كيف تحاصر الدولة التضخم؟ خبراء يجيبون

التضخم
التضخم

تتبنى الدولة المصرية حزمة من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة لكبح معدلات التضخم المرتفعة، من خلال سياسات تهدف للسيطرة على الأزمات والتحديات العالمية الراهنة التي تؤثر على جميع الدول ومنهم الدولة المصرية.

 

ما هو التضخم وكيف حدث؟

في البداية، أوضح الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أن التضخم وتداعياته يأتي كاستيراد من الخارج، لأن تكلفة المدخلات الخاصة في مصر كالبترول والمواد الخام وغيرها يتم استيرادها من الخارج بالدولار بتكلفة عالية جدًا مما يؤثر بشكل كبير على رفع الأسعار ويزيد من تكلفة المعيشة وفاتورة الغلاء.

 

إجراءات مواجهة التضخم

وقال الدكتور مصطفى بدرة في تصريحات خاصة لموقع “ذات مصر”، إن الدولة تتبع عدة إجراءات لمواجهة التضخم أو بمعنى أدق “لتحجيمه”، من بينها رفع أسعار الفائدة أكثر من مرة خلال الفترة الماضية، والذي له تأثيرات كبيرة على الموازنة العامة للدولة وزيادة الدين الخارجي حيث يكون الإقراض بفائدة مرتفعة جدا.

 

وأضاف الخبير الاقتصادي خلال حديثه، أن الدولة استطاعت زيادة المعروض من السلع، لافتا إلى أنها لن تستطيع السيطرة على التضخم لأن هناك استيراد كبير من الخارج وعدم القدرة على خفض ارتفاع سعر البترول أو سعر الفائدة أو تقليل مدخلات الإنتاج، مؤكدا أنه ما زالت الأزمة الاقتصادية العالمية تشهد ارتفاعًا في معدلات التضخم، مما يؤثر بالسلب على الاقتصاد في العالم، وبالأخص الدول النامية والأسواق الناشئة.

ولفت إلى أن الاتجاه إلى الاقتصاد الأخضر واستغلاله أمر جيد لاستغلال الطاقة الشمسية والرياح فضلا عن قانون زيادة الساعة “بدلا من 12 تكون 1” والذي تأخرنا فيه سيوفر ساعة من الكهرباء، ولكن لن يتراجع التضخم بنسبة كبيرة في وقت قليل معلقا “مش هينزل من 40% لـ 20% مثلا” لذا يتم تحجيم التضخم وسيأخذ فترة طويلة ليست أقل من عام ويتوقف ذلك أيضا على الحرب الروسية الأوكرانية التي تؤثر بشكل كبير في تحديد أسعار الغاز والبترول والحبوب والمحاصيل الزراعية.

 

هل الإجراءات المتبعة من الدولة مناسبة للتضخم؟

ورد الدكتور مصطفى بدرة، أن الإجراءات المتبعة في الوقت الحالي لمواجهة التضحم تعتبر وفق قدرات الدولة ولكنها تجري ببطء لأن القدرة الاقتصادية والمكونات الاستراتيجية تخلق عملية المعالجة للأوضاع الاستراتيجية، فالدولة يمكنها توفير سلع لمدة 6 أشهر ولكن لا يمكنها خفض السعر 50%، معلقا أن سعر الفائدة في أمريكا ارتفع 5% ولكي نقترض منها على سبيل المثال/ ستكون الفائدة مرتفعة ففي حالة احتياج أدوية أو سلع أو مكونات سلاح أو حبوب زراعية سيتم الاقتراض بأسعار عالية لتلبية احتياجات الدولة.

 

وفي السياق ذاته، قالت الدكتورة هدي الملاح، خبيرة دراسات جدوى، ومدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن أزمة التضخم عالمية وليست محلية حيث أصبح العالم كله يعاني منها وتتأثر مصر بها بشكل كبير خاصة بعد قرار البنك الفيدرالى الأمريكى برفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 0.25 نقطة مئوية، والذي أثار قلق المواطن المصري من تباعات هذا القرار على الاقتصاد  المصري، الذي بات يعانى من الأزمة الاقتصادية العالمية وبالأخص من الحرب الروسية الأوكرانية.

