عمار علي حسن يكتب: أيام الأندلس.. قراءة في 7 كتب مهمة

ذات مصر

ينصح كثيرون دوماً أي باحث أو قارئ راغب في معرفة واسعة عن الأندلس أن يسعى وراء ما كتب محمد عبد الله عنان، بوصفه واحدا من أبرز من كرسوا جهدهم للأندلسيات تاريخا وأدبا واجتماعا. 

وعلى هذا المنوال يأتي كتابه عن "تاريخ العرب في أسبانيا"، والذي يعد خلاصة بحث في هذا المضمار، سواء قام به عرب أو أوربيون، ليقدم للقارئ صورة واضحة عن تاريخ هذا البلد، وهو تاريخ مملوء بالنضال في سبيل الحرية الفكرية والسياسية والاجتماعية.

ويتوزع الكتاب، الذي يمكن أن يوصف بكل دقة على أنه مختصر تاريخ الأندلس، على أربعة أبواب، الأول منها يتناول فتوحات العرب في أفريقيا وأوروبا، من حيث سياسة الفتح عند الروم والعرب، ثم وقائع هذه الفتوحات في أوروبا وأفريقيا. 

والثاني عن دولة بني أمية في الأندلس، والتي توالت في عصور أربعة، وفق المؤلف، هي: العصر الأول بعد تكوين الدولة، ثم الأندلس الثائرة، فالعصر الثاني، وأخيراً حكم المستنصر. 

والباب الثالث عن اضمحلال الدولة الأموية وسقوطها، وهنا يستعرض دولة بني عامر، وسقوط الدولة الأموية، ودولة بني حمود. ويخصص المؤلف بابه الرابع للنظم السياسية والاجتماعية والتجارية التي كانت مطبقة في الأندلس، وكذلك النهضة التي شهدتها في مجال الآداب والعلوم والفنون.

وبالطبع فإن عنان، صاحب المجلدات المتتابعة في هذا الموضوع، يضع درايته وخبرته بالأندلس في خدمة هذا الكتاب الذي احتاج منه إلي بذل جهد كبير في سبيل المفاضلة بين روايات متعددة، وهنا يقول: "ما كدت أبدأ بإنشاء أول فصل من ذلك التاريخ حتى راعني تشعب الحوادث، وأضلني اختلاف الرواية، ولكن شاقني بهاء الموضوع، وشجعني سمو المجهود، فغالبت المصاعب، واستنهضت العزائم لإتمامه".

ومن مزايا هذا الكتاب، فضلاً عن عمق معرفة مؤلفه بالمسألة الأندلسية، هو عدم اقتصاره على المصادر والمراجع العربية والإٍسلامية، إنما أيضا العودة إلى مؤلفات أجنبية، ظفر منها بوقائع وأفكار قد تخلو منها المؤلفات العربية.

وهناك كتب عديدة تحدث عن تاريخ الأندلس السياسي والحضاري، لكن قلة منها هي التي تصدت لاقتصاديات هذه البلاد، التي كانت للعرب المسلمين قبل أن تذهب عنهم بعد سقوط غرناطة 1492م، ومنها كتاب "تاريخ الاندلس الاقتصادي والاجتماعي"، الذي تناول أيضا الأوضاع الاجتماعية.

وهذه القضايا لم يعرها الباحثون اهتماما كبيرا، إما لقلة بضاعتهم أو لعدم تنوع مصادرهم، رغم أن المستشرقين قد أفاضوا فيها، راجعين إزدهار أحوال الأندلس إلى المؤثرات الأوروبية القديمة المستمدة من الحضارتين اليونانية والرومانية، وهو تحيز ظاهر، يكشفه هذا الكتاب، الذي وظف مؤلفه مصادر متنوعة، ومراجع مختلفة، مكنته من الاقتراب من الحقائق حول الحياة الاجتماعية والاقتصادية للأندلسيين.

