أحمد سراج يكتب: الشروخ الثمانية في كيان الأكاذيب مايو من نافذة أكتوبر.. ما فعله الطوفان بالنكبة

ذات مصر

ستة وسبعون عامًّا مرت على النكبة، سبقتها مؤتمرات وتمويلات ومؤامرات ومقاومات، وتلتها عشرات الأحداث الجسام، لكنها مع ذلك تظل الوتد الذي يرتبط بها كل ما جرى، وكان يمكن أن يرتبط بها كل ما سيجري لولا الطوفان.

بتسع وثلاثين توقيعًا، وبحبر شديد الدهاء سطرت وثيقة إعلان الكيان، التي أسماها أصحابها "وثيقة الاستقلال" ولست أدري لماذا لا يمر حدث إلا وأعيد قراءتها؛ لأجد غالبًا أن الأمور تدور كما أعلنت الوثيقة.

حدثٌ وحيدٌ مفاجئٌ شرخَ مقدسات الوثيقة وكيانها، بل أحالها إلى خانة المحرمات، وحدا بالكثيرين إلى رفع سقف التوقعات إلى حد الحلم بقرب "العودتين" إنه "طوفان الأقصى" لماذا؟ 

نهاية مايو حاورتُ عددًا من الشخصيات الثقافية المصرية الفاعلة، بخصوص رؤيتهم للنكبة بعد ستة وسبعين عامًّا، وحرصت في اختيار العينة على أن تكون دالة وكافية، ولم أشأ أن تكون الحوارات بداية مايو أو منتصفه، بل آثرت أن أبتعد عن الذكرى بمسافة زمنية تحجب سطوة التوقيت: وكان السؤال المركزي: كيف ترى النكبة اليوم؟ 

الشرخ الأول: ثابتون وأرضنا ولم نبع شبرًا

يرى الروائي والباحث في الشئون السياسية عمار علي حسن أنه: “ أبت ذكرى النكبة أن تأتي هذه المرة إلا وأهل فلسطين يثبتون أن كل ما أشيع من قبل عن بيع أرضهم وديارهم كان كذبًا صريحًا، رمى إلى تلويث سمعتهم، ونزع التعاطف عنهم، وتدنيس مسلكهم الطويل في النضال والمقاومة والتضحية والفداء”.

عمار علي حسن

وتابع: "فاليوم يتعرض الفلسطينيون في غزة لآلام لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، اللهم إلا أصحاب الأخدود، ويريد لهم عدوهم أن يهربوا فزعين، ويتشردوا من جديد في البلاد، لكنهم يثبتون، ويجالدون، ويتشبثون بأرضهم، ويقولون لكل من ينتظر منهم الفرار: نحن باقون هنا، حتى جرعة الماء الأخيرة، وكسرة الخبز الأخيرة، وقطرة الدم الأخيرة، والنفس الأخير.. وسننتصر.

الشرخ الثاني: آن أن نبدأ من النقطة الصحيحة

فيما يرى الباحث في التراث الشعبي د. هشام عبد العزيز: "النكبة الحقيقية التي منيت بها الأمة ليست نكبة عسكرية بل هي نكبة ثقافية، نكبة معرفية، حين انجر مثقفونا وراء تديين الصراع فبات من حق كل من يملك سردية دينية أن يدعي حقًّا في أرض ليست له ولا يتكلم لغتها.

الدكتور هشام عبدالعزيز

ويستكمل عبد العزيز: "لقد أغرى الكيان المحتل مثقفينا وتياراتنا الدينية بعد سقوط الخلافة في النصف الأول من القرن العشرين بأن يسحبوا قضية احتلال "أرض عربية" والتعامل معها بوصفها احتلالاً دينيًّا وإهانة لمقدسات وجر القضية كلها إلى خلاف ديني لا تقطع فيه النصوص الدينية بأمر" ويتساءل: " من قال إن اليهود ليس لهم حق في هذه الأرض المقدسة؟ لكن أي يهود؟" 

وكيف وصلنا إلى هذا؟ يجيب: "هذه أرض عربية يهودًا كانوا أم مسيحيين أم مسلمين أم لا دينيين.. لكن النخبة الدينية التي كانت تبحث عن دور سياسي حرفت معنى القضية بعد زوال "الخلافة" بحثا عن موطئ قدم، وقد استفاد مثقفو يهود أوروبا من هذا التردي العربي الذي أصاب أول ما أصاب نخبتنا فوصل الصراع إلى شكله الحالي."

