بعد إعلان روسيا مقتله.. من هو قائد «فاغنر»؟ وكيف استعجل نهايته؟

ذات مصر

ترددت أنباء خلال الساعات القليلة الماضية، تفيد بتحطم طائرة خاصة تقل زعيم ومؤسس مجموعة فاغنر الروسية العسكرية الخاصة، يفغيني بريغوجين، مساء أمس الأربعاء، قرب العاصمة الروسية موسكو.

ونشرت وكالة النقل الجوي الفيدرالية الروسية،  أسماء الأشخاص الـ10 على متن الطائرة الخاصة ليفغيني بريغوجين عندما تحطمت، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها.

يفغيني في أفريقيا

وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على المدونات العسكرية الموالية لروسيا، يوم الاثنين، زعيم مجموعة فاغنر الروسية العسكرية الخاصة، يفغيني بريغوجين، وهو يدعي أنه في إفريقيا ويتحدث عن "جعل روسيا أعظم في جميع القارات".

ومن غير الواضح متى وأين جرى تصوير الفيديو، لكن بريغوجين ظهر وهو يحمل بندقية يقف في منطقة يبدو أنها صحراوية.

وقال: "نحن نعمل، ودرجة الحرارة تزيد عن 50 مئوية، كل شيء يسير بالطريقة التي نحبها تماما، وتجري شركة فاغنر عمليات الاستطلاع والبحث، مما يجعل روسيا أعظم في جميع القارات، وإفريقيا أكثر حرية".

وأضاف: "العدالة والسعادة للشعوب الإفريقية، دعونا نجعل الأمر كابوسا لداعش والقاعدة وغيرهم من البلطجية، نحن نستأجر أبطالا حقيقيين (المحاربين السلافيين القدماء)، ونواصل الوفاء بالمهام التي وضعت أمامنا والتي وعدنا بها".

من هو قائد مجموعة “فاغنر”؟

قائد مجموعة فاغنر هو يفغيني بريغوجين وهو صديق قديم للرئيس بوتين، وابن مدينته سان بطرسبرغ، نشأ يتيمًا، حيث توفي والده وهو صغير، وخلال سنوات دراسته المبكرة كان يطمح أن يكون متزلجًا محترفًا.

وتعود معرفة بريغوجين قائد مجموعة فاغنر بالرئيس الروسي فلاديمير ببوتين إلى زمن بعيد، حيث ولد كلاهما في مدينة ليننغراد «سانت بطرسبورغ» الآن.

تدرب الطفل حينها على يد زوج والدته "صاموئيل زاركوي" الذي ربّاه، والتحق بمدرسة مرموقة لألعاب القوى وتخرج فيها، العام 1977، لكنه أخفق بتحقيق نتائج مرضية، وعمل في مستشفى محلي.

وبعد حوالي سنتين لم يشهدا استقرارًا، اعتُقل "بريجوجين" وأُدين بالسجن لعامين مع وقف التنفيذ، بتهمة السرقة، ثم اعتُقل مرة ثانية بالتهمة نفسها، لكن حُكم عليه بالسجن 12 عامًا، قضى منها 9 أعوام في المعتقل وخرج بعفو العام 1988.

بعد تجربة السجن انخرط "بريجوجين" في التجارة حتى أصبح نهاية تسعينيات القرن الماضي مديرًا لشركة "كونتراست"، التي كانت أول سلسلة متاجر بقالة في سانت بطرسبرغ، بالتزامن مع إسهامه في تأسيس شركة القمار "سبكتروم".

سجن يفغيني

وخلال الأعوام الأخيرة للاتحاد السوفياتي، قضى بريغوجين فترة طويلة داخل السجن 10 سنوات بحسب تصريحات سابقة له ولكن لم يذكر السبب.

وبعد خروجه من السجن، امتلك كشكًا لبيع النقانق، ثم تحول إلى مطاعم فاخرة جذبت اهتمام بوتين، والذي قرر في أحد الأيام أن يصطحب الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك لتناول العشاء في أحدى مطاعم بريغوجين.

واتسعت أعمال بريغوجين بشكل كبير لتشمل تقديم وجبات الغداء المدرسية، وفي موسكو وحدها فازت شركته «كونكورد» بعقود بملايين الدولارات لتقديم وجبات طعام المدارس العامة.

