إسرائيل ومحكمة العدل.. هل تنجح قضية بريتوريا في إنهاء الحرب على غزة؟

ذات مصر

في سياق المساعي الدولية الخافتة لإيقاف الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وبعد فشل المجتمع الدولي في التوصل إلى قرار بوقف النار في غزة، تقدمت جنوب أفريقيا بطلب إلى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة لإقامة دعوى ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وطالبت جنوب أفريقيا، محكمة العدل باتخاذ تدابير مؤقتة ضدها لإخفاقاتها المحتملة في منع جريمة الإبادة الجماعية، التي يتعرض لها الفلسطينيون المحاصرون والواقعون تحت القصف المتواصل في قطاع غزة.

ومنذ إقامة هذا الدعوى، الجمعة الماضية، تصاعدت التساؤلات عن مدى نجاح هذه الخطوة، وعن اختصاص هذه المحكمة، التي نبه كثيرون إلى أنها مختلفة عن محكمة الجنايات الدولية، فيما يتعلق بالفصل في النزاعات الدولية.

اختصاصات محدودة

ويشير موقع ميديا بارت الفرنسي في تقرير له، إلى أن محكمة العدل الدولية تملك صلاحيات محدودة بسبب سيادة الدول التي لا تخضع لولايتها القضائية إلا بعد تقديم موافقتها، أو توقيعها على بند اختياري يتعلق بالولاية القضائية الإجبارية، وهو ما لم يفعله سوى ثلث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

ولأن صلاحيات هذه المحكمة محدودة، فإن جنوب أفريقيا سلكت طريقا ثالثا، وهو اللجوء إلى المحكمة على أساس معاهدة دولية تتضمن شرط الاختصاص القضائي، وهي اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في التاسع من ديسمبر عام 1948.

ومن هذا المنطلق، تريد بريتوريا إدانة ومنع "الإبادة الجماعية" فيما يتصل بحرب إسرائيل على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تحولت إلى حرب على الشعب الفلسطيني، لأن هذه الجريمة يجب منعها أو قمعها منذ اللحظة التي يتم فيها الكشف عن القصد الذي يحددها، وهو ارتكاب أفعال معينة "بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".

ويشدد الطلب الذي قدمته جنوب أفريقيا في 29 ديسمبر الماضي، على أن "أفعال إسرائيل وتقصيرها تشكل إبادة جماعية بقدر ما تكون مصحوبة بالنية المحددة المطلوبة لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من المجتمع الوطني والعنصري الأكبر".

نتنياهو يرد

ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "باشمئزاز" تأكيدات جنوب أفريقيا، قائلًا: "سنواصل حربنا الدفاعية التي لا مثيل لها في العدالة والأخلاق"، ومضيفا أن الجيش "يفعل كل ما في وسعه لتجنب إيذاء المدنيين، في حين أن حماس تفعل كل شيء من أجل إيذائهم وتستخدمهم دروعا بشرية".

كما وصف المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، ليور حيات، الطلب بأنه "تشهير دون أساس قانوني"، مؤكدًا أن بلاده "تحترم القانون الدولي في حربها ضد حماس في غزة"، ومع ذلك، سيترك الطلب الذي قدمته جنوب أفريقيا آثارا لا يمكن إلا أن تزعج من يعولون على محوها.

يقول محللون، إن مسار تحقيق العدالة في هذه المسألة، سيبقى طويلا ومتعرجا، بحيث لم تعد كلمة الأقوى هي الأولى أو الأخيرة، وحتى يتضح لمن يحكموننا أن لا أحد فوق القانون.

قلق في تل أبيب

ومن جانب آخر، نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تحذير مسؤول قانوني كبير لكبار قادة جيش الاحتلال، من خطر حقيقي بإصدار محكمة العدل الدولية أمرًا بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وحددت محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم 19 فبراير القادم، موعدًا لجلسة الاستماع الأولية من أجل البت في الطلب الذي قدمته جنوب إفريقيا؛ ويتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في القطاع. 

هل تُلزم المحكمة إسرائيل؟

ويوضح خبراء القانون، أن كلًا من إسرائيل وجنوب إفريقيا جزء من معاهدة منع الإبادة الجماعية، مشيرين إلى أن إسرائيل، وعلى عكس الولايات المتحدة، لم تقدم تحفظًا على ولاية المحكمة بخصوص المعاهدة.

ومع أن قرارات محكمة العدل الدولية تعد إلزامية، يشير الخبراء إلى أن القرار الملزم قد تتخلف عن تطبيقه دولة ما، مستشهدين بأن نفس المحكمة كانت أصدرت قبل نحو عام قرارًا ضد روسيا بوقف الحرب على أوكرانيا، لكن موسكو لم تمتثل.

ورغم أن إسرائيل تبدو غير متخوفة من صدور قرار عن المحكمة، فإنها تخشى من تكدس القرارات والإجراءات القانونية والدبلوماسية السياسية التي تريد وقف العدوان على غزة.

ورأى الخبراء أنه حتى لو لم تمتثل إسرائيل لقرار كهذا عند صدوره، فإنه يحملها ثقلًا معنويًا وسياسيًا وحتى قانونيًا دبلوماسيًا، مما قد يغير المعادلة بالنسبة للدعم الأوروبي والأمريكي لهذه الحرب.