علاء عوض يكتب: فوضى اقتصادية وإدارة عاجزة

ذات مصر

نبدأ الربع الأخير من العام 2023 وسط ظروف عالمية سياسية واقتصادية غير عادية، فعدوي الحرب الروسية الأوكرانية تنتشر جيوسياسيا والدولار يتلاعب بالأسواق والعملات العالمية، والركود  يهدد كبري الشركات العقارية العالمية بالإفلاس.. ومشاكل سوق السندات تتزايد في الصين.

خام برنت يتجاوز 94 دولاراً بسبب نقص الإمدادات مما يغذي التضخم العالمي ويجعله يتوحش ليعصف باقتصاديات الدول الناشئة ذات الاقتصاد الهش ويضغط على عملاتها ويجبرها علي مزيد من الانخفاض.

 كذلك أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 17 عامًا، وبسبب خيارات الأسهم واستراتيجيات التحوط، وأتوقع ان  خيار الأموال سيكون  الهجرة من سوق الأسهم الأمريكية للحصول علي الفائدة المرتفعة ليكسي مؤشرات البورصة الأمريكية باللون الأحمر  ومن خلفها البورصات العالمية.

للأسف مصر ستتأثر سلبيًا خلال الفترة القادمة فسياسيا هناك حالة من عدم الثقة داخليا وخارجيا، بعد الفشل في معالجة كارثة سد النهضة مع استمرار اشتعال نيران الحرب على بوابتها الجنوبية وفي الشرق ليبيا مازالت غير مستقرة ومنقسمة.

واقتصاديا هناك فوضي وحالة انفلات غير مسبوقة في أسعار السلع الغذائية الاستراتيجية في ظل إدارة عاجزة عن ضبط الأسواق والأيام القادمة سوف تستورد مزيد من التضخم من الأسواق العالمية بسبب مشاكل ارتفاع سعر البترول والامدادات وقيام أكثر من دولة بفرض قيود على صادراتها من السلع الغذائية.

 مع تزايد ضغوط خدمة الدين وصعوبة الحصول على تمويل عالمي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة عالميا واستمرار سياسة اغراق الأسواق بالأموال المطبوعة وعدم التركيز علي دعم الإنتاج وحل مشاكل القطاع الصناعي بالإضافة إلى استمرار ضغوط صندوق النقد الدولي ليدفع الحكومة المصرية للتخلص من أصولها بثمن رخيص (كما حدث مع شركة موبكو والإسكندرية لتداول الحاويات وأبوقير للأسمدة.

فتلك الشركات وغيرها بعد ان تخلصت من الدولة تضاعف سعرها أكثر من مرة في أقل من عام ونصف،  وإخراج الجيش من لعبة الاقتصاد وإجبار الحكومة على تعويم عنيف ينهي على ما تبقي من عمر العملة المصرية مع رفع أسعار الفائدة لمستويات غير مسبوقة، كلها عوامل ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتراجع الطلب، وتجعل الركود يضرب الاقتصاد المصري بعنف وتهدد السلامة الاجتماعية.

إذا أرادت الإدارة المصرية النجاة عليها الابتعاد عن العولمة الفترة القادمة بقدر الإمكان واتباع سياسة عدم الانصياع مع صندوق النقد، والتركيز علي زراعة المحاصيل الاستراتيجية وحل مشاكل قطاع الصناعة خاصة الضريبية منها وبأي حال من الأحوال عليها ان تتوقف عن سياسة طبع الأموال دون غطاء إنتاجي.

ولمعالجة أزمة الديون علي الحكومة أن تتقشف وتعرض ما قامت به من مشاريع بنية أساسية أرهقت المالية المصرية في الفترة الأخيرة علي الدائنين بنظام حق الانتفاع علي ان تعود تلك الأصول لمصر بعد انتهاء سداد قيمة الدين 

ولسهولة تنفيذ ذلك وضمان الجاذبية يجب فتح ومعالجة انسداد شرايين السياسة المصرية فهي الضمانة الوحيدة لجذب الاستثمارات الأجنبية النظيفة .

التضخم يعكس حقيقة أن الاقتصاد يعاني بسبب الإنكار وعدم الاعتراف بالأخطاء المالية والسياسية، والأسواق تنحاز إلى من يعرفها ويدرسها ويتفاعل معها فهل حان وقت التغيير.