سَاعَةٌ رَمْلِيَّةٌ وَنِهَايَةُ إِسْرَائِيلَ.. تُعِيدَانِ اَلنَّجْمَ اَلْأَكْثَرَ إِثَارَةً لِلْجَدَلِ إِلَى اَلْوَاجِهَةِ

ذات مصر

فِي خِضَمِّ اَلِاهْتِمَامِ اَلْكَبِيرِ بِمَا يَحْدُثُ فِي قِطَاعِ غَزَّةَ مِنْ قَصْفٍ وَحْشِيٍّ إِسْرَائِيلِيٍّ خَلَّفَ آلَافِ اَلشُّهَدَاءِ وَالْجَرْحَى.. لَفَتَ اَلِانْتِبَاهَ تَعْلِيقٌ مَنْسُوبٌ لِلنَّجْمِ "مِيل جِيبْسُون" عَلَى حِسَابٍ غَيْرِ مُوَثَّقٍ عَلَى مِنَصَّةِ "إِكس" كَانَ اَلتَّعْلِيقُ مَصْحُوبًا بِصُورَةٍ يَظْهَرُ فِيهَا عِلْمُ دَوْلَةِ اَلِاحْتِلَالِ، وَقَدْ اِسْتُبْدِلَتْ سَاعَةٌ رَمْلِيَّةٌ تَقْتَرِبُ مِنْ نِهَايَةِ دَوْرَتِهَا؛ بِالنَجْمَةِ السُّدَاسِيَّة.. أَمَّا نَصُّ اَلتَّعْلِيقِ فَكَانَ "قَرِيبًا سَيَنْتَهِي اَلْأَمْرُ وَهُمْ عَلَى عِلْمٍ بِذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ هُمْ يُرِيدُونَ تَدْمِيرَ كُلِّ شَيْءٍ فِي طَرِيقِهِمْ".


وَبِالرَّغْمِ أَنَّ اَلْأَمْرَ لَمْ تَثْبُِتْ صِحَّتَهُ، وَأَغْلَبُ اَلظَّنِّ أَنَّهُ حِسَابٌ لَا يَخُصُّ اَلْمُمَثِّلَ وَالْمُخْرِجَ اَلشَّهِيرُ؛ إِلَّا أَنَّ اَلتَّغْرِيدَةَِ أَعَادَتْ إِلَى اَلْأَذْهَانِ تَارِيخًا طَوِيلاً مِنْ اَلْمَوَاقِفِ اَلَّتِي ظَهَرَ فِيهَا جِيبْسُونْ مُنْتَصِرًا لِآرَائِهِ وَأَفْكَارِهِ.. وَلَمْ يَتَرَدَّدْ فِي دَفْعِ اَلثَّمَنِ.
اَلْبِدَايَاتُ كَانَتْ تَشِي بِذَلِكَ.. وَالِدُهُ عَامِلُ اَلْفَرَامِلِ بِالسِّكَكِ اَلْحَدِيدِيَّةِ، وَاَلَّذِي كَانَ أَيضًا شَخْصِيَّةً قِيَادِيَّةً فِي مَجْمُوعَةٍ كَاثُولِيكِيَّةٍ مُنْشَقَّةٍ مُحَافَظَةٍ - فَوْرَ حُصُولِهِ عَلَى تَعْوِيضِ بِسَبَبِ إِصَابَةِ عَمَلٍ.. هَاجَرَ اَلْأَبُ بِأَبْنَائِهِ إِلَى أُسْتُرَالْيَا عَامَ 1968، لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الهِجْرَةِ لِيَخْفَى عَلَى أَحَدٍ.. لَقَدْ أَرَادَ اَلسَّيِّدُ جِبْسُونْ تَجْنِيبَ أَوْلَادِهِ اَلتَّجْنِيدَ وَالذَّهَابَ إِلَى اَلْقِتَالِ اَلْعَبَثِيِّ فِي فِيتْنَام.


