علي الصاوي يكتب: «اتحاد علماء المسلمين» على الطاولة مع أردوغان.. فما علاقة «الإخوان»؟

ذات مصر

اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشخصيات من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في لقاء رسمي للحديث حول مواقف الدولة التركية ضد الانتهاكات التي يتعرض لها القرآن الكريم في عدة عواصم أوروبية، من قبل متطرفين وأحوال المهاجرين العرب. 
تناول اللقاء -حسب المعلومات المتداولة- تناول أوضاع المهاجرين العرب وحملات الترحيل الأخيرة التى استهدفت السوريين بشكل خاص والعرب بشكل عام، ومحاولة إيجاد حلول أكثر عملية لتوفيق أوضاع المهاجرين ووقف حملات الترحيل، فيما رد الرئيس أردوغان بأن الحملة تستهدف المخالفين، ومن دخلوا البلاد بطرق غير شرعية. 
كان من اللافت حضور محمد الصغير الشخصية الإخوانية المطلوبة للجهات الأمنية في مصر، ما أثار كثيرًا من علامات الاستفهام حول ذلك الحضور، كونه يأتي بالتزامن مع اكتمال عودة العلاقات المصرية التركية، وقد كان من مطالب مصر لعودة العلاقات إبعاد تلك الشخصيات من المشهد.

وكعادة جماعة الإخوان المسلمين استغلت الحدث للتشويش على فكرة أن العلاقات المصرية التركية في أفضل حال، وأن حضور بعض الشخصيات المحسوبة عليها في الاجتماع مؤشر على أن تركيا ما زال موقفها ثابتا من الجماعة، ولن ترضخ للضغوط المصرية، في خطوة رأها البعض أنها صيد في الماء العكر، وتصدير سرديات مفادها أن «العدالة والتنمية» يعيش حالة من الصراع بين الثبات على المبدأ والحرص على مصلحة الدولة التركية، وهذا لم يظهر  تلميحا أو تصريحا في قول أو فعل صانع القرار التركي.

مصادر تركية كشفت أن اللقاء جاء ضمن سياق إسلامي عام منفصل عن أي ملف سياسي آخر، وليس له علاقة بالنكاية في مصر أو تغيرّ موقف تركيا تجاه الجماعة، فيما هو مرسوم له، لكن الاجتماع كان تلبية لدعوة من الدكتور محمد قورقماز رئيس الشؤون الدينية الأسبق في تركيا، الهدف منه التطمين من أكبر رأس في النظام وتهدئة الأجواء، بعد صدور تصريحات على لسان بعض الشخصيات المحسوبة على الاتحاد بأن تركيا بدأت تفقد رصيدها الأخلاقي والتعاطف العربي، بسبب الحملة التى تشنها على الجاليات العربية وتصاعد موجة العنصرية، مضيفة أن الملفات السياسية لا يمكن إقحامها ضمن هذه السياقات، ولقاء أردوغان مع علماء المسلمين يُعبرّ عن موقف شخصي أولا بتقديره للاتحاد ورجاله، ثم  موقف الدولة في التصدي لحملات الكراهية ضد المسلمين ومقدسات الأمة، إضافة إلى تفنيد بعض المغالطات حول التجاوزات في حق المقيمين العرب؛ مشيرا إلى أن تركيا ما زالت ترغب في لعب دور إسلامي مؤثر يتناسب مع طموحها الجيوسياسي، وهذا الطموح لا يغفل عن كسب ود العرب ودعمهم، لذلك حدث اللقاء.

وأشارت المصادر إلى حالة الاضطراب التى تعيشها الجماعة بسبب التقارب المصري التركي، وكيف تستغل أي موقف وتأويله سياسيا، ومن ثم توظيفه إعلاميا في اتجاه يضر عودة العلاقات كما كانت. وهذا بكل أسف يضر المصالح التركية، ففي النهاية مصالح الدول تعلو أي مصلحة وأكبر من أي جماعة، فكثير من الملفات المحورية بالنسبة للأتراك جزء منها بيد النظام في مصر ولا سبيل لحلها والتوافق عليها إلا بعودة علاقات الطرفين كمات كانت قبل 2011.

ظهور محمد الصغير المعروف عنه تمويل بعض مراكز الأبحاث، منها مركز حوريات للدراسات الاستراتيجية، وإبراز صورته بجوار الرئيس أردوغان كان للاستثمار الإعلامي وبناء سرديات متخيلة حول الصورة، تحليلا وتعليقا لإيهام الرأي العام المصري بأن الجماعة ما زالت محل اهتمام لدى صانع القرار التركي، وبالتالي فإن المسار التي تريده مصر لعودة العلاقات كاملة قد ينحنى في الفترة المقبلة، وهذه رؤية خاطئة لا تعبر عن حقيقة المشهد ورغبة النظام التركي في تسريع عودة العلاقات مع مصر، فاللقاء بالنسبة للأتراك تطميني فيما يخص الحملة التي تشنها تركيا على المهاجرين غير الشرعيين.