وبعد أن يصف الكاتب الحالة الطبيعية للأندلس من حيث الموقع والتضاريس والمناخ ومصادر المياه، يتحدث عن الأنشطة الاقتصادية مثل الزراعة وخدمة الأرض، والعوامل الطبيعية والبشرية المتحكمة فيها، وخبرة السكان بها، واهتمام الدولة بتنميتها، ونوعية استثمار الأرض وإصلاحها، ومهارة الأيدي العاملة وتدريبها، وأساليب الزراعة، والتنافس حول منافعها. 

ويربط الكاتب هذا كله بتطور نظام الأراضي في الدولة الإسلامية، بدءا بعهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين، ثم الدولة الأموية، حتى وصل الأمر إلى الأندلس فدرس الإقطاع وأرض الدولة وقضية الملكية العامة، والأحباس أو الأوقاف، والملكية الخاصة، وأوضاع الملاك والمزارعين، والثروة الخشبية (الغابات)، وتربية الحيوان.

ويتناول الكتاب أيضا الثروة الكامنة في باطن الأرض، من معادن صلبة ونفيسة، ومتنوعة الاستعمال، لينتقل منها إلى الصناعة فيشرح العوامل التي ساعدت على قيامها، ويعدد أنواعها، ثم ينتقل إلى التجارة فيبين عوامل قيامها وتطورها، سواء كانت داخلية أو خارجية، وهنا كان عليه أن يتحدث عن موانئ التبادل التجاري، وطرق التجارة.

أما خصائص الحياة الاجتماعية فيتطرق فيها إلى السكان وتكوينهم، وحياتهم وطبقاتهم وشرائحهم، والأعياد الدينية الإسلامية، والحرف والمهن ذات الطابع الاجتماعي، والخدمات التي يتم توفيرها للناس، ومستوى ثراء أميرات الأندلس وأعمال الخير التي يقمن بها، وبعدها ينتقل إلى جمع القمامة أو المزابل، والعادات الكريهة، والسجن وغيره من أنواع العقاب، ويصف المصايف لاسيما في القرى، ويشرح دور المدرسة في المجتمع الأندلسي.

هناك كتاب ثاالث مهم يتعرض لتاريخ المدن الأندلسية، للباحثين: جاسم ياسين الدرويش، وحسين جبار العلياوي، عنوانه "دراسات في تاريخ المدن الأندلسية: باغة ـ قبرة ـ قيجاطة ـ قلهرة"، وهو يتناول المدن من خلال التركيز على بعض منها هي باغة وقبرة وقيجاطة وقلهرة، وهي ضمن عشرات المدن التي أسهم المسلمون والعرب بحظ وافر في بعث الحياة فيها، وأقاموا فيها نهضة عمرانية وحضارة استمرت قرونا.
وعمد المؤلفان على تناول ثلاثة محاور في كل مدينة، الأول يركز على جغرافيتها ونموها، حيث تتسع المدن دوما عبر الزمن، والثاني يتعلق بتطورها الإداري والسياسي، وما مرت به من أحداث بارزة، والثالث يرتبط بالحركة الفكرية وإسهام نخبتها في العلم والمعارف والآداب والفنون. 

ومدينة باغة صارت الآن من أكبر توابع غرناطة بعد تخريبها،  وهي توصف بحسن جوها وبهاء مزارعها، وقد تقلبت أحوالها الإدارية والسياسية من حاكم إلى آخر، وتأثرت بالصراعات والحروب حول السلطة. وطيلة المدة التي حكمها فيها المسلمون التي تزيد على سبعة قرون أسهم أهلها في صناعة حضارة الأندلس، نظرا لنبوغ بعض أفرادها في مجالات عدة.

وتقع كورة قبرة جنوبي قرطبة، واشتهرت بالزراعة، فتبعتها ستمائة قرية، وكان سكانها خليط من العرب والبربر والمستعربين والنصارى، وبها انطلقت أولى الموشحات الأندلسية الشهيرة. وقد فتحها المسلمون سنة 710 م لكن الملك فرناندو حاكم قشتالة تمكن من السيطرة عليها عام 1240 م.

أما قيجاطة فتميزت بوفرة الغابات التي تسخدم في صناعة الأثاث المنزلي، وفتحها طارق بن زياد سنة 710م، وسكنتها العديد من القبائل العربية، وتميز علماؤها بالتبحر في علوم القرآن والحديث واللغة والأدب. وبعد خمسة قرون سقطت في يد نصارى قشتالة عام 1225م.

