هلال عبدالحميد يكتب: مجدي يعقوب وطوفان الأقصى وعظمة الإنسانية

ذات مصر

قد يبدو للوهلة الأولى أنه لا رابط بين مجدي يعقوب وطوفان الأقصى، ولكن الإنسانية في أسمى معانيها تربط بينهما.

 كنت ضيفًا في حفل  تكريم لمتفوقات ومتفوقي الثانوية الأزهرية بساحل سليم بأسيوط، وعندما قمت متحدثًاً، ومن بين ما قلت: لسنا في حاجة لمشايخ، ولا لعلماء دين، ولكننا في حاجة لعلماء دنيا، لسنا في حاجة لملايين المشايخ بل في حاجة لملايين سميرة موسى ومحمد غنيم ومحمد أبو الغار ومجدي يعقوب الذي ترك قلوب الملوك وجاء إلينا ليعالج قلوب الأطفال الفقراء بمصر، فضجت القاعة بتصفيق طويل. 

كان هذا قبل أسابيع من اطلاق شائعة إسلام مجدي يعقوب، فالناس الطبيعيون الانسانيًون يحبونه كإنسان ويعشقونه كملك للقلوب تربع في قلوب المصريين بانسانيته العظيمة وابتسامته الرائعة الحانية الإنسانية. 

  قد يرغب كل المتدينين من كل الأديان في أن يكون مجدي يعقوب الإنسان ممثلًا لدينهم، فهو خير مثال لأي دين. ولكن هل يجوز أن يكون حب الدين بالتزوير؟! 

هل يجوز أن نصنع صورًا كاذبة خادعة لإثبات أن مجدي يعقوب قد أسلم؟! 

 والغريب أن هذه الإشاعة المسمومة قد جاءت مباشرة بعد المجزرة  التي ارتكبها الصهاينة بمدارس التابعين، والتي راح ضحيتها أكثر من ١٠٠ شهيد، وعشرات المصابين في حالات خطيرة، في مذبحة تجاوزت كل معاني الاجرام والنازية والصهيونية. 

 من الذي كان يرغب في التغطية على أخبار هذه المذبحة فيصنع لنا صورة ملفقة؟! 

 لا يوجد أحد يرغب في التغطية على هذه المجزرة الا الصهاينة والمتصهينون العرب. 

فهم دومًا يصنعون المعارك الوهمية والصور الخادعة والصولات الكاذبة للتغطية على جرائم الكيان الصهيوني النازي. 

 ففي الوقت الذي يتظاهر فيه اليهود الانسانيون في ساحة مجلس الشيوخ الأمريكي ويطالبون بوقف الحرب وبالحقوق الفلسطينيون ويقولون أن هذه الحرب ليست بأسمهم، ويتم اعتقال معظمهم، في ذات الوقت يتشدد البعض في ازكاء نار الخصومة بين المسلمين واليهود، وكأن المشكلة بيننا وبين اليهود وليست بيننا وبين الصهاينة بغض النظر عن دينهم.  

 وفي الوقت الذي تكاسل، بل تواطئ كل العرب عن نصرة الشعب الفلسطيني الذبيح. ورأينا العرب الشيعة في اليمن ولبنان يقدمون يد الدعم والمساندة للفلسطينيين. ، ووجدنا ايران تساند الحق الفلسطيني، في نفس ذات الوقت تزداد الهجمة السلفية على إيران والشيعة العرب ، ويصب مشايخ السلفية جام غضبهم على إيران وعلى الشيعة بدلًا من الصهاينة !!!! 

وكما يوجد لدينا نحن-  المسلمين – من يفسرون القرآن تفسيرًا طائفيًا ، فالمسيحيون لديهم متطرفون يلوون أعناق النصوص الدينية المسيحية ( العهد القديم والجديد ) ويعتبرون مساندة الكيان الصهيوني واجبًا دينيًا يحثهم عليه الإنجيل، كما يدعي اتباع الصهيونية المسيحية وهو الاسم الذي يطلق عادة على أفكار  جماعة من المسيحيين، الأصوليين أو السلفيين. 

وهم يعتقدون بأنّ قيام دولة إسرائيل  ضرورة، لأنها تتمم نبؤات الكتاب المقدس بعهديه: القديم والجديد.) باسم الدين يحاول محترفوا   السياسة الاستيلاء على المقاعد والأموال، والدول  

هل يدعو الانجيل لكل هذا القتل والدمار؟!!

لقد كشف طوفان الأقصى كل الزيف وكل الخداع، كما كشف إنسانية الانسان الحقيقية، فقد عمت المظاهرات التي تطالب بوقف المذبحة الصهيونية وبدعم الحق الفلسطيني، وطالب الشعب الأمريكي وطلابه الانسانيون حكومتهم بوقف دعمها للابادة الجماعية.

كما اعتصم الطلاب مطالبين جامعاتهم بوقف التطبيع مع دولة الكيان ووقف كل أشكال الاستثمار الجامعي بدولة الكيان، وعمت المظاهرات معظم المدن الأوروبية، فقد علت الإنسانية عن الدين فهي الأعم ، وما الدين إن لم يكن إنسانيًا وناصرًا الحق 

وكما كشف طوفان الأقصى إنسانية الانسان الحقيقية وجوهر القلوب الطيبة فقد كشف كل الادعاءات الكاذبة للسياسيين الغرب، وكشف الطوفان زيف ديمقراطيتهم، وكذب ادعاءات تمسكهم بقضايا حقوق الإنسان، فكانت أمريكا ومعظم حلفائها من الغرب، لا يدعمون الحرب على غزة بالمال والسلاح فقط، بل يشاركون فيها جهارًا نهارًا باساطيلهم وبوارجهم وطائراتهم ومخابراتهم وقنابلهم ذات الاوزان العالية والغباء العالي ليصبوها فوق رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ، فتحولهم لأشلاء 

لقد كان طوفان الأقصى كاشفًا للإنسانية باسمى معانيها، فكشف لنا الطوفان أن شباًبًا تم اعدادهم وتدريبهم تمكنوا ولا زالوا من مقاومة اعتى أسلحة الحرب واستطاعوا اذاقة جنود الكيان كل صنوف الهزيمة منذ ٧ أكتوبر وحتى قرابة العام، لم يتمكن فيه الصهاينة الا من قتل الأطفال والنساء والشيوخ، بينما عجزت كل أسلحتهم الفتاكة عن مواجهة المقاومة الشجاعة المحاصرة منذ أكثر من  عقدين من الزمان، فسقط الصهاينة أمام المقاومة في كل مواجهة، وفروا أمامها، ولم يجدوا إلا المدنيين 

 لقد تفوقت الإنسانية على السلاح، وتفوق الانسان على آلة الحرب المجنونة، فتحية لطوفان الأقصى، وتحية لمجدي يعقوب والنصر للإنسانية