عمار على حسن يكتب: ‏في الرد على الوزيرين كامل

ذات مصر

(1)

قرأت كلام الوزيرين كامل عن تصنيع الدولار، وفهمته ابتداء على سبيل المجاز، وشرح هو قصده بحديث عن تعزيز التصنيع وتعميقه، فيزيد الإنتاج، وينطلق التصدير، فيأتي الدولار.

هذا كلام على المستوى النظري جيد جدا، بل هو المطلوب، بعد طول إهمال للإنتاج، أو البدء فيه ثم إسناد أمره إلى من ليس أهلا لذلك، ففشلت المشروعات وضاعت على الدولة مئات المليارات.

لكن السؤال الذي يوجه للسيد كامل: أنت أدرت وزارة خدمية، جلب لها قسط كبير من الديون، فهل بوسعك، بطريقة إدارتك هذه، أن تدير وزارة إنتاجية؟ وأجيبك أنا على قدر فهمي للأمور: إن لم تحط نفسك بالفاهمين، وتنصت إلي صوت العلم، وتقيم لكل مشروع دراسة جدوى قبل إطلاقه، ولا تتصرف وفق مبدأ: "اسمع ونفذ"، لن تجني مصر سوى خسارة جديدة.

ويا حبذا لو كانت هذه الوزارة قد أسندت إلى رجل من أمثال عزيز صدقي، ومصر فيها منه الكثير، الآن وقبله وبعده، لكن ما إن صرنا أمام أمر واقع، فعلى وزير الصناعة كامل أن يتصرف بعقلية مختلفة نسبيا عن وزير النقل كامل، وفي الحالتين، يجب ألا يكون كلامك الآن، مجرد وعد كاذب جديد، من تلك التي سمعها المصريون، ولم يروا لها في واقعهم وجودا.

(2)

سمعت الوزيرين كامل يقول إن الطرق والكباري مقدمة للاهتمام بالتعليم، مبررا ذلك بأن بناء مدرسة يأتي بعد شق طريق إليها، أو إقامة كوبري يؤدي إليها. 

هذا تبرير مقبول لو كانت هذه الطرق والكباري قد جاءت وفق خطة بناء مدن جديدة في الصحراء، صالحة لسكنى المصريين من مختلف الطبقات، وفيها يجب أن يجدوا المدارس والمستشفيات وموارد الرزق، وليست مدنا مرفهة، مسورة ومعزولة، ومدارسها لأولاد قلة القلة.

وكلام الوزير يكون صحيحا لو كانت السلطة الحالية قد بدأت بتوسيع وتعبيد وإقامة طرق وكباري جديدة في المناطق المأهولة بالسكان، في الوادي والدلتا، وأعقبت هذا ببناء مدارس جديدة، أي مضت على التوازي في المشروعين، لكن لا تزال الطرق القديمة على طول مصر وعرضها تتدهور بمرور الوقت، بل أيضا شوارع الاحياء التي تقطنها الطبقتين الوسطى والفقيرة في مختلف المدن، حتى تريفت.

أن دوافع شق الطرق في قلب الصحراء، وبناء الكباري في شوارع المدن، له أهداف أخرى يعرفها الوزيران كامل جيدا، وهي تقوم على القاعدة المغلوطة التي ستؤدي بنا إلى الخسران المبين وهي "الأرض مصدر الثروة في مصر"، بل عرف الناس ذلك، وهم يرون الأكشاك تقوم تحتها.

إنها الإمارة التي تلهث وراء التجارة، فيفسد العمران.

ورغم أن أغلب المصريين ممتعضون من هذه السياسة، فإن الوزيرين كامل يصف منتقدي ما يفعله بأنهم "قلة صغيرة جدا"، ويقول إنه سيمضي فيما يفعله دون التفات إلى من يعطل مسيرة الأسمنت.

إنه العناد الذي يورث الضياع.