وقلهرة مدينة تتسم بصعوبة جغرافيتها، لوقوعها في منطقة وعرة بجبال البرتات، التي تنحدر منها عدة أنهار. وقد فُتحت سنة 712 م بقيادة موسى بن نصير، وقد بنى فيها المسلمون حصونا وقلاعا قوية، وشهدت العديد من المعارك مع النصارى، هي الأعنف في تاريخ الأندلس، حتى سقطت في أيديهم سنة 1046م.

وهناك كتب عكفت على تأليفها مجموعة من الباحثين العرب حول الأندلس، منها كتاب "دراسات أندلسية بأقلام عراقية"، الذي يضم عددا من الدراسات المتنوعة حول بلاد الأندلس كتبها باحثون عراقيون مختصون في مجالات عدة، وهو في مجمله يدل على مدى اهتمام علماء المشرق العربي بما جرى خلال حقبة تاريخية سابقة، في المغرب العربي، الذي تفاعل وساهم في صناعة المسار الأندلسي في الحضارة العربية الإسلامية. 

يناقش الكتاب الحياة الاجتماعية في المدن الأندلسية مثل قرطبة ومجريط، والإسهام الحضاري لمكونات المجتمع الأندلسي من العرب والبربر والمولدين والصقالبة، ويقدم كذلك صورا من حياة الموريسكيين  والمورو بعد سقوط  آخر معاقل العرب في الأندلس وهي غرناطة عام 1492م، ويتناول مسألة اندماج المجتمع العربي الإسلامي وأثره في نقل الحضارة عبر الأندلس، وبعدها يدرس الأعراف والتقاليد الخاصة بالأطفال، ومكانة المرأة الأندلسية ودورها في بناء المجتمع، واهتمامها بالتعليم، إلى جانب حياة جواري الأمراء والخلفاء الأمويين بالأندلس، وكذلك الحياة اليومية للإماء.
وهناك فئات أخرى يوليها الكتاب أهمية مثل الذين قامت السلطة السياسية بنفيهم، وأولئك الذين دخلوا إلى السجون، وأثر أصحاب الدواوين في الرقابة الإدارية، ومسألة العزل من الوظيفة وما يترتب عليه.

ويتطرق الكتاب إلى أثر الفقهاء والعلماء المكفوفين في المجتمع الأندلسي، مثل قضية توقير العلماء بشكل عام، ويتناول الكثير من الطقوس التي كانت سائدة في الأعياد والمناسبات الاجتماعية، والخرافات والأساطير المتداولة، والأسباب التي قادت إلى الفتنة والآثار التي ترتبت عليها.

ونظرا لأهمية الثقافة في المجتمع الأندلسي يفرد لها الكتاب جزءا مهما فيتناول أدب الهدايا، ورثاء الأبناء في ثنايا الأدب، واجتماعيات المسرح وقضية المثاقفة، وبعض أنماط الأدب الديني، وسيمائية الصورة في الشعر من خلال قصائد المعتمد بن عباد.

في العموم يشمل الكتاب خمسة وثلاثين بحثا مقسمة إلى بابين، وهو يعد عملا أكاديميا متميزا يسد نقصا في الدراسات العربية المتوالية حول الأندلس.

ولأن الأندلس اشتهرت بازدهار الأدب، وعلى رأسه الشعر، يمكننا في هذا المقام التحدث عن كتاب خامس بعنوان "المفاخرات في بلاد الأندلس"، وهو يكمل الدراسات النقدية والاجتماعية التي تصدت لأحد أغراض الشعر العربي وهو "الفخر"، الذي صورته قصائد أُنشدت قبل ظهور الإسلام واستمرت بعده، عبَّرت برمتها عن تأصل نزعة التفاخر عميقا داخل الشخصية العربية، حتى صار الفخر أحد أبرز سماتها. 