من هنا كان حتميًّا أن يصل إلى: "أما نخبتنا العلمانية، فلم تجد دورًا تلعبه وسط هذا الخراب العام، إلا أن خرجت بمقولات لمؤرخين من أضابير التراث العربي لا يقلون تهافتًا منهم، بأن المسجد الأقصى الذي ذكر في القرآن ليس إلا مسجد الجعرانة الموجود في الجزيرة العربية، مثلما خرج يوسف زيدان، محتجا في ذلك بأقوال للواقدي (توفي مطلع القرن الثالث الهجري)... وهو مؤرخ لا يقل تهافتًا عمن ينقل عنه.

الشرخ الثالث: النكبة سرديتنا الكبرى الصادقة

الناقد والناشط الثقافي والسياسي مدحت صفوت يفكك النكبة من زاوية جديرة بالاهتمام: "أعتقد أن «النكبة العربية» يمكن أن نضعها على رأس قائمة أكثر الحوادث مأساوية في التاريخ الحديث، وتاريخ الإنسانية على نحو عام، ومع ذلك عملت الدراسات الغربية على استبعادها من «السرديات الكبرى» في التاريخ الحديث، مبرزة بدلًا منها «سردية الهولوكوست» على فداحتها أيضًا.

الكاتب الصحفي مدحت صفوت

وأشار إلى أنه على الرغم من أن استراتيجيات ما بعد الحداثة تعادي «المركزيات»، فإن كثيرين من منظري تلك الاستراتيجيات يضعون «المحرقة النازية» مركزًا ووحيدًا، في إطار عالم ما بعد الحداثة، كمحاولة لنسيان السردية الكبرى، وهي مراوغة وإن تمسحت في الدعوة إلى التعايش أحيانًا، بينما يواصل الجيش الصهيوني جرائمه وكتابة سرديات كارثية أخرى في كتاب التاريخ، لنقول اليوم: 76 عامًا على النكبة، و«عمليات السلام» لا تزال تقتلع أشجار الزيتون.

الشرخ الرابع: قاموا يحملون نكبتنا ويسيرون في درب الآلام

الروائي والصحفي سعد القرش يرى أن الفلسطينيين هم "سبارتاكوس العرب وسيزيفه ومسيحه في آن واحد": "هي نكبة العرب وقد حمل صليبها الفلسطينيون وحدهم، نكبة للتنوير الأوروبي منذ وعد نابليون اليهود بفلسطين، نكبة لاستلاب تمثّله قصيدة «على قبر نابليون»، وقد منحه شوقي 84 بيتا، نكبة بتواطؤ السلطان عبد الحميد مع هرتزل، وموات عثماني أطال عمر الكولونيالية.

الصحفي سعد القرش

وتابع: "انشغلنا عن فلسطين، حتى إن نقولا زيادة، بعد زيارته لشيخ العروبة (1933) قال: «لم يكن كثيرون من العاملين في مجال الفكر أو حتى في مجال السياسة في مصر، يعرفون ما فيه الكفاية عن قضية فلسطين وما يجري فيها. لكن أحمد زكي باشا ـ شيخ العروبة ـ كان يعرف».

ويربط في ألمعية بين 1948، و 1987، و2023: "ونهض أطفال الحجارة ليؤكدوا حياة فلسطين، وطوفان الأقصى يعيدها إلى الواجهة؛ فيستجيب الضمير الإنساني".

