مجلة فرنسية تسلط الضوء على أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا

ذات مصر

سلطت مجلة "لو بوان" الفرنسية الضوء، اليوم الثلاثاء، في تقرير لها على وصول مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدود بين الدول الثلاث، مصر والسودان وأثيوبيا.

حيث قالت الصحيفة إن الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الدول الثلاث انتهت يوم 19 ديسمبر الماضي، من غير التوصل إلى أرضية مشتركة، تزامنًا مع اقتراب الموعد النهائي لاستكمال العمل بسد النهضة في عام 2025.

وأوضحت المجلة أن مصر والسودان اللتين يعبرهما النيل الأزرق في طريقه نحو البحر الأبيض المتوسط، تريدان الحصول على اتفاق يلزم أديس أبابا باحترام شروط معينة لملء خزان السد وتشغيله.

اتهام القاهرة لأديس أبابا بالتعنت في المفاوضات

بدوره، استنكر مؤخرًا بيان صحفي مصري، فشل الاجتماع بسبب رفض إثيوبيا المستمر قبول أي حل وسط فني أو قانوني من شأنه أن يحفظ مصالح الدول الثلاث.

وجاء في البيان أن «مصر بذلت جهودا وتعاونت بشكل فعال مع دولتي الجوار لحل الخلافات الرئيسية والتوصل إلى اتفاق وديي لكنه كان من غير جدوى بسبب تعنت الموقف الأثيوبي»..

وتتلخص مخاوف القاهرة الرئيسية في أن يقوم مسؤولو سد النهضة بقطع التدفق في حالة الجفاف، ويشاركهم السودانيون نفس القلق رغم اعتدالهم في تعليقاتهم حتى الآن وعدم شراستهم بشكل كبير في حدة المناوشات مع الجانب الإثيوبي.

الموقف السوداني

في السياق ذاته، يحذر أحد المفاوضين السودانيين من أن سعة التخزين الكبيرة يمكن أن تؤثر على كلا البلدين «مصر والسودان» في اتجاه مجرى النهر، وهو أمر خطير للغاية.

وسيكون السودان، حيث يلتقي النيلان الأزرق والأبيض، هو الأكثر تضررا، لأن تنظيم تدفق النهر سيمنع الفيضانات الموسمية، والسد سيمنع وصول الرواسب، ويحرم المزارعين من الأسمدة الطبيعية، وفقا للمفاوض نفسه.

كما أنه من المحتمل أن يختل توازن النظام البيئي، رغم محاولات الحد من العواقب الضارة على البيئة مثل إزالة الغابات عن المساحات التي ستغمرها المياه مخافة أن يؤدي تحللها لانبعاثات غاز الميثان، وفقًا ل «مكديلاويت ميسي» الباحث المتخصص بشؤون نهر النيل.

الرد الإثيوبي

في السياق ذاته، ردت إثيوبيا بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة بأن مصر احتفظت بعقلية الحقبة الاستعمارية وأقامت العقبات أمام جهود التقارب، مضيفة أنها من حقها أن تسعي لتنمية بلدها من خلال هذا المشروع التنموي الكبير من غير إلحاق الضرر بمصر والسودان.

التهديد بالعطش قادم

كما أشار تقرير لو بوان إلى أن العودة إلى الوراء لم تعد ممكنة لأن المشروع يقترب من نهايته، بحيث سيتم الانتهاء من تركيب التوربينات المتبقية وهي 11 من أصل 13، ليبدأ تشغيلها جميعا بحلول عام 2025.

وتقول الباحثة المستقلة «آنا إليسا كاسكاو» إنه حتى بدون التوصل إلى اتفاق، يمكننا أن نعتبر أن مسألة سد النهضة قد حسمت بشكل نهائي.

حيث أنه لم يعد من الممكن إحداث أي تغيير في السد وأنه أصبح أمرًا واقعًا يجب على المصريين اعتياده، كما أنه بالطبع سيقلل من حصة مصر من المياه.

ورغم أن القاهرة ترغب في ضمان عدم قيام أديس أبابا ببناء المزيد من السدود على النيل الأزرق، فإن غياب أي اتفاق يعني أنه لا شيء يمنع إثيوبيا من ذلك. ومع ذلك، فإن التوصل إلى حل وسط من شأنه أن يسهل الاستثمارات الدولية التي تحتاجها الدول الثلاث لدعم المشاريع الوطنية والمشتركة التي يمكن أن تنشأ بفضل السد.

بدوره، يعتقد «غشاو أيفيرام»، المسؤول عن الشؤون الأفريقية بمعهد الشؤون الخارجية بإثيوبيا أن تسييس سد النهضة يشكل العقبة الرئيسية أمام إيجاد أرضية مشتركة، إذ لا ترى أديس أبابا في السد مجرد توفير الطاقة الكهرومائية، بل استعادة مجدها الماضي، كما أن مصر قد بنت هويتها على النيل، في حين أن السودان، الغارق في حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، ليست لديه حكومة شرعية للتوقيع على اتفاق دولي.