرومة تقريباً من شروط الحياة الآدمية.

أما الشرط الثالث، فهو أن تنتبه دول العشرين لمسار روما الداعي للتنمية في إفريقيا والذي غابت عنه كل من ألمانيا وفرنسا في أداء يبدو غير مدرك لحجم المتغيرات في البيئة السياسية والاجتماعية الإفريقية.

ويتوقع البعض نجاح هذا السيناريو لعدة أسباب، منها أن مجموعة الإيكواس وافقت على عمليات انتقال ديمقراطي في كل من بوركينافاسو ومالي جارتي النيجر في منطقة الساحل، اللتين استولى فيهما الجيش على السلطة في السنوات الأخيرة.

التدخل العسكري

الخيار العسكري يبدو آخر الحلول المتاحة لاستخدامها من جانب إيكواس، حسب وصف المسؤولين داخل مجموعة إيكواس، وسبق وتحدث عنه الرئيس النيجيري بولا تينوبو، خصوصًا مع لجوء المنظمة إليه في أكثر من مناسبة في بعض الدول.

لجأت الإيكواس إلى استخدام القوة العسكرية من قبل، على غرار تدخلها في جامبيا عام 2017، بعد رفض الرئيس يحيى جامع التنحي عقب خسارته في الانتخابات. وفي مالي عام 2013، أرسلت "إيكواس" جنوداً في إطار مهمة لطرد المقاتلين المرتبطين بتنظيم "القاعدة".

وتدخلت أيضًا عام 1998، بقوات تحت قيادة نيجيريا في الحرب الأهلية في سيراليون لطرد المجلس العسكري وحلفاء متمردين من العاصمة فرويتان وإعادة الرئيس أحمد تيجان كباح، الذي أطيح به في انقلاب قبل ذلك بعام. 

لكن بحسب خبراء فإن هذا الخيار يصعب تنفيذه، وقد يؤدي إلى انهيار مجموعة إيكواس نفسها، لأسباب، منها مساحة النيجر التي تعد أكبر دولة في غرب أفريقيا، وهو ما يجعل إرسال قوات عسكرية أمرًا صعبًا، على عكس جامبيا الصغيرة، التي تحيط بها السنغال والمحيط الأطلسي.

ويصعب تنفيذ التدخل العسكري في ظل مواجهة نيجيريا التي تترأس المجموعة الكثير من التحديات الداخلية، فضلًا عن معارضة بعض الدول الأوروبية والإفريقية، لاسيما بوركينافاسو ومالي والجزائر لأي تدخل عسكري في النيجر، وتهديدهم بإرسال قوات إلى هناك.

ورغم طلب «انقلابيو النيجر» إجراء حوار مع «إيكواس» إلا أنهم استمروا في تنفيذ خططهم في السيطرة على السلطة بإعلانهم، مساء الاثنين، تعيين علي الأمين زين رئيسا للوزراء، ليصف محللون القرار بأنه يضرب بتهديدات المجموعة الاقتصادية عرض الحائط.