هشام الحمامي يكتب: على جسر (اللنبى).. والخروج من(الزمن الضائع)!

ذات مصر

من يرى يدى نتنياهو أمس وهى ترتعش وترتجف، وأيضا يلاحظ تعمد قنوات التلفزيون الإسرائيلية التركيز عليها وهى ترتعش، سيدرك فورا أننا الأن في الساعة (الخامسة والعشرين)..الساعة التي ينتظرها (عالم العروبة والإسلام) من أيام ما قررت بريطانيا، أن تٌحضِر(أباء نتنياهو) ليعيشوا فوقنا ويعيثوا في أرضنا المباركة (فلسطين) فسادا، ويعبثوا ويعربدوا في طول وعرض(عالم العروبة والإسلام).              

مضى زمنا عريضا، زمنا طويلا، بل أزمان عديدة والشرق الأوسط يعيش داخل ما يوصف بـ (الزمن الضائع). 

الزمن الذي قررت(بريطانيا)غلق أقفاله علينا من بدايات الخمسينيات حين قررت الخروج من(عالم العروبة والإسلام) وإحلال (أولاد الحلال) بدلا منهم، ليقوموا _ سامحهم الله _بما قاموا به طوال السبعين عاما الماضية. 

لا نخوّنهم ولا نتهمهم، لن نبصق على أثوابنا ..!

صحيح أن ما فعلوه كان قاسيا وأليما وغير مبررا..حين قاموا بإحكام مغاليق هذا (الزمن الضائع) علينا ..لنظل بداخله نبحث عن أنفسنا، نبحث عن ماضينا الذى لا نذكره، ومستقبلنا الذى لا نعرفه ..ونظل هكذا نسير بلا ذاكرة، ونمضى بلا غاية..ونظل نسير ونسير ونسير، ولا يبدو أمامنا غير الطريق ..

وهو للأسف حال كل من يسير في (الزمن الضائع)، تتلاشى لديه تماما وتختفى ترسيمه(الزمن التاريخى): الماضي والحاضر والمستقبل ..     

لندع كل ذلك الأن فهناك ما هو أهم، وسنعرفه حالا. 

لذا سنترك الحكم على ما كان من كل ذلك إلى (الزمن القادم) وشباب ورجال الزمن القادم .. وهو إن شاء الله قادم قادم..يعنى قادم.. 

ليس فقط لارتعاشه يدى نتنياهو واضطراب جالانت وغيبوبة هاليفى .. كل هؤلاء ثبت للعالمين أنهم لا شيء، هم فقط (صبيان) المعلم وأحفاد المعلم ..نعم .. 

المعلم الكبير هو (اللورد اللنبى) الذى قرر من طرفه، أن ينهى الحروب الصليبية، وهو يدخل (القدس) في ديسمبر 1917م ..قائلا جملته الشهيرة(الأن انتهت الحروب الصليبية)..ستصبح تلك الجمله  ، إحدى خرافات التاريخ المتداولة ،فلم تنتهى تلك الحروب.

حتى بعد أن يذهب إلى(لندن) ليهدي النصر إلى الأمة البريطانية في عيد الميلاد المجيد. 

سنذهب معه إلى لندن هذه الأيام  كما يدعونا أصحاب (التفكير التاريخى).. حيث يجلس المعلمين الكبار، أحفاده في تداول تلك الخيبة الكذوبة...! من هؤلاء؟

مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الـ (سي آي إيه) ويليام بيرنز (68 سنة)، ورئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطاني (إم آي 6)، ريتشارد مور (61 سنة).. 

أهلا أهلا .. 

الاثنان على فكرة لهما ماضي طويل في عالم (العروبة والإسلام)، وبيرنز تحديدا الذى صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على تعيينه مديرا للـ (سي آى إيه) بالإجماع سنة 2021م ضالع من رأسه حتى قدميه في شئون (ديارنا) وهو متخصص في الشرق الأوسط، تخصص يجعله أخرمن يقول، وأول من يٌطاع .. 

ونفس الوصف تقريبا ينطبق على ريتشارد مور البريطاني .. 

الحاصل أنهما تحدثا في لندن ضمن ندوة معلنة عن الخطر الذى يتهدد النظام العالمي الحالي..هذا عادى ومتوقع. 

لكن في ثنايا ذلك، كان هناك ما هو غير عادى، وغير متوقع .. 

العادي والمتوقع أنهما حذرا من الصين وروسيا، أما غير العادي وغير المتوقع أنهما أضافا (خطرا ثالثا) وبتوصيف جديد ..وملفت .. 

الخطر الثالث هذا هو (الإسلام المتشدد) ! .. ليس الإرهابي وليس العنيف .. !!

(المتشدد) يعنى ممكن يكون مثلا الذي يصلى، وقد يكون من أهل القرآن والتلاوة، وقد يكون ممن تفيض أعينهم من الدمع يبكون، ويزيدهم خشوعا.                         

