أحمد عطا يكتب: حديقة الجواسيس

ذات مصر

كنت اتابع في صمت تام عبر القنوات الإخبارية ما يدور من شد وجذب بين الأطراف المتصارعة في إحدي الدول العربية، وفجاءة وبدون سابق انذار، وجدته  يجلس في اجتماع رفيع المستوي  يترأس موقع سيادي في بلده، ملامحه لم تتغير سوي مزيد من الأناقة الإيطالية وفريم نضارة ماركة  مون بولو، أما هو فمازال يحتفظ بوزنه الزائد ووجهه المنتفخ، وبعد فحص لملامحه تجاوز عدة دقائق تأكدت أنه هو، وقطع الصمت والذهول الذي كسي ملامح وجهي سؤال واحد كيف وصل لهذا المنصب ؟! وبدأت استرجع اول لقاء معه  في ٢٠١٢من خلال صديق مشترك وهو رجل أعمال مصري مقيم في إحدى الدول الأوربية، وكان اللقاء في «حديقة الجواسيس» كما أحب أن أطلق عليها من كثرة ما شاهدته داخل هذه الحديقة من أحداث تجاوزت 25 عاماً، وهي حديقة فندق مطل علي النيل  كان يجلس في أروقته أيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ ، توليفة عجيبة من البشر سياسين محترفين – قيادات إخوانية تستعد للانطلاق من حديقة الفندق – مراسلين أجانب تجمعوا وقتها في حديقة الفندق ليكونوا علي مقربة من ميدان التحرير، مسؤولين سابقين يجهزون أنفسهم لمواجهة بلاغات  الكسب الغير مشروع، القلق على مصر يكسوا وجوه الجميع  في حديقة الجواسيس حزناً علي  صعود  تنظيم الإخوان الي قمة  المشهد السياسي في مصر عقب ٢٥ يناير.

منصب رفيع المستوى 

أما صديقي رجل الأعمال المصري قدم لي صديقه الذي يتولى منصب رفيع المستوي الآن، علي أنه رجل أعمال حاصل علي الجنسية السويسرية، ومع الوقت تبادلنا أطراف الحديث في أمور كثيرة وخاصة مصير بلده الغامض الذي قامت بثورة وأطاحت برئيسها في مشهد دراماتيكي، واقتربت  منه كثيرا ومن خلال تبادل أطراف الحديث كان يكره رئيس دولته الذي أطاح به شعبه – كان يتناول  الخمر حتي يفقد وعيه – يتردد علي صالة قمار الفندق – ينفق ببذخ وبلا حساب، واثناء حالة من حالات السكر اليومية اعترف أمام الجميع أن رئيس دولته الذي تم الإطاح به في طليعات الربيع العربي قد سجنه، لهذا  كان ومايزال يكرهه – ولكني استأنفت متابعة  أخبار صديقي القديم  عبر المواقع والقنوات الإخبارية ووجدته لا يتحدث ، ولكن ينتابني حالة من الضحك عندما استرجع رجل الأعمال السكير والمسؤول رفيع المستوي الحالي، وعقد مقارنة بين الشخصيتين مجبراً عليها- وفهمت الآن لماذا أتي به رئيس حكومته لهذا المنصب – فقد كان مديرا لمكتبه يدير شركاته في سويسرا بل بينهما شراكة متعددة الأوجه مع شركات دولية وخاصة، إن رئيس الحكومة الحالي تم اتهامه أثناء تولي الرئيس السابق فى قضية فساد عرفت بأوراق منهاتن.

مؤسسات الدولة المتهالكة 

وهنا يبقي السؤال كيف لدولة أن تستعيد مؤسساتها المتهالكة في ظل توليفة وتركيبة عجيبة من هذه القيادات التي تتصدر المشهد السياسي، وأزيدكم من الشعر بيت، الانقسام والأطماع الخارجية الدولية تضرب في جغرافية الدولة حتي أنها علي وشك تقسيم مقنن في شكل أقاليم ينفرد كل طرف من الأطراف المتصارعة بالحكم والحصول علي جزء من الثروة هذا بجانب قيادات متمثلة في الصديق القديم الذي يفتقد أي جانب من الجوانب العلمية لتولي منصب رفيع المستوي – سوي أنه الصندق الأسود لرئيس حكومته الحالي والأمين علي محافظه الاستثمارية ماركة «ايزنهاور».