أحمد عطا يكتب: اغتيال العاروري.. عملية انتقال إسرائيل من حرب حدودية إلى حرب جهادية

ذات مصر

مازال رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بنيامين نتنياهو يستخدم في علم الرياضيات (التباديل والتوافيق) أو سيناريوهات سابقة التجهيز ليعزز مكانة حكومته وينتقل بها من مربع الخاسر إلي مربع المنتصر مستخدماً كل ما هو غير مشروع وغير شريف  في  مثل هذه النوعية من المواجهات  العسكرية بلمسات ديفيد برنيع رئيس الموساد الذي لديه اكبر شبكة من العملاء تحيط بتل أبيب لتأمينها وضمان بقائها، فبعد قرابة ثلاثة اشهر من الهزائم العسكرية لجيش الاحتلال ما بين قتلي وجرحي وتدمير أعداد ضخمة غير مسبوقة منذ تأسيس دولة إسرائيل حتى الآن نتيجة ضربات عنيفة و متوالية من المقاومة الفلسطينية.

لهذا أقدمت إسرائيل على اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والذي حكم عليه بالسجن أكثر من مرة في إسرائيل بل وأدرجته الخزانة الأميركية على قوائم الإرهاب عام ٢٠١٥، وذلك لتعاونه مع فيلق القدس بجانب جمع الأموال وتنفيذ عمليات لصالح حماس نتج عنها مقتل إسرائيليين يحملون الجنسية الأمريكية، وكان يجيد سياسة الفستق التي تعتمد على الحكي والنقاش مع تناول حبات الفستق ليعطي لنفسه الفرصة للتفكير في الكلام الصادر عن خصومه 

في نفس الوقت لابد أن نتوقف أمام الدلالة الزمانية لتنفيذ عملية اغتيال صالح العاروري في لبنان ، أولاً ديفيد برنيع رئيس جهاز الموساد الحالي لديه شبكة ضخمة تراكمية من العملاء في لبنان فهي الملعب الذي اتفقت جميع الأجهزة الاستخباراتية في جميع أنحاء العالم أن تعزف لحن واحد وفي حفلة واحدة علي خشبة مسرح واحد  وهي لبنان تتقدمهم المخابرات الفرنسية والإسرائيلية، لهذا كان تحديد خط سير صالح العاروري وجمع المعلومات والخريطة الجغرافية له في لبنان لن يكلف إسرائيل سوي تنشيط وإحياء دور العملاء في لبنان في ظل ضعف امني لبناني  غير مسبوق في جميع الضواحي.

 لهذا نجد أن حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو تريد أن تحقق حزمة من المكاسب قليلة التكاليف من وراء اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مقدمتها – إقناع أمريكا بقدرة إسرائيل علي تغير المعادلة العسكرية في غزة من مهزوم لمنتصر وخاصة أنه يأمل أن يوافق الكونجرس علي حزمة المساعدات لإسرائيل بقيمة ١٤ مليار دولار والذي سبق أو رفضها الكونجرس الشهر الماضي والذي سوف يعاد مناقشتها والموافقة عليها مرة أخرى في فبراير القادم بجانب مد أمد الحرب وتصفية المقاومة والقضاء علي حماس واستمرار الدعم الأمريكي لجيش الاحتلال.

خروج نتنياهو مهزوماً في حرب غزة سوف يترتب عليه خسارته مشروعات خليجية اتفق عليها قبل عملية طوفان الأقصى بقيمة ٤٠٠ مليار دولار بجانب شراء احدي دول الخليج ميناء يافا الذي يقع في مدينة تل أبيب والذي سبق أن عرضت تركيا شائه  في ٢٠٢٠ بقيمة ٥٠٠ مليون دولار وقتها وهوما رفضته إسرائيل لضعف العرض المادي، ثانياً لو خسر نتنياهو الحرب ستتقدم أكثر من دولة بمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية وبالفعل لقد تقدمت جنوب أفريقيا بطلب بمحاكمته ولم تنتظر نتيجة الحرب وهو ما لم تفعله دولة عربية واحدة بعد مجزرة الأطفال واستهدافهم بصواريخ جو ارض

لهذا أتوقع أن تنتقل حرب غزة خلال الأيام القادمة من حرب حدودية عسكرية إلى حرب جهادية وسيشارك فيها أطراف كثيرة إقليمية من خارج فلسطين وربما تطور إلي حرب إقليمية على أكثر من جبهة وهو ما لا ترغب فيه الولايات المتحدة الأمريكية نظراً للمشاكل الاقتصادية في الداخل الأمريكي بسبب دعمها لأوكرانيا بالإضافة إلى الانتخابات الأمريكية التي سوف تكون أكثر شراسة بالنسبة للديمقراطيين.

علي الجانب الأخر وفقاً لاستطلاع رأي: ١٥٪؜ من الشعب الإسرائيلي فقط مراقبون على استمرار حكومة نتنياهو و٨٥٪ يريدون رحيل حكومة اليمين المتطرف التي دمرت الاقتصاد الإسرائيلي ولم تعد بالنسبة للمواطن الإسرائيلي حلم ارض الميعاد بل باتت كابوس مفزع ومؤلم على كافة المستويات.