إبداعات ذات مصر

المواجهة.. قصة قصيرة

ذات مصر

دخل الغرفة متثاقلا وهو يستند على الحائط .. أحس بإعياء شديد حين جلس .. تناول قرصا من علبة دواء تحسس مكانها بيده المرتعشة ... ابتلع القرص آملاً في إدراك نوم لم يبلغه منذ أيام .... اهتزت يده بشده وهو يشرب من زجاجة الماء التي ناله منها أقل مما نالته منها ملابسه ثم وضعها علي المنضدة الموضوعة بجانبه... بادر الرجل الجالس أمامه قائلا : انت عايز مني ايه؟

التزم الجالس أمامه الصمت... لم يلمح من ملامح الرجل في ضوء الغرفة الخافت إلا تلك العينين الباردتين الناظرتين إليه بلا أية ملامح تنم عما بداخله
تكلم بصوت عال في توتر: انا عمري ما ظلمت حد.. ولا اذيت حد .. ولا اتكلمت علي حد ازدادت حدة توتره وعصبيته عندما رفع الجالس أمامه إحدي حاجبيه وعلي وجهه ابتسامة ساخرة

- لو مكنتش شهدت ضده إنه هو الجاني كانوا هيأذوني... كنت لازم اعمل كده ابتلع ريقه وأكمل في توتر بالغ : وبعدين هي عارفة إني مكنتش ساعتها اقدر اتجوز وافتح بيت ... واللي حصلها بعد كده مليش دعوة بيه. 

قاطعته نظرة الرجل التي ازدادت حدة وبرودا فأردف وجسده ينتفض واضعاً رأسه بين قدميه وكأنه ينفض عنها غبار ذكرياته : وهو اللي استفزني... كانت طريقته ونظرته بتقتلني... كان دايما محسسني انه أحسن مني.... حتي وهو خارج مفصول... كان بيبصلي وكإنه عايز يقولي إنه برضه أحسن مني... كان لازم اعمل اللي عملته معاه كان جسده يزداد ارتجافا كلما أحس باقتراب الرجل الجالس امامه - صدقني كان غصب عني... لو مكنتش عملت كده كنت أنا اللي هاضيع...ومكنش قدامي حلول تانية... صدقني كنت مضطر... لو مكنتش قلت إني شفتهم مع بعض كانوا هيقولوا للناس كلها إنهم شافوني وانا باخد رشوة ... مكنش ينفع افكر في أي حاجة تانية ساعتها... إلا في سمعتي أزداد عصبية وهو يزداد منه اقترابا... بينما يتسلل ضوء النهار من الجزء المكشوف من ستارة شباك الغرفة... أخذ يحاول الاحتماء من الرجل بيديه... تحول خوفه إلي هلع... انتابته حالة من الهياج... وأخذ يعلو صوته صارخا... والرجل يزداد اقتراباً منه... والتصاقاً به ... حتي تلاشى فيه.

…..

ناول الرجل الجريدة لزميله الجالس علي المكتب المواجه قائلا... الخبر عندك في الصفحة الرابعة... بيقولوا أزمة قلبية وكان بقاله 3 ايام ... ياما نصحناه يتجوز أو يشوف حد يقعد معاه يراعيه... ده كان من اسبوع وسطنا... سبحان من له الدوام.... الله يرحمه كان مثال حي للخلق الحسن... عمره ما ظلم حد... ولا أذى حد... ولا اتكلم علي حد.