الشرخ  الخامس: صمود من قبل النكبة إلى ما بعد الطوفان

ويخالف القاص والناقد أمل سالم ما رُوِّج بكثافة: "إنَّ تاريخ الكفاح العربي في فلسطين تاريخ مشرّف، على الرغم من كل الشائعات والأقاويل التي حاولت بها الصهيونية - ومن خلفها الإمبريالية - النيل من جدارة الشعب العربي الفلسطيني بأرضه وقضيته، إلا أن الأيام تثبت صلادة هذا الشعب الأبيّ، وثباته على اختيار الكفاح والتضحية من أجل استعادة وطنه الذي سُلب إبان نكبة 1948".

القاص أمل سالم

 ويرى سالم أن أسباب النكبة: "مؤامرات الغرب الاستعماري عبر التواطؤ الإنجليزي - الصهيوني، وتخاذل بعض الأنظمة العربية حينذاك" ويضع الأمور في نصابها: "الدفاع عن القدس - آنئذ وإلى اليوم- هو دفاع عن مكة والمدينة بالمقام الأول، ودفاع عن العواصم العربية الأخرى؛ القاهرة ودمشق وبغداد وبيروت...، بدرجة أخري لا تقل أهمية؛ إذ إنه لا يمكن غض النظر عن الهدف الجوهري للصهيونية، ألا وهو: "إقامة دولة، يهودية -صهيونية/دينية-سياسية، في فلسطين وأجزاء من الأقطار المجاورة"..

 

 

 

الشرخ السادس: الوعي سينتصر  على الاستنساخ

يرى الباحث الإسلامي عبد الباقي الديب: "إنك إذا وضعت نقطة عند النكبة منتصف مايو 1948م، وشددت حبل الزمن إلى طوفان الأقصى فسيؤكد  هذا عدة أمور: " أوجب الواجبات الوعي بالقضية؛ ولذلك فأخطر الساسة هم غارسو المعتقدات الذين يصطنعون الرجال أولي الهم والعزم والفهم.

عبدالباقي الديب

ثانيًّا: التاريخ لا يسير في خط مستقيم؛ فالأحداث قد تتحول فجأة على غير توقع، ثالثًا: الكيانات المستنسخة غير قابلة للحياة فهي إلى زوال حتمي بعكس الأصيل النابت في أرضه المتحصن بعقيدته المؤمن بحقه. رابعًا: الحق لا يموت لكنه لا يسود ولا يقود إلا برجال يحملونه ويضحون من أجله فهو عزيز لا يستحقه كل أحد. خامسًا: في اللحظة التي تعتقد فيها أنك في الملعب وحدك هي نفسها اللحظة التي يبدأ فيها العد التنازلي لطردك من الملعب ويأتي قدر المتكبر الظلوم من حيث لا يحتسب. سادسًا: إذا فرط الكبير في دوره أنبتت الأحداث رجالاً كباراً لا تعلم لهم مرحلة طفولة يفرضون أنفسهم رقماً معتبراً في معادلة الصراع الدولي".

الشرخ السابع: لا يندمل الجرح بالموت بل بالانتصار

فيما يرى الكاتب الصحفي أسامة الرحيمي: "جرحنا النازف المتجدد، الذي لن يندمل ولن نتعافى منه إلا يوم رحيل الصهاينة على مراكب أكبر وأكثر وأحدث من تلك التي ابتلتنا بهم.. لنسترجع ساعتها مشهد فلول الصليبيين وهم يقفزون في البحر ليتعلقوا بمراكب الرحيل بعد هزيمتهم".

الصحفي أسامة الرحيمي

يسترجع الرحيمي طرقهم الرخيصة: "صحيح لم يهمدوا، ولم يكفّوا عن الكيد لنا والتآمر علينا ونهب ثرواتنا، واستعمال الدسائس السياسية واستخدام العملاء الخونة للفتّ في عضدنا عبر القرون الممتدة من خروجهم إلى مجيء العصابات الصهيونية وتنفيذ مؤامرات مؤتمر بازل في سويسرا 1898 المؤسس لفكرة الكيان الصهيوني، ولم يكن وعد بلفور الخطوة الوحيدة، فقد تعددت المساعي الدؤوبة، ووزعت الصهيونية العالمية الأدوار على الدول والمؤسسات والأفراد في مخططات واسعة محكمة لإنشاء الكيان الدموي والاستيلاء على أرض فلسطين الحبيبة."

