بعد بيراميدز وساويرس.. الاستثمارات المصرية تهرب للخليج.. ورجال أعمال: فشل الحكومة السبب

ذات مصر

صدمت تصريحات رجل الأعمال المصري، سميح ساويرس، المهتمين بالشأن الاقتصادي المصري، خصوصًا في ظل الأزمة الكبرى التي يعانيها، وضبابية سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، مع ثبات السعر الرسمي عند نحو 31 جنيهًا، وانخفاضه في السوق السوداء حتى 38 جنيهًا للدولار.

الشركات المصرية تهرب إلى الخليج

قال الملياردير المصري، في تصريحات متلفزة، إن ما حدث في مصر خلال العامين الماضيين من وقف الاستيراد، إلا عن طريق اعتمادات مستندية، تسبب في عجز المستثمرين عن استيراد عديد من الخامات، ما يعني أنه من الناحية النظرية تم الحفاظ على قيمة الجنيه، لكن من الناحية العملية انهارت العوامل الداعمة له، ما أدى في النهاية إلى تراجع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الكلي.

ورأى ساويرس أن استحواذ الدولة على الاقتصاد ليس الأزمة الأساسية، فالمستثمر سيستغل الفرص المتاحة أمامه، لكن العقبة الكبرى هي أن المستثمرين لا يقفون على سعر محدد للدولار، وتساءل كيف سيعد المستثمرون دراسات الجدوى في ظل ضبابية سعر الصرف؟ وهل سيستطيعون الخروج بالأرباح من البلد أم لا؟ وهل سيستطيعون استيراد الخامات أم لا؟ وهل يمكن إجراء دراسة جدوى للمشروعات في ظل هذه الظروف؟

في الوقت نفسه، بدأت شركة «بيراميدز» للإطارات في إنشاء أول مجمع صناعي لصناعة إطارات النقل والملاكي على مساحة 350 ألف متر في السعودية مطلع الشهر الجاري، بعد تلقيها عروضا بحوافز استثمارية كبرى، بعد عدم الاستجابة لمطالبها بوجود حوافز تمكنها من الاستمرار في السوق المصرية وتوسيع استثماراتها.

وعلى المنوال نفسه، بدأت شركات مصرية كبرى دراسة العروض التحفيزية الاستثمارية الكبرى استعدادًا للخروج من مصر، في ظل عجز الحكومة عن تلبية احتياجات المستثمرين ووجود عوائق كبيرة.

شركات أكثر ستغادر

وتوقعت مصادر خروج مزيد من مليارات الدولارات والاستثمارات المحلية والأجنبية من مصر خلال الفترة القادمة، بعد تصريحات سميح ساويرس، بأن المناخ الاقتصادي في مصر أصبح غير جاذب لأي مستثمر، وعدم وضوح التوقعات المستقبلية للسوق المحلي.

وعزا عدد كبير من رجال الاقتصاد والأعمال هذه الأسباب إلى ما يواجه القطاع الخاص في مصر من ضغوط كبيرة بسبب شح الدولار وصعوبة تدبيره لشراء مستلزمات الإنتاج، وتراجع عوائد الاستثمار باستمرار، فضلًا عن البيروقراطية، ووجود عدد من المعوقات التي أدت إلى أن تكون وجهات الاستثمارات محلية وأجنبية إلى دول الخليج خصوصًا السعودية ومن بعدها الإمارات.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فأعلنت بعض الدول وقف خططها التوسعية في مصر، وإرجاء شراء بعض الأصول بسبب سعر الصرف.

فشل الحكومة في أداء أعمالها

وكانت مصر تعول منذ عامين على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها لتوفير العملة الصعبة، عوضًا عن الأموال الساخنة التي هربت منها والتي تجاوزت 22 مليار دولار في نحو عام.

ولم تفلح الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتعويض هذا الهروب الكبير، حتى بعد إعلانها عن برنامج لبيع أصول حكومية بحصيلة مستهدفة، إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، لتجد نفسها وسط منافسة شرسة وغير متكافئة من جانب دول الخليج.

وأصبحت دول الخليج ترصد حوافز وامتيازات ترسخ مكاناتها استثماريًا، منها مزيد من الإعفاءات الضريبية للشركات لمدد تصل إلى 50 عامًا، كخطة محكمة لتنوع اقتصادها بدلا من الاقتصاد الريعي الذي كانت تعتمد عليه من النفط.

واتفق رجال الاقتصاد على أن مصر تواجه مأزقًا صعبًا ومنافسة شرسة في ظل استمرار أزمة سعر صرف الدولار، وانتعاشة سوقه السوداء، وعدم وجود سعر عادل للجنية، وفقًا للخبير المالي والاقتصادي، الدكتور مصطفى بدره.

حلول الأزمة 

وشدد الخبير المالي لـ«ذات مصر»، على عدم وجود حلول لما تمر به مصر دون الإسراع في برنامج الأطروحات، وجذب المستثمرين للقطاعات ذات الأولوية للحصول على السيولة اللازمة التي تضخ في الأسواق لمنع هروب المزيد من الاستثمارات، وتحسين معنويات المستثمرين في تحقيق عائد مناسب من مشاريعهم.

ورصد الخبير الاقتصادي عددًا من المعوقات منها البيروقراطية التي ساعدت وبشكل كبير في الهروب لأسواق الخليج التى تنهى كل الإجراءات خلال 48ساعة، بالإضافة إلى تشوه السياسات النقدية وعدم استقرار وثباتها وخاصة سعر فائدة الإقراض لكافة الاستثمارات الإنتاجية.

وأشار رئيس مجلس الأعمال المصري الفرنسي الأسبق إلى وجود معوقات كثيرة تواجه المستثمرين منها ارتفاع سعر الخدمات والأراضي السياسات المالية، منوهًا بأن مصر من أكبر دو ل العالم في عدد الضرائب منها ضريبة الأرباح التجارية والعقارية بجانب كسب العمل وقانون العمل الجديد.

وينتقد المستثمرون على أداء الحكومة في مصر بسبب بطئ التقاضي في قضايا الاستثمار والبيروقراطية وهو ما أدى إلى عدم دخول استثمارات جديدة قوية للسوق المصري، فضلًا عن عدم وجود وزارة خاصة بالاستثمار.

إجراءات جديدة لحماية المستثمرين

واقترح وجود ضمانات ملزمة لحماية وتشجيع المستثمرين من المخاطر وثبات التشريعات ومراجعة كاملة لكافة القوانين المتعلقة بالنشاط الاقتصادي والإنتاجي والتأكيد على تحويل الأرباح والعائدات مع تبسيط إجراءات التخارج .

وشدد رئيس اتحاد غرف الأورومتوسطي، أحمد الوكيل، على أن سعر صرف الدولار وكذلك البيروقراطية في إنهاء كل ما يتعلق بالمشروعات الاستثمارية يعد معوقا للاستثمار، إلى جانب غياب التنسيق بين المجموعة الاقتصادية في الحكومة والبنك المركزي.

وأكد أن الأسباب تتضمن أيضًا عدم وجود رؤية واضحة للاستثمار لدى الحكومة، فضلا عن القوانين التي تحكم الاستثمار نفسها هي قوانين صعبة أو مقيدة لعملية الاستثمار، والتي وصفها بأنها أصعب نوع من أنواع الإصلاح مع تدني بيئة الاستثمار.