موقف القاهرة يربك «المعادلة الأمريكية» في حرب غزة.. وواشنطن تخشى الغضب المصري

ذات مصر

وضعت مصر، الولايات المتحدة الأمريكية، في ورطة كبرى بعد إبلاغها رسميا بتجميد دورها كوسيط بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في إطار المساعي لإبرام صفقة تبادل جديد للأسرى، ردًا على عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري.

اغتيال العاروري

العاروري استشهد داخل مكتبه في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله اللبناني، رفقة 6 آخرين، وقالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان، حينها، إن عملية الاغتيال جرت عبر طائرة مسيّرة أطلقت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح مصدر أمني مطلع على التحقيقات الأولية، لوكالة "فرانس برس"، أن "اغتيال العاروري حصل بواسطة صواريخ موجهة أطلقتها طائرة حربية تابعة لقوات الاحتلال، وليس عبر طائرة مسيّرة"، مشيرًا إلى إطلاق 6 صواريخ على المكتب.

عملية اغتيال العاروري، أثارت غضب قيادات المقاومة في فلسطين سواء في حماس أو غيرها، وكذلك غضب مصري ولبناني من حزب الله والجيش اللبناني، فضلًا عن إيران، وخرجت تهديدات من هنا وهناك تتوعد إسرائيل بالرد.

غضب مصري

الجريمة الإسرائيلية الجديدة، نفتها حكومة الاحتلال في محاولة منها لعدم تعطيل أو تجميد المفاوضات الجارية مع حركة المقاومة الإسلامية حماس بشأن صفقة تبادل أسرى جديدة، كان أوشك على إنهاء الاتفاق بشأنها.

لم تكن إسرائيل وداعمتها الأولى الولايات المتحدة تتوقع رد فعل غاضب من القاهرة على العملية، معتقدةً أن مصر ستكتفي بإصدار بيان إدانة لها، لكن موقف القاهرة كان مختلف تمامًا عن تقديرات واشنطن وإسرائيل.

مصر أبلغت الولايات المتحدة وإسرائيل رسميا بتجميد دورها كوسيط بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المختلفة في إطار المساعي لإبرام صفقة تبادل جديد للأسرى، على ضوء قتل صالح العاروري، لتجد واشنطن نفسها في موقف حرج.

العاروري بالنسبة للقاهرة لم يكن مجرد قائد حمساوي، يشارك في لقاءات مع مسؤولين مصريين، ولكنه كان عنصرًا رئيسيًا في كل اللقاءات بين المقاومة والأجهزة المصرية، وصاحب دور بارز في تهدئة الخلافات والوصول إلى تفاهمات مهمة.

جولات مكوكية للمسؤولين الأمريكيين

موقف القاهرة، زاد الأزمة تعقيدًا أمام الولايات المتحدة، فأرسلت وفودًا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري من مختلف اللجان بالكونجرس الأمريكي، فضلًا عن عضوين من مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى مسؤولين أمنين وسياسيين، لحل الأزمة.

اللقاءات المختلفة بين القاهرة والمسؤولين الأمريكيين، شهدت محاولات لإثناء القيادة السياسية في مصر عن موقفها الرافض للعودة للعب دور الوسيط مجددًا، وإنهاء الخلافات التي سببتها عملية اغتيال العاروري.

يرى محللون أن أمريكا تتمسك بضرورة استمرار مصر في التفاوض كونها دولة قوية في المنطقة تثق بها، وبقدرتها على الضغط على كافة الفصائل الفلسطينية للوصول إلى تفاهمات تمكنها من تخفيف حدة الصراع الموجود في غزة الآن.

وقالت مصادر إن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تلقت تهديدات من مصر بإمكانية دخولها إلى قطاع غزة حال استمرار الاستفزازات الإسرائيلية سواء على الحدود مع القطاع، أو القصف المستمر على سكانه.

وبينت المصادر أن أمريكا أرسلت بدورها تحذيرات إلى تل أبيب من خطورة استمراراها في استفزاز القاهرة، والذي قد يؤدي إلى توسيع الصراع ما يجعلها غير قادرة على المواجهة وتواجه تهديدًا حقيقيًا إذا دخلت مصر الحرب.

وشدد المسؤولون في البيت الأبيض لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أن تهديدات القاهرة جادة هذه المرة، وأنها لن تتمكن في حال اتساع الأزمة من مساعدتها، وتقديم الدعم بالشكل المطلوب خصوصًا مع الاتفاق المصري الإيراني.

اتفاق «مصري إيراني»

مصادر مصرية، كشفت أن القاهرة وطهران كانتا اقتربتا من إتمام اتفاق بشأن الأزمة في البحر الأحمر، خصوصًا بعد إعلان الولايات المتحدة سحب حاملة الطائرات الأمريكية "جيرالد آر فورد" ستغادر مع فرقة العمل التابعة لها والسفن الحربية الأخرى منطقة الشرق الأوسط خلال الأيام القليلة المقبلة.

وأشارت المصادر إلى أن الاتفاق الذي كان بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل، يقضي بإجبار إيران القوات الحوثية في اليمن على التهدئة والسماح للسفن التجارية بالمرور دون أي مضيقات، مقابل إدخال شتى المساعدات إلى قطاع غزة دون اعتراض أو تخفيض لعدد الشاحنات المارة في اليوم.

وذكرت المصادر أن الاتفاق كان قريب من الدخول حيز التنفيذ لكن عملية الاغتيال أربكت المفاوضات، وأعادت كل شيء إلى نقطة الصفر، مبينةً أن الغضب الإقليمي اتسعت رقعته ليضم «إيران وحزب الله ومصر».

ويرى محللون أن واشنطن تخشى من دخول مصر في الصراع مباشرة، وتحاول من خلال الزيارات الدبلوماسية والبرلمانية والأمنية تهدئة القاهرة، والحفاظ على عليها كوسيط له دور مهم في إنهاء الصراع في غزة ومنع توسع رقعة التصعيد في الشرق الأوسط.

ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، مساء اليوم الخميس، منطقة الشرق الأوسط، في رابع جولة يقوم بها في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

وتشمل الجولة إسرائيل ومحطات عديدة أخرى في المنطقة، بحسب ما أفاد مسؤول أمريكي مساء الأربعاء. وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر أنه لا بلد "لديه مصلحة في حصول تصعيد".