ولم يكن المجتمع الأندلسي استثناء من هذا، إذ شكل الفخر واحدا من أهم مظاهره، وترك بصمة على جوانب متعددة للحياة هناك، وساهم في صياغة الكثير من الأحداث السياسية والعسكرية، بدءا بالفخر العربي القبلي وانتهاء بفخر المولدين الذي لبس لبوسا عنصريا، وراح يتغني بفضل المغرب العربي على المشرق، وذلك بعد انتهاء عهد الخلافة وقدوم زمن الأمراء المتصارعين.

يتوزع الكتاب على خمسة فصول، أولها يناقش تعريف الفخر ووروده في القرآن الكريم والسنة النبوية، ثم دوافع الفخر ومراميه وأهدافه. والثاني يتطرق إلى الفخر الذي كان سائدا في بلاد الأندلسي ومنه القبلي والعنصري وهناك كذلك المفاخرات السياسية التي أطلقت في بلاط الحكام. أما الفصل الثالث فيعرج على المفاخرات الفكرية بين المغاربة والمشارقة، والتي أنتجت على ضفافها الكثير من التصورات والمعاني المهمة.

ويتصدى الفصل الرابع إلى أنواع المفاخرات ويقسمها إلى اجتماعية ودينية واقتصادية وسياسية، ليأتي الفصل الأخير ليدرس آثار هذه الألوان من الفخر على حياة الناس.

ويبين الكتاب كيف طغى الفخر القبلي على ما عداه ببلاد الأندلس في العهود الأولى لدخول العرب إليها، مثلما كان سائدا في حياة المشرق العربي، فتأججت مشاعر الاعتزاز بالذات والكبرياء في صدور أبناء القبائل العربية، لكن لم يلبث الأمر أن انتقل إلى المفاخرة بين المغاربة والمشارقة الموجودين على أرض الأندلس، وبعدها صار الفخر موزعا على ملوك الطوائف الذين انتموا إلى أصول وأعراق متعددة من عرب وبربر وصقالبة ومولدين . وحين حكم المرابطون والموحدون بلاد المغرب العربي انتقل فخرهم إلى الأندلس، وصار يشكل أحد جوانب الصراع السياسي والعسكري فيها.
ويمكن اختتام هذه الكتب الستة بذلك الذي يتناول "حركة الاسترداد الأسبانية" وهو كتاب يتصدي بالوصف والتحليل لحقبة مهمة في تاريخ بلاد الأندلس، سواء الإسلامية منها أو المسيحية، فنعرف من خلال مجلداته الثلاثة خصائص وسمات وتصرفات وخطاب الممالك النصرانية الثلاث: جليقية وأشتوريس وقطلونية التي لعبت دورا كبيرا في إضعاف الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، ثم الإجهاز عليه عام 1492م.

وعمل مؤلف الكتاب على تحديد المنطلقات الفكرية التي استندت إليها حركة الاسترداد، ويحلل بعديها الديني والقومي، والأهداف التي حددها الأسبان في سبيل استعادة أرضهم وملكهم الضائع، والمراحل التي مرت بها هذه الحركة متقلبة بين ضعف وقوة عبر ثمانية قرون، وما بذله المسلمون من جهد في سبيل التصدي لها، وكيف غفلوا عنها، حتى تمكنت من هزيمتهم.

ويؤكد المؤلف أن قادة هذه الحركة وظفوا الدين والنعرة القومية بدرجات متفاوتة في إلهاب مشاعر الناس في سبيل بلوغ أهدافهم، بينما كان المسلمون منشغلين بصراعاتهم الداخلية على السلطة والنفوذ والمنافع الفردية.
وقد بدأت حركة الاستراداد في عام 717 م، كمقاومة ضد الحكم الإسلامي، وليس كما هو شائع أنها تأخرت إلى عام 1030م، لكنها إن بدأت خافتة ضعيفة فهي لم تلبث أن قويت بمرور الوقت وتحولت إلى مشروع ديني وقومي كبير، حظى بدعم الكنيسة الكاثوليكية، وملوك أوروبا، والقوى السياسية الأسبانية.