لَمُّ يَِنْأ "ميل" عَنْ أَفْكَارِ وَالِدِهِ اَلَّتِي تَحْمِلُ مُقْتًا شَدِيدًا لِليَهُودِ، وَتَصِمَهُمْ دَائِمًا بِأَنَّهُمْ سَبَبُ خَرَابِ اَلْعَالَمِ، وَأَنَّهُمْ وَرَاءَ كُلِّ اَلْحُرُوبِ وَالنِّزَاعَاتِ.. هَذِهِ اَلْآرَاءِ اَلَّتِي جَاهَرَ بِهَا اَلْأَبُ فِي أَكْثَرَ مِنْ مُنَاسَبَةٍ، سَبَّبَتْ حَرَجًا شَدِيدًا لِميل.. لِمَا اِتَّسَمَتْ بِهِ مِنْ شَطَطٍ فِي كَثِيرٍ مِنَ اَلْأَحْيَانِ.. وَصَفَ فِي إِحْدَاهَا بَابَا اَلفَاتِيكَان بِغَيْرِ اَلشَّرْعِيِّ وَالْمُحْتَلِّ.. كَمَا اِتَّهَمَ المَجَْمَعَ الفَاتِيكَانِيَّ الثَّانِي بِأَنَّهُ كَانَ مُؤَامَرَةً لِتَدْمِيرِ الكَاثُولِيكِيَّةِ بِمُعَاوَنَةِ اليَهُودِ.. تَسَاءَلَ اَلأَبُ أَيْضًا.. كَيْفَ أَمْكَنَ لِلنَّازِيِّينَ دَفْنَ سِتَّةِ مَلَايِينِ جُثَّةٍ؟! وَكَانَ مِنْ أَشْهَرِ تَصْرِيحَاتِهِ مَا جَاءَ بِخُصُوصِ هَجَمَاتِ الحَادِي عَشَرَ مِنْ سِبْتَمْبِرَ اَلَّتِي ذَهَب فيْهَا إِلَى أَنَّ بُرْجَيْ مَرْكَزِ اَلتِّجَارَةِ اَلْعَالَمِيِّ، قَدْ دُمِّرَا بِأَجْهِزَةٍ تَحْكُمٍ عَنْ بُعْد.


كَانَتْ بِدَايَاتُ اَلنَّجْمِ اَلْعَالَمِيِّ قَدْ شَهِدَتْ نَجَاحَاتٍ مُتَعَدِّدَةً، إِلَّا أَنَّ نَجَاحَ فِيلْمِBraveheart  مِنْ بُطُولَتِهِ وَإِخْرَاجِهِ عَام 1995، كَانَ نَجَاحًا مُذْهِلاً عَلَى كَافَّةِ اَلْمُسْتَوَيَاتِ، خَاصَّةً بَعْدَ حُصُولِ الفِيلْمِ عَلَى خَمْسِ جَوَائِزِ أُوسكَارٍ مِنْ أَصْلِ عَشَرَةِ جَوَائِزَ رَشَّحَ لَهَا اَلْفِيلْمُ.. لَكِنَّ اَلْأَمْرَ لَمْ يَخْلُ مِنْ إِثَارَةٍ لِلْجَدَلِ؛ إِذْ اِتَّهَمَتْ جَمْعِيَّاتُ حُقُوقِ اَلْمِثْلِيِّينَ، جِيبْسُونْ بِأَنَّهُ سَخَّرَ كُلَّ طَاقَاتِهِ وَمَوَاهِبِهِ فِي الفِيلمِ لِلْإِسَاءَةِ إِلَى اَلمِثْلِيِّينَ وَالتَّحْرِيضِ عَلَى إِيذَائِهِمْ وَازْدِرَائِهِمْ عَلَى كُلِّ صُورَةٍ مُمْكِنَةٍ.. وَكَذَلِكَ فَعَلَ جِيبْسُونْ فِي الفِيلم مَعَ اَلْإِنْجِلِيزِ حَسَبَمَا ذَهَبَ اَلْبَعْضَ.