وفي عام 2010، ساعده بوتين في إنشاء مصنع ضخم بتمويل كبير من قبل أحد البنوك الحكومية الروسية.

كما قام بتحضير وجبات طعام لمناسبات في الكرملين لسنوات عديده مما أكسبه لقب «طاهي بوتين»، بالإضافة إلى تقديم التموين الغذائي وخدمات المرافق لقوات الجيش الروسي.

يفغيني وبوتين

وتطورت العلاقات بين بوتين و"بريجوجين" عبر السنين، فأصبح من المقرَّبين، وفي العام 2012، فاز بعقد بقيمة 1.2 مليار دولار، لتزويد الجيش الروسي بوجبات طعام لمدة عام، ثم انتقل إلى الاستثمار في أبحاث الإنترنت.

وفي 2017، اتهم أليكسي نافالني، وهو شخصية معارضة ومحارب للفساد، شركات بريغوجين بخرق قوانين مكافحة الاحتكار من خلال تقديم عطاءات لحوالي 387 مليون دولار في عقود وزارة الدفاع.

الجانب العسكري

وبحكم قربه من المؤسس العسكرية الروسية امتلك بريغوجين  مجموعة «فاغنر»، وهي قوة مرتزقة متحالفة مع الكرملين أصبحت تلعب دورًا مركزيًا في رؤية بوتين للنفوذ الروسي في مناطق الاضطرابات حول العالم.

وتقول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ودول أخرى إن قوات المرتزقة تورطت في صراعات في دول عبر أفريقيا على وجه الخصوص.

ويزعم أن مقاتلي فاغنر يوفرون الأمن لقادة دول أو أمراء الحرب مقابل مبالغ سخية، غالبًا ما تشمل حصة من الذهب أو الموارد الطبيعية الأخرى.

ويقول مسؤولون أميركيون إن روسيا ربما تستخدم أيضاً عمل فاغنر في أفريقيا لدعم حربها في أوكرانيا.

وفي أوكرانيا، أصبح مرتزقة بريغوجين قوة رئيسة في الحرب، يقاتلون كنظراء للجيش الروسي في المعارك مع القوات الأوكرانية.

ويشمل ذلك مقاتلي فاغنر الذين سيطروا على مدينة باخموت التي شهدت أكثر المعارك الدموية.

وتقدر الولايات المتحدة بأن ما يقرب من نصف القوات الروسية التي قُتلت في أوكرانيا منذ ديسمبر، وعددها 20 ألف جندي، كانت من مقاتلي «فاغنر» في باخموت، وكان من بين جنوده المأجورين عدد من السجناء المجندين من السجون الروسية.

دور يفغيني تجاه روسيا

وعمل زعيم مجموعة القتال الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، الذي لقي حتفه، مساء يوم الأربعاء، في تحطم طائرة شمالي موسكو، على تعزيز نفوذ موسكو بعدد من مناطق العالم طيلة سنوات، لكن دخوله غمار الحرب الدائرة بأوكرانيا كان بمثابة محطة مفصلية.

وكان بريغوجين البالغ 63 عاما، من بين ركاب طائرة تحطمت بعد إقلاعها في رحلة داخلية من العاصمة موسكو إلى مدينة سان بطرسبرغ، في حادث أسفر عن مصرع كافة الركاب، من بينهم أفراد الطاقم.

وظل بريغوجين يدعم الروس في عدد من مناطق العالم، حيث تحدثت تقارير عن أنشطة المجموعة بعدة مناطق، وأحدثها منطقة الساحل الإفريقي، حيث تراجع نفوذ قوى تقليدية مثل فرنسا.

وبحسب تقديرات صادرة عن مجلس العلاقات الخارجية؛ وهو هيئة بحثية أمريكية، فإن مجموعة "فاغنر" عملت في نحو خمس دول بالقارة السمراء مثل إفريقيا الوسطى ومالي.

أما البداية اللافتة والقوية للمجموعة القتالية، فكانت بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم في سنة 2014، ثم توالت المهام، وسط حديث عن وجود الآلاف من مقاتلي فاغنر في إفريقيا.

لكن بريغوجين الذي ظل يعمل في الخفاء، نظرا إلى طبيعة المجموعة القتالية، ونوع المهام التي تنفذها، انتقل إلى مرحلة جديدة "علنية" خلال حرب أوكرانيا.