 ولا يمكن أيضا إهمال دور العامل الاقتصادي إذ إن الغنائم التي كان يحصدها مقاتلو الحركة من ثروات المسلمين كان تشكل حافزا كبيرا لكثيرين، فينضمون إلى صفوف المقاومين، فيما شكلت الأموال المفروضة على المسلمين وقت ضعفهم دخلا مهما للكنيسة والسلطة السياسية في أسبانيا المسيحية. بل يمكن القول إن السبب الاقتصادي كان أقوى من غيره، بحيث صارت الأسباب الدينية والقومية إلى جانبه مجرد شعارات لاستمالة العامة وحشدهم ضد المسلمين.

ولم تقتصر حركة الاسترداد تلك على الشعب الأسباني بل امتدت إلى شعوب أوروبا كلها، فهرع مسيحيون أوروبيون إلى القتال بجانب الأسبان، لاسيما مع بدء حملات الفرنجة التي سميت "الحملات الصليبية" ضد الشرق.

ورغم ما بذله الكاتب من جهد وفير في دراسته هذه فإنه يؤكد أن دراسة حركة الاسترداد لا تزال ميدانا رحبا، تحتاج إلى مزيد من البحث، لاسيما في رصد الصراع الثقافي والحضاري بعيدا عن المصالح الاقتصادية والنعرات القومية والدينية.

ولا يمكن التعرض للأندلس دون ذكر محنة أهلها بعد استردادها، وهنا يأتي كتاب "الموريسكيون والعالم الإسلامي ..  من سقوط غرناطة حتى نهاية محاكم التفتيش الأسبانية"، الذي يضاف إلى غيره من كتب كثيرة عُنيت بضياع بلاد الأندلس (إسبانيا والبرتغال) من أيدي العرب والمسلمين عام 1492م بسقوط آخر إماراتهم هناك وهي غرناطة. وهذا الكتاب، كأمثاله، يشكل مرثية لهذا الزمن، لكنه يتتبع آثاره في أزمنة وأمكنة أخرى، من خلال مسلمي الأندلس (الموريسكيون)، الذين تشبث بعضهم بأماكنهم، لكنهم واجهوا تعذيبا قاسيا على أيدي عمال محاكم التفتيش الأسبانية، ورأوا كيف يعمل المنتصرون من المسيحيين على طمس الهوية الإسلامية، ويقومون بتهجير المتمسكين بها، ويجبرون آخرين على التنصر عبر مراسيم رسمية.

ويستعرض الكتاب مواقف المماليك والإمارات الإسلامية وقتها من سقوط غرناطة، مثل موقف دولة المماليك والدولة العثمانية، التي استغاث بها الموريسكيون، فأرسلت جيوشها إلى شمال أفريقيا وأساطيلها إلى غرب البحر المتوسط. ثم يبين أثر هذا السقوط على جنوب شرق آسيا، لاسيما أندونيسيا ومالاجا والفلبين، مع انطلاق الأسبان والبرتغاليين في كشوفهم الجغرافية.

وعبر منهج تاريخي يشرح المؤلف الأسباب التي أدت إلى سقوط غرناطة بعد إبرام معاهدة لتسليمها، وقبلها يبين كيف سقطت مدن المسلمين تباعا، ثم يشرح كيف بدأ اضطهادهم، ويأتي تفصيلا على ذكر ثوراتهم التي بدأت عام 1499 ، وانتهت بالثورة الأندلسية الكبرى 1568، التي بعدها أخذ دور الكنيسة الكاثوليكية يتعاظم في اضطهاد الموريسكيين، فاضطروا إلى الهجرة إلى فرنسا وإيطاليا ودول شمال أفريقيا.

ورغم التعذيب الرهيب والطرد والتشريد فإن الموريسكيين، حسب هذا الكتاب، يبدون قدرا هائلا من التحدي للحفاظ على هويتهم إلى اليوم، وليس أدل على هذا من الكتابات الأدبية والتاريخية التي تراكمت في العقود الأخيرة عن هذه التجربة، التي تضاف إلى التجارب الإنسانية القاسية في التاريخ كله، لاسيما أن حنين كثير من المسلمين والعرب إليها، لا يزال يغذيها بكل أسباب البقاء على قيد التذكر والتناول في الكتب التاريخية والأدبية والدينية.