خدمة مهمة لكل المهتمين بالنقد العربي

مصطفى ناصف يُبعث في الهيئة العامة للكتاب

مصطفى ناصف
مصطفى ناصف

في خطوة تحسب لوزارة الثقافة المصرية تعاقدت الهيئة العامة للكتاب على نشر أعمال الناقد الكبير والأكاديمي البارز الدكتور مصطفى ناصف (1921- 2008)، يُعد مصطفى ناصف من أبرز الداعين إلى تجديد مناهج النقد العربي عبر عملية جدلية تضع في حسبانها علاقة الذات العربية بكل تراثها الثقافي والفكري المتراكم، مع الآخر الغربي بكل إنتاجه الفكري والفلسفي. فكان ينظر إلى مناهج الحداثة الغربية بعين عربية فاحصة، تلتقط الصالح منها وتتجنّب كل ما يتنافى مع الخصوصية الحضارية للثقافة العربية. وفي هذا السياق، كانت له ردود حاجج بها نقاد الحداثة، كما في كتبه المتأخرة: (النقد العربي: نحو نظرية ثانية)، (بعد الحداثة: صوت وصدى)، (دنيا من المجاز).


وقد استطاع أن  يبلور منهجية نقدية، عبر مؤلفاته، تستفيد من مشروعات التفسير والتأويل في التراث العربي، ونظريات التأويل في النقد الغربي الحديث والمعاصر. وتهدف منهجية مصطفى ناصف النقدية إلى قراءة الأدب العربي القديم والحديث بطريقة خلاقة، أساسها تعاطف القارئ واندهاشه ومشاركته في إنتاج الدلالة، عبر قراءة حوارية تتجاوز أحكام القيمة التقليدية، كما تتجاوز سجن اللغة الذي رسّخته البنيوية وما بعد البنيوية زمناً طويلاً.
 ناصف يمثل خطاً فريداً في النقد الأدبي بسبب حرصه على تلك العلاقة الجدلية، سواء في تعامله مع مشروعات الحداثة الغربية أو في قراءته للنصوص الأدبية؛ الأمر الذي جعل طريقة مصطفى ناصف في الكتابة النقدية متفردة؛ فأسلوبه في الكتابة النقدية كان خطًا مميزًا ومغايرًا للغة الأكاديمية وحرفة النقد التقنية التي انتشرت في الربع الأخير من القرن العشرين بتأثيرات النقل المباشر عن مناهج النقد الغربية، وكأن مصطفى ناصف يعلن- في حياته وفي مماته- طرائق جديدة في استعمال اللغة، ورسم منهجية جديدة للتقاليد الجامعية، سواء بعقلانيتها الجامدة أو بتحرُّرها الحداثي. فجاءت كتابته النقدية تمثيلاً صادقاً للتفاعل المتوازن بين الأنا العربية المعتدّة بتاريخها في علاقتها بالآخر الغربي الراهن المتفوّق معرفياً وثقافياً.
حصل ناصف على الليسانس والماجستير في اللغة العربية من كلية الآداب جامعة فؤاد الأول، ثم الدكتوراه من كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1952 التي عمل فيها حتى وفاته. وتبلغ مؤلفاته النقدية، سواء النظرية أو التطبيقية، ثلاثة وعشرين كتاباً.

حصل ناصف على كبريات الجوائز العربية ومنها جائزة سلطان العويس التي أقرت في بيانها أنه: "كرس جهده على مدى نصف قرن تقريباً للنقد الأدبي الحديث، والتراث الأدبي والنقدي والبلاغي.. وقد قام بمجموعة كبيرة من الدراسات النقدية النظرية والتطبيقية، ساهمت في تأسيس اتجاه عربي حديث يستلهم تراثنا وينفتح على التيارات العالمية الحديثة في آن.

 وأعاد النظر في كثير من المفاهيم والأحكام النقدية السائدة وأعاد قراءة جوانب مهمة من تراثنا على أسس منهجية جديدة، لقد جلا وجوهاً من جماليات النص اللغوي الفني، فقوى من ثقتنا بقدراتنا على النمو بحاضرنا، وطبق رؤيته على نماذج متنوعة من الأعمال النثرية والشعرية القديمة والحديث أثرت في دارسين متعددين في المشروع النقدي العربي المعاصر."