أحمد سراج يكتب: القضاء الأمريكي في الانتخابات الرئاسية.. مخلب قط أم دليل انهيار

ذات مصر

ما الذي يجري في الولايات المتحدة الأمريكية؟ 
(1)
"أدانت هيئة محلّفين في نيويورك في الثلاثين من مايو 2024 الرئيس السابق دونالد ترامب بكلّ التّهم الموجّهة إليه  (أربع وثلاثون تهمة) في قضية دفع أموال خلافاً للقانون لشراء صمت ممثّلة أفلام إباحية، وتأتي الإدانة قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي يسعى من خلالها للعودة إلى البيت الأبيض، وسينطق بالحكم قرب منتصف يوليو موعد النطق بالعقوبة قبل أربعة أيام من المؤتمر الذي سيتم فيه رسميا تعيينه مرشحًا للحزب للجمهوري للانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر، وأمهل القاضي فريق الدفاع عن ترامب حتى 13 يونيو لتقديم دفوعه قبل صدور العقوبة، والنيابة العامة حتى 27 يونيو للردّ على هذه الدفوع."

الجريمة التي أدين بها  ترامب هي تزوير وثائق لإخفاء مبالغ مالية، وحدُّ عقوبتها الأقصى هو السجن لأربع سنوات، لكن يتوقع كثيرون - طبقًا لأحكام سابقة -  أن يكون الحكم بفترة أقصر أو بغرامة أو بوضعه تحت المراقبة.

الجدير بالذكر هنا أن الحكم بالإدانة لا يمنع ترامب من ترشيح نفسه، وحال فوزه لا يستطيع إصدار عفو عن نفسه، أو إلغاء الحكم لأن الحكم تابع لولاية نيويورك وليس للدولة المركزية.
في اليوم التالي قال ترامب في خطاب من ثلاث وثلاثين دقيقة: "إنه سيطعن على حكم الإدانة الذي جعله أول رئيس أميركي سابق يدان بارتكاب جريمة" (ولن يتسنى له ذلك قبل صدور الحكم في 11 من يوليو)، وفي تصريح هو الأخطر كرر: "المحاكمة كانت محاولة لعرقلة مساعي عودته إلى البيت الأبيض".

جاءت تصريحات ترامب من ردهة برج ترامب في مانهاتن، حيث أعلن عن ترشحه للرئاسة في عام 2015، وأضاف الرئيس السابق: "سنطعن في هذا الاحتيال".

لم يتمهل بايدن بعد تصريحات ترامب، وتجاهل نصائح حملته بأن يركز على برامجه حال فوزه، بل خرج  واصفًا ترامب بالمجرم المدان، وبأنه لن يسمح بتهديد العدالة الأمريكية.
لم يغب الدب الروسي الرشيق بوتين عن الحدث، وإن أخذ أسبوعًا كاملاً كي يظهر قائلاً: "إن النظام القضائي الأمريكي استُخدم "لأغراض سياسية" وإن: "قيادة الولايات المتحدة المزعومة للديمقراطية يتم تدميرها بالكامل".
(2)
"بكل التهم أدين هانتر بايدن؛ بالكذب في نموذج شراء سلاح إلزامي بقوله إنه لم يكن يستخدم المخدرات بشكل غير قانوني أو مدمناً عليها، وبحيازة السلاح بشكل غير قانوني لمدة 11 يومًا، وتصل عقوبة التهم الثلاث إلى 25 عاماً في السجن، وأمر السجن بيد قاضية المحكمة الجزئية الأميركية ماري إلين نوريكا، التي رشحها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، موعداً للنطق بالحكم على الفور، يأتي ذلك  في أول محاكمة بقضية جنائية في التاريخ تستهدف نجل رئيس أميركي في منصبه".

وفي أول تصريح لترامب قال: سينتهي عهد بايدن المحتال" ولمح إلى أن لديه خططًا أكبر: "لم تكن هذه المحاكمة أكثر من مجرد إلهاء عن الجرائم الحقيقية لعائلة بايدن الإجرامية، التي جمعت عشرات الملايين من الدولارات من الصين وروسيا وأوكرانيا" وذهبت حملة ترامب إلى أن القضاء في أمريكا (مستويان).

وجاء تصريح بايدن متوازنًا فهو من جهة أعلن دعمه لابنه الذي تخلص من الإدمان وفخره به، كما أعلن أنه لن يصدر عفوًا رئاسيًّا عنه، وقرر أنه يحترم القضاء: "علينا إظهار الاحترام للنظام القضائي في بلادنا... أقبل نتائج مداولات هيئة المحلفين، كما سبق أن أعلنت عن ذلك الأسبوع الماضي... وأدعم ابني، وأنا فخور به كما هو".

لكن الأمور ليست كما يبدو فقد كشفت تصريحات مقربين من حملة ترامب أنه كان من المحتمل أن يجمع ترامب عشرات الملايين من الدولارات الإضافية حيث خططوا للاستشهاد بالبراءة كدليل إضافي على تزوير نظام العدالة، فبعد إدانة ترامب بـ 34 تهمة جنائية، جمعت حملته مبالغ قياسية عبر الإنترنت، وأدرك بعض مستشاريه أن تبرئة نجل بايدن كان من الممكن أن تجمع أموالاً لترامب أكثر بكثير من الإدانة.

(3)
ثمة أسئلة تطلق بهذا الخصوص منها: من المستفيد في هذه المعارك القضائية ترامب أم بايدن أم بوتين؟ وكيف سيدير كل من الرجلين حملته بناء على هذه القضايا؟ لكن السؤال الأهم: هل نحن أمام استخدام للقضاء في المعارك السياسية أم أننا أمام إشارات قوية بتحلل المجتمع الأمريكي وفساد الساسة بشكل لا يمكن إصلاحه؟