ثُمَّ كَانَتْ مُوَاجَهَةُ جِيبْسُونْ اَلكُبْرَى مَعَ اَلْيَهُودِ وَالدَّوْلَةِ اَلْعِبْرِيَّةِ عَامَ 2004، عِنْدَمَا قَرَّرَ جِيبْسُونْ خَوْضَ تَجْرِبَةِ اَلْإِخْرَاجِ فَقَطْ فِي فِيلْمٍ حَمَلَ عُنْوَان "آلَامِ اَلْمَسِيحِ".
الفِيلْمُ اَلَّذِي اُتَّهِمَ لَاحِقًا بِمُعَادَاةِ اَلسَّامِيَّةِ، وَاجَهَ صُعُوبَاتٍ جَمَّةً مُنْذُ البِِدَايَةِ، تَعَلَّقَتْ بِلُغَةِ الفِيلمِ اَلَّذِي أَرَادَ جِيبْسُونْ أَنْ تَكُونَ اَللُّغَةَ اَلآرَامِيَّةُ.. لُغَةُ السَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ.


ثُمَّ حَاوَلَتْ جَمَاعَاتٌ دِينِيَّةٌ مُتَشَدِّدَةٌ وَقْفَ مَسِيرَةِ اَلْفِيلْمِ، أَصَرَّ جِيبْسُونْ عَلَى مَوْقِفِهِ رَغْمَ جَسَامَةِ اَلتَّحَدِّيَاتِ، وَأَنْفَقَ مِنْ جَيْبِهِ اَلْخَاصِّ عِشْرِينَ مِلْيُونًا مِنْ اَلدُّولَارَاتِ.. لَكِنَّ اَلفِيلمَ نَجَحَ نَجَاحًا كَبِيرًا مُحَقِّقًا 370 مِلْيُونِ دُولارِ دَاخِلَ اَلْوِلَايَاتِ اَلْمُتَّحِدَةِ فَقَِطْ، كَأَكْثَر اَلأَفْلامِ اَلْمُسْتَقِلَّةِ تَحْقِيقًا لِلأَرْبَاحِ فِي تَارِيخِ اَلسِّينَمَا اَلْأَمْرِيكِيَّةِ. بَعْدَ عَرْضِ اَلْفِيلْمِ ثَارَتْ ثَائِرَةُ اَلْجَمَاعَاتِ اَلْيَهُودِيَّةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَاتَّهَمُوا جِيبْسُونْ صَرَاحَةً بِمُعَادَاةِ اَلسَّامِيَّةِ وَالتَّحْرِيضِ ضِدَّ اَلْيَهُودِ، كَمَا حَاوَلُوا رَفْعَ اَلْفِيلْمِ مِنْ دُورِ اَلعَرضِ دُونَ جَدْوَى.