 

الاقتصاد الأخضر

وأضافت الدكتورة هدى الملاح في تصريحات خاصة لموقع “ذات مصر”، أنه سيتم توفير السلع بأسعار مرتفعة تجعل التضخم يزيد عن 39% خلال هذه الأيام بسبب الأسعار وعدم الإنتاج بوفر، لافتة إلى أن اتجاه الدولة للاقتصاد الأخضر مهم من خلال الاقتصاد صديق للبيئة خالي من الوقود الأحفوري المستخدم في المصانع لأنه يسبب أضرار للبيئة وانبعاثات ضارة للإنسان وسيكون طاقة متجددة مثل الهيدروجين الأخضر بديل الغاز من خلال تحليل عنصري الهيدروجين في الماء وفصل الهيدروجين من النيتروجين، مؤكدة أن الاقتصاد الأخضر يحافظ على صحة الإنسان ومنه الطاقة الشمسية واستغلال طاقة الرياح. 

 

الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم

من جانبه، علق محمد عبدالعال، الخبير المصرفي، أن الحرب الروسية الأوكرانية كانت السبب في ارتفاع معدل التضخم لما ترتب عليها من إغلاق شديد وارتفاع هائل في أسعار الطاقة ووقف سلاسل الإمداد فضلا عن زيادة عمليات مقاطعة من معظم الدول الأمر الذي أدى في النهاية إلى ارتفاع الأسعار وحدة التضخم.

 

ولفت الخبير المصرفي، إلى أن التضخم بدأ منذ فترة جائحة كورونا “كوفيد 19” ولكن كان من الممكن السيطرة على ذلك بأبسط الأدوات النقدية عن طريق رفع الفائدة لامتصاص الوضع، ولكن جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الأزمة.

 

الاقتصاد الأخضر

وحضر الدكتور محمد معيط، اجتماعات الربيع الخاصة بـ صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والتي تعقد في واشنطن، وتجمع اقتصادي ورؤساء البنوك المركزي حول العالم، حيث أكد معيط أنه حان الوقت لبناء نظام اقتصادي عالمي، أكثر مرونة وقدرة على التعافي الأخضر، موضحا أن الهدف من النظام الاقتصادي العالمي الجديد هو تجنب الصدمات الصحية والاقتصادية والبيئية، خاصة في ظل الأزمات العالمية المتعاقبة.

 

بناء نظام اقتصادي عالمي

وأضاف معيط، خلال اجتماعه مع تحالف وزراء المالية للعمل المناخي، على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي، أن الصدمات الصحية والاقتصادية والبيئية، بالتزامن مع هذه الأزمات المتعاقبة، ضاعفت حدة الضغوط التمويلية على الاقتصادات الناشئة، موضحا أن الحرب في أوروبا، تسببت في موجة تضخمية غير مسبوقة، انعكست في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وزيادة تكاليف سد الفجوة التمويلية من الأسواق الدولية بالتزامن مع تزايد الحاجة إلى موازنات ضخمة للتعامل الإيجابى مع التغيرات المناخية.


وأشار معيط، إلى أن مصر تتطلع لتوفير تمويلات محفزة للتنمية المستدامة في البلدان النامية وأفريقيا، على أن يقود ذلك القطاع الخاص باعتباره قاطرة التنمية الاقتصادية التي تسهم بشكل فعال في تحسين معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم وتوفير مزيد من فرص العمل، والأخذ في الاعتبار أن ما لا ننفذه اليوم، سيكون عبئا وبتكلفة ضخمة في المستقبل.

 

 

رفع أسعار الفائدة

ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة على أذون الخزانة المصرية، إلى 23.479% لأول مرة.

وفي وقت سابق في أبريل الجاري، أعلن  البنك المركزي المصري، تراجع معدلات التضخم الشهري إلى 2.5% بنهاية مارس الماضي؛ بعد أن كانت 8.1% بنهاية فبراير السابق، وبمعدلات غير مسبوقة بلغت 5.6%.

 

تراجع معدلات التضخم 

ولفت البنك المركزي المصري، إلى أن معدلات التضخم هبطت بمعدل 0.6% بالمقارنة بما كانت عليه معدل التضخم الشهري في مارس 2022، وانخفضت على أساس سنوي إلى 39.5% بعد أن سجل التضخم 40.3% بنهاية فبراي الماضي، بمعدل طفيف لم يجاوز الـ0.8%.

 

معدل التضخم وفقًا لـ "التعبئة العامة والإحصاء

وجدير بالذكر أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أعلن في 10 أبريل 2023 وصول معدل التضخم الشهري إلي 2.7% في مارس 2023، مقابل معدلاً بلغ 2.2% في ذات الشهر من العام السابق، ومعدلاً شهرياً بلغ 6.5% في فبراير 2023، مضيفا أن المعدل السنوي للتضخم سجل العام 32.7% في مارس 2023، مقابل 31.9% في فبراير 2023.