باختصار ذاك الذى ينظر إلى الدنيا على أنها (متاع) شنطة سفر يعنى ويتطلع إلى (دار القرار).. بعد الموت.

بمعنى أقرب، هذا الذى قد يكون مؤهلا للخروج من (الزمن الضائع)..ويحمل في رأسه مشروع البحث عن (الزمن القادم).. مثل من ..؟؟

مثل (ماهر الجازي) الضابط السابق بالجيش العربي الأردني والذى قرر الذهاب إلى (دار القرار) بعد أن وآتته فرصة (الوعد الحق) لفعل ذلك .. 

نعم .. فإن لم تكن فرصة (الوعد الحق) حقا؟ لكان قد أمضى يومه في سلام وعاد في سلامين إلى أسرته وأبنائه الخمسة (ولدين وثلاث بنات) يتناول عشاءه ويشاهد في التلفزيون ما يحدث في غزة من 339 يوم وما يحدث في الضفة أيضا مؤخرا، ثم ينام ..

لقد قرر الرجل الهادئ البسيط المشهود له بالاحترام والخلق من الجميع كما قالت وكالات الأنباء.

ماذا قرر؟           

قرر أن يختار موتته الكريمة بنفسه .. 

أحضر مسدسا وضرب ثلاث عسكريين إسرائيليين بثلاث رصاصات في الرأس،لم تطيش منه رصاصة واحدة،  وذهب إلى (دار القرار)..

بعدها ظهر لنا (أبو عبيدة) وقال .. 

ماذا قال؟

نبارك العملية البطولية في معبر الكرامة التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي أحد أبطال (طوفان الأقصى).. وأضاف: مسدس البطل الأردني في نصرة أقصانا وشعبنا، كان أكثر فاعلية من جيوش جرارة وترسانة عسكرية مكدسة، العملية تعبر عن ضمير أمتنا وعن (مآلات طوفان الأقصى)  .. و(الكابوس) الذي ينتظر الكيان الصهيوني. 

أدى مجاهدونا في عقدهم القتالية، وكمائنهم، وثغورهم في (قطاع غزة) صلاة الغائب على الشهيد بطل العملية.

لقد أتعبتنا يا حاج يحيى أنت ورجالك .. ما كل هذه الروعة الرائعة .. الكلمات معدودة ومحدودة وبالغة المعنى والمبنى والقوة والنفاذ .. وأروع ما فيها (مآلات طوفان الأقصى)  .. 

إنها هي هي التي أجلست نتنياهو مرتعش الأيدي .. 

إنها هي هي التي أجلست بيرينز ومور في لندن يتحيرون و يتفكرون في الإسلام المتشدد ..

 إنها هي هي التي جعلت الكريم بن الكرام، سليل عائلة (الجازي)وحفيد الشيخ (هارون الجازي) أحد قادة معركة(القسطل) بالقدس عام 1948.. يختار ما أختار. 

إنها الساعة الخامسة والعشرون .. مضى (الزمن الضائع) وجاء رجال (الزمن القادم)  .. 

وهذا هو اليوم التالي في الشرق الأوسط .. 

يضحكون من أنفسهم، ويظنون أنهم يضحكون منا وعلينا، وهم يقولون اليوم التالي في غزة.

ما حدث هو أن (كتائب الإخلاص) أدركت جوهر الحقيقة التي حركت التاريخ الأول لهذه الأمة .. فتحركت كما تحرك ، وكانت كما كان.

من يريد حقا وصدقا، أن يعرف (القصة) كلها كما هي ..كما هي، وكما بدأت، وكما ستدور بها الدوائر، لتحق الحق وتبطل الباطل، عليه أن يرجع ويراجع (سورة الزمر)  .. حيث الدين الخالص .. 

وتأكيدا: ألا لله الدين الخالص..

وتأكيدا: قل انى أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين.. 

وتأكيدا: قل الله أعبد مخلصا له ديني .. سنقرأ في هذ السورة (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل).. 

سيأتى بعدها المؤرخ والفيلسوف الالمانى فيلهلم همبولت(ت/1859م) ليقول لنا: ان كل ما يحدث في الزمان والمكان يرتبط بعضه ببعض برباط لا ينفصم، والتاريخ في هذا المقام...

ورغم ما يتراءى من مظهره.. فإنه يخضع لقوانين لا تتبدل.   

الباشا قصده (ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ).. كما جاءنا في سورة الأحزاب .

عفوا.. فنحن ممن خرج من (الزمن الضائع)  .. 

ولدينا(ماضي) فيه محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه أبو بكر وعمر وعلى وخالد، وسعد بن أبى وقاص.

وسعد الدين الشاذلي (كل 6 أكتوبر وأنتم طيبين) ,                                                       

ولدينا(حاضر)فيه السنوار والضيف (كل 7 أكتوبر وأنتم أطيب).. 

ولدينا (مستقبل) فيه (طوفان الأقصى)  .. 

فيه (الزمن القادم) .. وهو إن شاء الله قادم.                                                                                               

قادم .. يعنى قادم.