فراج إسماعيل يكتب: انهيار الروايات الإسرائيلية

ذات مصر

كم من رواية إعلامية إسرائيلية تهاوت وانتهت كانهيار أطقم دباباتها خلال اليومين الأخيرين وهروبهم منها.. إسرائيل التي تزعم أنها واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط تعرت تماماً أمام العالم، ولم تترك خرقة قماش واحدة تستر سوءاتها وسقطاتها المزرية.

تكنولوجيا الإعلام الجديد لم تدعها تنفرد برواية الحرب. وسائل التواصل حاصرت قصصها الخبرية وفندتها وأثبتت كذبها.. حتى إنها اضطرت إلى الإقرار بقتلى أكثر مما كانت تعلنه بعد أن كانت تكتفي بالاعتراف بقتيل واحد كل يومين!

والمدهش أن حماس التي تعيش في مدينة لا تلتقط أنفاسها من القصف الهمجي المجنون، تتمكن من تقديم روايات إعلامية موثقة بالفيديوهات، لعمليات هجومية ولاصطياد الجنود والضباط كأنهم في نزهة لاصطياد العصافير!

كثير جدا أن تعلن تل أبيب مقتل 6 جنود وضباط يوم السبت، ثم 7 جنود وضباط يوم الأحد وإصابة 4، إذاً هناك تحول كبير في نتائج الحرب لصالح حماس والفصائل المقاومة الأخرى. توثيق كتائب القسام استهداف آليات إسرائيلية وتدمير 29 دبابة في يوم واحد، وانسحاب الدبابات الأخرى، يؤكد أن لديها مفاجآت كثيرة، تُخرج منها المفاجأة تلو الأخرى في الوقت الذي يناسبها وبحساب دقيق لا يستنزف مخزونها من الأسلحة.

بالعكس فإنه يتم استنزاف الجيش الإسرائيلي. لن تستطع قدرات دولة الاحتلال الاقتصادية تمويل حرب طويلة، ظنت في بدايتها أنها تستغرق أياماً، فإذا بها تتجاوز اليوم الأربعين، دون أن تضعف حماس، بدليل أن مقاومتها أخذت منحى جديداً، وأصبحت المعارك بالنسبة لهم نزهة الليل والنهار!

الإعلام الإسرائيلي تحدث عن اقتراض 8 مليارات دولار بفائدة مرتفعة لتمويل الحرب. في واشنطن هناك معارضة كبيرة لمنح إسرائيل المزيد من المساعدات المالية والاقتصادية، بعد طلب بايدن 14 مليار دولار لها، فأمريكا هي الأخرى تعيش أزمة اقتصادية، ورغم محاولة التقرب مع بكين، يواجه اقتصادها مأزقاً كبيرا لن يستطيع الأمريكيون التعايش معه.

ومن ثم فإن الدعوات تتصاعد لقطع الدعم عن إسرائيل وحتى عن أوكرانيا، وذلك يعني أن كلاً منهما سيضطر إلى الانسحاب من الحرب، وقد هدد بهذا صراحة الرئيس الأوكراني زيلنسكي بسبب توجيه الدعم الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط (يقصد إسرائيل).

لن يتقبل الشعب الإسرائيلي المزيد من القتلى، ففي كل حروبه السابقة ضد العرب، قامت استراتيجية قيادته على تقليل خسائره في الأرواح، وذلك لم يتح لهم تحقيقه في حرب طوفان الأقصى بسبب شراسة المقاومة الفلسطينية وتدريبها العالي وتصنيع وتطوير أسلحتها ذاتياً، بحيث تتحمل الحرب أشهراً.

إسرائيل إذا لم تكن هي المبادرة بالحرب فإنها تنهزم حتماً. ذلك حدث في حرب 1973 ويتكرر في حرب غزة الحالية.

والجديد هنا أن رواياتها عن الحرب لا يصدقها الرأي العام الإسرائيلي، فالتحقيق الذي أجرته الشرطة الإسرائيلية كذب الرواية التي استدرت بها عطف العالم ودموع بايدن، بأن مقاتلي حماس هاجموا الحفل الموسيقي وقتلوا عدداً كبيراً من الحضور. توصل التحقيق إلى  أنهم لم يعلموا بوجود حفل، ومن قام بقصفه وأوقع ضحاياه مروحية إسرائيلية.

رواية أنفاق وقيادات حماس تحت مستشفى الشفاء تمخضت عن فأر كبير. ثم عالجوا الرواية بأخرى مفككة ومضحكة، بأنهم وجدوا نفقا عمقه عشرة أمتار وطوله 55 متراً ينتهي بباب مصفح!

وعوضاً عن الأسرى الذين وعدوا بهم المجتمع الإسرائيلي أسفل مستشفى الشفاء، قالوا إنهم وجدوا مواد تثبت أنهم كانوا بالمستشفى، كأن عملاً إنسانياً كهذا إذا كانوا قد أحضروا بعض الأسرى للعلاج، دليل استخباري يحسب لمخابراتهم الفاشلة، وانتصار حققوه بدخول المستشفى وتعريض مرضاه للموت عقب طردهم إلى الشارع.

ملامح نتنياهو في ظهوراته مؤخراً تؤكد مرضه وحالة العناء النفسي التي يعيشها نتيجة الفشل، فهو لا يواجه فقط التسجيلات المصورة لحماس وبث قناة الجزيرة لها، وإنما يواجه رأيًا عامًا إسرائيليًا ومعارضة مترصدة ترغب في طرده لأنه حتى الساعة يخسر الحرب ويقدم أبناءهم فريسة سهلة لكتائب القسام، بمن فيهم نخبة من الأطباء وطلاب الطب الذين يدرسون في بعثات خارجية، فقد جندهم وأرسلهم إلى غزة وقطع مسيرتهم العلمية، في حين ترك ابنه بعيدا عن الحرب في واشنطن بحجة جمع التبرعات.

ما أخسأ وانحطاط هذا الإرهابي الذي يقود الدولة العبرية.