ويتتبع مسار إجرامهم: "واستشرت العصابات الصهيونية، وسفكت دماء عشرات الالاف في أنحاء فلسطين.. في البساتين والبيادر والمدن والقرى وعلى قمم الجبال وسفوحها.. فيما عرف بالصدمة والترويع فنشروا أنهارًا من الدم، وخلفوا آلاف الجثث المتحللة عمدا لإفزاع الآمنين وإكراههم على الرحيل، ولاحقوهم بدأب إجرامي منقطع النظير، وهو ما يزال إلى الآن ويراه العالم بأسره كشهود عيان على قيام أكثر استعمار استيطاني متوحش في تاريخ البشرية."

لكن يرى الرحيمي أن أخطر الوسائل ليست من هناك بل: " لكن يظل الأنكى من هذا هو العملاء الذين سهلوا للغرب فعل ذلك في تمثيليات تعاون وصداقة بين مركز الصهيونية العالمية وهي أمريكا، والدكتاتوريات العربية التي أجهضت كل مشاريع النهضة الوطنية والاستقلال بعد الثورات المصنوعة لتجديد الولاءات لأسيادهم"

مع كل هذا فقد ظهر الأمل: "وشاءت الأقدار أن يعلو النضال الفلسطيني مجددا بعدما حاول ضباع اوسلو إخماده، حتى وصلنا إلى مرحلة المقاومة الباسلة وطوفان الأقصى الذي بدد الثوابت الصهيونية.. وحطم الجيش الصهيوني ودهس غروره.. كما افتض الهيمنة الصهيونية على الإعلام العالمي فوصلت الحقيقة كاملة بوضوح تام إلى كافة أرجاء الأرض، وفاضت تجلياتها في الجامعات الأمريكية والأوروبية فحطمت الحركة الطلابية المجيدة التي نشهدها الأكاذيب الصهيونية المدعومة بترسانة إعلامية عاتية كاذبة ومستويات فكرية وتنظيرية مزعومة وأنظمة حاكمة تديرها الصهيونية فيما يبدو بالريموت"

ويكمل الرحيمي اكتشافاته رابطًا بين انتصار مقاومة وبين أمر لا يقل أهمية: "وأرجح أن انتصار المقاومة هذا الذي نسعد بهن رغم فداحة الخسائر، سيكون الخطوة الممهدة للاستقلال وطرد الصهاينة كما أشرت مثل الصليبيين تماما وخروجهم من بلادنا، وستسقط معهم الدكتاتوريات والعروش التي شاركت بقوة في قمع الشعوب لتأمين اعتداءات الصهاينة على بلادنا وثرواتنا وثقافاتنا وإبداعاتنا".

الشرخ  الثامن: حان وقت العودتين

يطرح جمال زهران أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية سؤالاً مهما : "بعد مرور 75 عامًا تفجر طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، فهل جاء ليكون نكبة ثانية أم ليفكك النكبة الأولى؟"

ويجيب عنه: "أرى أن طوفان الأقصى هو مفكك النكبة لتكون بداية النصر وبدء العصر الجديد، وستكون بداية أعياد الانتصار وتفكيكه وانهياره من الداخل فضلا عن انهياره بالقوة العسكرية".

جمال زهران

لماذا يرى زهران هذا؟ يجيب: "طوفان الأقصى هدم أسس إنشاء الكيان الصهيوني من حيث إن الجيش الصهيوني لا يقهر، وأحدث تحولات كبرى داخل المجتمع الصهيوني؛ منها الإخلاء القسري للمستوطنين الصهاينة في الشمال الفلسطيني والجنوب اللبناني إلى أكثر من سبعة كيلو مترات، وبلغ حجم المهجرين قسريًّا إلى ثلاثمائة وأصبحت المنطقة خالية من المستوطنين.

