إبداعات ذات مصر

عقاب.. قصة قصيرة

ذات مصر

أبلة صباح  هى مدرستى فى الصف الأول الابتدائى، لم تكن صباحا على الإطلاق، فهي بدينة سمراء البشرة ولديها نمش واضح، كانت بطلة فيلم الكرتون الذى أتابعه لديها نمش واستقر فى نفسي أن النمش هو أحد مقاييس الجمال العالمية لكننى غيرت رأيي عندما قابلت أبلة صباح تلك، كنت أسخر منها فى نفسى كنوع من الانتقام وأقول أبلة مساء، لم يكن مظهرها هو سر كراهيتى لها بل تجهمها المستمر الذى كان بمثابة حاجز بينى وبينها وبينى وبين المدرسة وبينى وبين التعليم ككل، لسوء الحظ درستنا جميع المواد اللغة العربية، الحساب، الدين، تخيل لا فاصل، غير مسموح الخروج من الفصل مطلقا، كنت أشعر أننى فى سجن، منعتنا من الخروج فى الفسحة فى بعض الأحيان وطلبت منا أن نتناول شطائرنا ونحن جالسون فى أماكننا حتى لا يسبب لها خروجنا ودخولنا صداعا، أنظر إليها باشمئزاز لا تخطؤه العين، طلبت منا أن نختار كلمة ونضع جمعها على صدرونا، نثبته بواسطة دبوس أو ما شابه، كنت مولعة بالشجر فقد كان مقعدى بجوار الشباك وكنت أرى شجرة جميلة من النافذة الزجاجية فى فناء المدرسة، فكتبت على صدرى أشجار، وبختنى أبلة صباح التى كانت توبخ الجميع بسبب أو بدون، قالت لى لماذا اخترتى تلك الكلمة الصعبة لا تستطعين كتابتها قلت لها بتحد أستطيع، قالت لى اكتبيها على السبورة إذن، كتبتها فساءها الأمر وطلبت منى أن أفتح يدى لتضربنى، قلت لها كتبتها بالشكل الصحيح لماذا تعاقبيننى؟ قالت لى بازدراء  لا تعجبنى ردودك علي، لم أشعر بوجع الضرب فى يدى لكننى شعرت به فى قلبى، واسانى أصدقائى أثناء خروجنا من المدرسة وسخروا منها، تمنيت لو تختفى،  ألا أراها فى الفصل ولا فى المدرسة ولا فى الشارع، تمنيت ألا أراها أبدا طيلة حياتي وقد كان، فقد دخلت الفصل مدرسة أخرى وسمعت أنها نقلت لمدرسة أخرى لم اعرف إن كان هذا بناءا على رغبتها أم أنه تم رغما عنها، الأكيد أن هناك أطفالا آخرين سيعذبون فى مكان آخر، شعرت بالأسي الشديد تجاه هؤلاء الذين لا أعرفهم، لكننى فى اعماق قلبى كنت سعيدة أننى نجوت.