ولم يكن بريغوجين حاضرا في مجريات الحرب مباشرة بعد بدئها في فبراير 2022، بل تنامى دوره في وقت لاحق، بعدما جرى الحديث عن "تعثر روسي" في تحقيق الأهداف، وعدم القدرة على حسم معارك ضارية في الشرق الأوكراني.

تدخل بريغوجين، وقتئذ، واستطاع أن يجعل الكفة تميل لصالح روسيا، ويُنسب له عدد من الروس الفضل في السيطرة على مدينة باخموت التي شهدت أكثر المعارك ضراوةً.

لكن النصر الكبير في معركة باخموت، لم يكن نهاية المتاعب، لأن زعيم فاغنر، صار يطل على نحو غير مألوف عبر منصة "تلغرام"، دون أن يجد حرجا في توجيه نقد علني للقيادة العسكرية في روسيا، بما في ذلك وزير الدفاع سيرغي شويغو.

بداية الأزمة

واشتكى بريغوجين من قلة الإمدادات، وألمح إلى وجود تعمد من الجيش لأجل عرقلة ما تقوم به قواته في أوكرانيا، وذهب إلى حد الحديث عن قصف عناصره، فطفت مشاكل روسيا في أوكرانيا إلى السطح.

وجرى النظر إلى فيديوهات بريغوجين بمثابة "صوت نشاز"، لكن جرى تقبل ما صدر عنه لفترة، بحسب متابعين، نظرا لدوره في خدمة النفوذ الروسي، حتى وإن ظل صوته يعلو يوما بعد الآخر.

وفُهم الأمر أيضا على أنه تنافس بين مسؤولين عسكريين على من ينسب الفضل لنفسه في الحرب، لأن شرخا من هذا القبيل قد يقع وسط مختلف الجيوش.

أما المنعطف الحاسم، فهو التمرد القصير الذي قام به بريغوجين، أواخر يونيو الماضي، حين انطلقت قواته صوب العاصمة موسكو، بسبب وصول قائد المجموعة إلى نقطة النهاية مع قيادة الجيش التي اتهمها باستهداف مقاتليه.

ورغم طي الأزمة سريعا، بوساطة من الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، إلا أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان قد وصف تحرك "فاغنر" بالخيانة.

وانتهت الوساطة، بثلاث خيارات أمام مقاتلي "فاغنر"؛ فإما الانضمام إلى الجيش الروسي ليصبحوا جنودا نظاميين، أو المغادرة إلى بيلاروسيا، وحتى العودة لعائلاتهم.

حرب  “فاغنر” ضد القوات الروسية

 تحولت “فاغنر” من مجموعة مقاتلة تحت العلم الروسي في أوكرانيا إلى مجموعة غاضبة متمردة ضد وزارة الدفاع، في تصعيد مفاجئ وخطير استدعى أمرا من الرئيس فلاديمير بوتين بسحق هذه التمرد بعدما صعد بريغوجين من نبرة خلافه مع كبار الضباط العسكريين في روسيا، برفضه مبررات موسكو الأساسية لغزو أوكرانيا.

وفي سلسلة من التسجيلات الصوتية اللاحقة على تلغرام، قال بريغوجين إن "شر" القيادة العسكرية الروسية "يجب أن يتوقف" وإن مرتزقة فاغنر سيقودون "مسيرة من أجل العدالة" ضد الجيش الروسي.

و رد جهاز الأمن الاتحادي الروسي بفتح قضية جنائية ضد بريغوجين، قائلا إنه دعا إلى تمرد مسلح.

و حث نائب قائد الحملة الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفكين مجموعة فاغنر على التوقف عن معارضتها للقيادة العسكرية والعودة إلى قواعدها.

وقال بريغوجين إن رجاله عبروا الحدود من أوكرانيا إلى روسيا وهم على استعداد للذهاب "إلى أبعد مدى" في معارضتهم للجيش الروسي.

ودخل مقاتلو فاغنر مدينة روستوف بجنوب روسيا، حسبما قال بريغوجين في تسجيل صوتي نُشر على تيليغرام.

كل هذا الأحداث أدت إلي مقتل قائد فاغنر بعدما أصبح متمرداً علي القوات الروسية والكرملين رغم الحديث عن إنهاء الخلاف بين الجانبين قبل أيام، وظهوره خلال القمة الروسية الإفريقية في بطرسبورغ في استقبال القادة الأفارقة.