رُبَّمَا تَكُونُ حَادِثَةُ اَلثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ يُولْيُو 2006، هِيَ أَهَمُّ اَلْمُنْعَطَفَاتِ اَلْخَطِرَةِ فِي حَيَاةِ اَلنَّجْمِ اَلأَكْثَرِ إِثَارَةً لِلْجَدَلِ، مَعَ تُهْمَةِ مُعَادَاةِ اَلسَّامِيَّةِ - كَانَ جِيبْسُونْ يَقُودُ سَيَّارَتَهُ اَلْ "لِكْزَسْ" حِينِ أَوْقَفَتْهُ اَلشُّرْطَةُ بِسَبَبِ تَجَاوُزِ اَلسُّرْعَةِ اَلْمُقَرَّرَةِ.. كَمَا كَشَفَ اَلتَّحْلِيلُ تَجَاوُزَ نِسْبَةِ اَلْكُحُولِ فِي دَمِ جِيبْسُونْ، اَلْحَدُّ اَلْمَسْمُوحُ بِهِ فِي قَانُونِ وِلايَةِ كَالِيفُورْنِيَا.. هَاجَمَ جِيبْسُونْ اَلضُّبَّاطَ اَلَّذِينَ أَلْقَوْا اَلْقَبْضُ عَلَيْهِ، وَوَجَّهَ لأَحَدِهِمْ شَتَائِمُ مُعَادِيَةٌ لِلسَّامِيَّةِ، وَكَرَّرَ اَلتُّهْمَةَ اَلَّتِي كَانَ كَثِيرًا مَا يُرَدِّدُهَا وَالِدُهُ عَنْ مَسْئُولِيَّةِ اَلْيَهُودِ عَنْ كُلِّ حُرُوبِ اَلْعَالَمِ - ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ اَلضَّابِطِ يَهُودِي.. وَفِي زِنْزَانَتِهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ جِيبْسُونْ عَنْ اَلصُّرَاخِ وَالسِّبَابِ اَلْعُنْصُرِيِّ اَلَّذِي طَالَ هَذِهِ اَلْمَرَّةِ ضَابِطَةَ اَلِاحْتِجَازِ.. لَكِنَّهُ سُرْعَانَ مَا أُطْلِقَ سَرَاحَهُ بِكَفَالَةٍ.


وَجَدَتْ وَسَائِلُ اَلإِعْلامِ ضَالَّتَهَا فِي اَلْحَادِثِ، فَتَنَاوَلَتْهُ عَلَى أَوْسَعِ نِطَاقٍ. وَرَغمَ أَنَّ جِيبْسُونْ اِعْتَذَرَ عَلَى اَلْمَلأِ إِلا أَنَّ وَسَائِلَ اَلإِعْلامِ وَصَفَتْ اِعْتِذَارَه بِالْمُخَادِعِ وَغَيْر اَلْمُقَنَّعِ.. دَاعِمِينَ وُجْهَةَ نَظَرِهِمْ بِمَا صَرَّحَتْ بِهِ اَلْمُمَثِّلَةُ "وَيُنَوِّنَا رَايْدَرْ" بِأَنَّ اَلنَّجْمَ اَلْعَالَمِيَّ سَخِرَ أَمَامَهَا مِنْ اَلْيَهُودِ فَوْرَ ذِكْرِ اِسْمِهِمْ فِي إِحْدَى اَلْفَعَّالِيَّاتِ.


يُذْكَر أَنَّ جِيبْسُونْ كَانَ قَدْ أَدَانَ اَلانْتِهَاكَاتِ اَلإِسْرَائِيلِيَّةَ بِحَقِّ اَلْفِلَسْطِينِيِّينَ، كَمَا أَعْلَنَ دَعْمَهُ بِوُضُوحٍ لِلقَضِيَّةِ اَلْفِلَسْطِينِيَّةِ.. وَهُوَ مَا جَعَلَ بَعْضَ اَلإِعْلَامِيِّينَ فِي اَلْغَرْبِ لا يَسْتَبْعِدُ أَنْ تَكُونَ اَلتَّغْرِيدَة اَلْمُثِيرَةِ لِلْجَدَلِ حَقِيقِيَّةً.


بِغَضِ النَّظَرِ عَنْ هَذَا اَلجَدَلِ اَلدَّائِرِ حَوْلَ مِيلْ جِيبْسُونْ وَآرَائِهِ.. تَبْقَى حَقِيقَةٌ تُؤَيِّدُهَا وَقَائِعُ اَلتَّارِيخِ وَحِكْمَةُ اَلأَيَّامِ.. وَهِيَ أَنَّ اَلْغَاصِبَ اَلْمُحْتَلَّ لَا بَقَاءً لَهُ.. وَأَنَّهُ سَيَنْتَهِي وَيَزُولُ..  وأنّ الحقَّ سَيَنْتَصِرُ وَإِنْ طَالَ اَلزَّمَنُ.