أحمد عطا يكتب: دبلوماسية مناجم الذهب الأفريقية

ذات مصر

هل هي لعنة «الفودو» الديانة الأفريقية المتعلقة بالسحر الأسود؟ أم أطماع غربية ترسخت وصعدت بطموح المستعمر الغربي إلى عنان السماء، لينهل ويسرق وينتهك حرمات هذه الشعوب في هذه البلدان الذين التهم الفقر أجسادهم.

تحت وطأة الجوع والجريمة العابرة للحدود، هذا بجانب توليفة عجيبة وغريبة من التنظيمات الإرهابية التي تنفذ حربًا بالوكالة لحساب أجهزة استخباراتية في دول الساحل الخمس، وفي جنوب الصحراء الأفريقية تحت مسميات مختلفة. ولكن بنظرة تحليلية: لماذا يقاتل الجميع على كل شبر داخل القارة الأفريقية؟ 

بدايةً، أفريقيا تملك أكبر احتياطيات في العالم من الماس واليورانيوم والكوبالت، وتملك 65 % من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، لهذا نجد دولة الإمارات قامت بتدشين أكبر مشروع زراعي في أفريقيا من الزراعات الأورجانيك مع دولة إثيوبيا بقيمة 1.2 مليار دولار.

وتأكيدًا على الواقع الاجتماعي المؤلم الذي تعيش فيه القارة الأفريقية؛ تنتشر مناجم الذهب في السودان في مناطق جبال النوبة ومنطقة كردفان ودارفور، وهي مناطق شديدة الفقر وتنتشر فيها الحروب والمجاعات والصراعات! الغريبة أن العصابات المسلحة تؤمِّن التنقيب عن الذهب للشركات العالمية في مقابل نسبة من الذهب، في ظل غياب تام للجيوش النظامية التي تتبع الدول الأفريقية!

وأتذكر واقعة شهيرة لجهاز استخباراتي تابع لحلف «الناتو» أراد أن يوجه عقابًا رومانيًا لفرنسا بسبب موقف فرنسا في شرق المتوسط، فيما يتعلق بالتنقيب عن الغاز، فوقع تنسيق بين الجهاز الاستخباراتي وحركة «الشباب» التابعة لتنظيم «داعش»، وهي حركة جديدة أعلنت عن نفسها تختلف عن حركة «شباب الصومال» التي تتبع تنظيم «القاعدة»، وبالفعل قامت حركة «الشباب» باستهداف أكبر مشروع للتنقيب عن الغاز في دولة موزمبيق بقيمة 20 مليار يورو، مناصفة بين شركة «توتال» الفرنسية، و«إكسون موبيل» الأمريكية، بالقرب من مدينة بالما شمال موزمبيق.

فالقارة الأفريقية بالنسبة للدول الكبرى بمثابة فتاة جميلة ذات قوام ممشوق تعيش بمفردها، لا تجد من يدافع ويقاتل من أجلها، لهذا نجد الرئيس الفرنسي يدافع عن مصالحها في صورة الرئيس النيجري المخلوع محمد بازوم، الذي كان ينفذ أجندة فرنسية واضحة العالم على من سلب ونهب على حساب الشعب النيجري، فما يحدث في النيجر والجابون هو التخلص من تبعات المستعمر الفرنسي الذي يفقر الشعوب الأفريقية تحت مظلة الديموقراطية والشعارات الناعمة التي تصدرها لنا الأمم المتحدة، وهي تنخر عظام الشعوب الأفريقية، ولا تحقق لهم أي آمال في عيشة كريمة. 

وحسبما نشرت جريدة «لوموند» الفرنسية في صدر صفحاتها الأولى (الثورة الفرنسية الكبرى بدأت في أفريقيا وباريس لم يعد لها وجود هناك) وقد فضح هذا العنوان عمق السياسة الاستعمارية وأكاذيب باريس في حملها وتبنيها شعلة الديمقراطية في العالم، لهذا نجد أن حجم الفقر والجوع والتخلف الذي عليه القارة الأفريقية لا يتناسب مع حجم ما تملكه من ثروات نفطية وغاز وذهب، مع كثرة العملاء الأفارقة الذين يعملون بنسب مع الدول الكبرى، وخير مثال محمد بازوم رجل فرنسا المخلوع في النيجر، وعلي بونجو رئيس الجابون المخلوع.

ولكن المؤلم أن يطالعنا رئيس الاتحاد الأفريقي مدافعًا عن فرنسا بالنسبة لموقفها تجاه الرئيس المخلوع! هل صار الاتحاد الأفريقي ينفذ أجندة فرنسية مغلفة بمحفظة ممتلئة باليوروات لحساب عملاء باريس على حساب الشعوب الأفريقية التي أنهكها الجوع والفقر والاتجار بالبشر؟ 

إن الشعوب الأفريقية لابد أن تتخلص من العملاء قبل أن تتخلص من المستعمر الذي ينهب ثرواتها، ومن المؤلم أن السياسة العالمية الآن سياسة أحادية الجانب من رعاة الديمقراطية في العالم، جميعهم يخوضون حرب نهب الثروات وابتزاز الشعوب باسم الديمقراطية.