أما غلاف غزة الذي شهد عملية كبرى لكتائب القسام فقد أخليت قسريًّا وعدد المستوطنين المهجرين قرابة مائتين وخمسين ألف مستوطن... نحن هنا أمام إخلاء أكثر من نصف مليون وهذا انتصار كبير، وهنا أمر ثالثً وهو تنفيذ عمليات مقاومة كبرى ونوعية من جميع حركات المقاومة الفلسطينية (حماس، والجهاد، والجبهة الشعبية وبقية الحركات)، ولنضف؛ أثبتت جميع حركات المقاومة أنها قادرة على التنسيق بدرجة عالية للغاية، واستطاعت أن تحدث تمزقًا كبيرًا في صفوف العدو الفلسطيني".

لهذا يقرر زهران في اطمئنان: "نحن أمام مشهد جديد في العام الأول بعد مرور خمسة وسبعين عاماً على النكبة بسبب طوفان الأقصى الذي حقق انتصارات لفلسطين، وشروخًا كبرى في الكيان الصهيوني داخليًّا وخارجيا".

ويعلق ساخرًا على إنجازات الكيان: "وما نجح فيه الكيان فقط هو قتل المدنيين خصوصًا الأطفال والنساء بنسبة تتجاوز 70% وهذه جرائم حرب لن تمر مرور الكرام، وقد قامت المحكمة الجنائية بتقديم نتنياهو وأركان حربه للمحكمة الدولية".

ويرى ان مكسبًا جديدًا ومسمارًا إضافيًّا في نعش إسرائيل يتجلى في الأثر العالمي: "يكفي أن قضية فلسطين أصبحت القضية الأولى في العالم وحظت باهتمام شعبي غير مسبوق، ولدينا أدلة منها حركة شباب الجامعات في العالم، ويكفي أن  انتفاضة أحرار العلم في كل مكان، ويكفي قيام جنوب أفريقيا برفع دعوى ضد الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية وبادرت بقطع العلاقات معه، كما أن هناك دولاً  في أمريكا اللاتينية ومنها كوبا، وفنزويلا وتشيلي والبرازيل وكولمبيا قطعت العلاقات وطردت السفير الصهيوني ، وأن دولاً أوروبية شهدت مظاهرات كبرى، ومطالبات بإعلان دولة فلسطين، ورفض ما يقوم به نتنياهو وحكومته.

ما ذا جرى حين التقى الطوفان بالنكبة؟ يقول زهران: "أعطى الطوفان لذكرى النكبة طعمًا جديدًا لأصحاب الحق من جهة، وللعدو الصهيوني والشيطان الأكبر من جهة." 

ويرى زهران أن الطوفان قد: "فتح الآفاق حد توقع انهيار هذا الكيان، وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وإقامة الدولة الفلسطينية التي تستوعب الجميع."

ويكشف زهران عن أنه: "لذلك يدور الحديث لأول مرة عن: ماذا بعد انتهاء الكيان الصهيوني، وليس حل الدولتين الفاشل بل حل العودتين (عودة الفلسطينيين إلى بلادهم وعودة المحتلين إلى الأراضي التي هاجروا منها".

...

أرى الشيطان عاريًّا

إذن فما أشبه الطوفان بذلك الطفل الذي صرخ: "أرى الملك عاريًا". لكن هذا الطفل خرج بعد مائة عام من وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وبعد ستة وسبعين عامًّا من نكبة تقضم الظهر، وتزهق الروح، وبدأ في مهارة وثبات ويقين يدق بكل قوة جُدرٍ كنا نراها محصنة.. فتتشقق ويندفع منها.. الأمل.. هذا ما يفعل الطوفان بالنكبة.