الدكتور هشام الحمامي يكتب: غزة ..(لننتصرعلى هتلر) .!

ذات مصر

(لننتصر على هتلر) كتاب مهم كتبه أبراهام بورج سنة 2010م (والكاتب على فكرة هو نجل يوسف بورج أحد المؤسسين الأوائل للدولة الإسرائيلية والذى كان قائدا للحزب الوطني الديني المفدال و الوزيرفي حكومات إسرائيل المتعاقبة منذ العام 1951 وحتى 1988)  .. 
الكتاب صدر عن دار(مدار) المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية وترجمة الأستاذين: بلال ضاهر وسليم سلامة،  والحديث عنه يكتسب أهميته المتجددة، بكونه متصل دائما بجذور المسألة ونشأتها الأولى، والتي سيضطر أي متابع إلى العودة اليها والنظر فيها، واستخلاص معانيها في كل محطات الصراع العربى الإسرائيلي .. 
الكتاب ذكر كلاما جديرا باستدعائه وتذكره في هذه الأيام (أكتوبر 2023م) التي تفعل فيها إسرائيل بأهل غزة ما تريده، وما يحلو لها، في حالة استباحه وعربدة، لحرمة وقيمة الإنسانية والدم الإنساني ، بما لا يمكن تشبيهيه إلا (بالمحرقة) التي أشعلها هتلر لمعارضيه والذى كان منهم لأسف عدد من (اليهود)..  
يقول الكاتب: إن نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا، وجيلنا سيكون آخر جيل صهيوني .. وأن خيار القوة بالنسبة لإسرائيل كاختيار نهائي، كفيل بتدميرها.. 
ويضيف : سنتحول إلى قلعة تختنق بدروعها وتحصيناتها، المجتمع الإسرائيلي الآن يفترسه الذعر..   أرى مجتمعي يذوى أمام ناظري.. عندما ندع الجيش ينتصر، فإنه غير قادر على أن يعي أن القوة ليست هي الحل.. مجرد الحديث عن!! (محو!غزة) يدل على أننا لم نستوعب الدرس بعد .. 
وأضاف: إسرائيل تعاني صدمة نفسية مستديمة.. إننا نعيش بشعور أن كل العالم ينفر منا والتشدد يسيطر علي هويتنا.. إننا مجتمع يعيش على سيف,, 
إسرائيل دولة فاشية بلطجية ومستقوية  وإمبريالية وسطحية فاقدة لأصالة الروح ومنطوية على نفسها.. الدعوات المتتالية إلى قتل الفلسطينيين، وهدم منازلهم وترحيلهم ، وشرعنه سياسة الترحيل دليل على انتشار الفاشية لدينا. ..
!! لنتذكر أن كل هذا قيل كان من 13 سنة مضت .. ولم تكن الحال على ما هي عله الأن من تبدل التبدلات نفسها وتحول التحولات كلها .. !!
لكن أروع ما قاله فعلا أن غالبيه الإسرائيليين يسألون أبناءهم أين يتوقعون أن يعيشوا خلال ال25 عاما المقبلة؟ ويصدم الآباء حين يجيبهم الأبناء: بأنهم لا يعرفون ..
في حقيقة الأمرهم.. إباؤهم يعرفون ويعرفون جيدا، لكنها حيلة الإنكار التى يلجأ إليها الإنسان حين يخدع نفسه خداعا عميقا.
***
من أيام (26/10) الماضى صرح الرئيس التركى أن اليهود حين تضيق بهم الأمور لن يجدوا إلا تركيا مكانا لهم .. !! استدعاء التاريخ في بعض الأوقات له أهميته التي تزداد حين تتصل هذه الأهمية بأخص ما تظهره هذه الأوقات وتعلنه .. 
فالحديث الان يدور عن التهجير والطرد للفلسطينيين من غزة .. !  إذن فلنستدع تاريخ التهجير وتاريخ الطرد .. حين كنا وحين كنتم .. ! 
تقول الحكاية .. أنه قبل نهاية الحكم الإسلامي فى الأندلس والذي استمر 770 عاما قام (يهوديا ثريا) باقتراح ووساطة للزواج، الذى تم بالفعل بين الملك فرديناند (ملك أراجون) والملكة إيزابيلا (ملكة قشتالة) عام (1469 م) و كان هناك وقتها عدد كبير من اليهود فى بلاط المملكتين.
الحاصل ان هذا الزواج أسفر عن توحد المملكتين وإنهاء الحكم الإسلامي فى شبه جزيرة أيبيريا(اسبانيا والبرتغال) وتقول الحكاية أيضا أن جزءً كبيراً من تمويل هذه الحرب والتى سميت ب (حرب الاسترداد) كان على عاتق أثرياء. اليهود!! 
لكن الأهم هو أنه بعد سبعة شهور فقط من نهاية هذه الحرب، تم طرد اليهود نهائيا، مع من تبقى من المسلمين إلى شمال أفريقيا وذهب عدد كبير من اليهود إلى(تركيا) حيث شهرة السلطان العثمانى باحترام الملل والأديان غير الإسلامية.
ها هو اردوغان الخطير يذكرهم بما كان يجب عليه (ألا ينسوه ).. فحديث إسرائيل عن نفسها هو أساسا (حديث تاريخ ).. في كل يوم وكل وقت، لن تسمع منهم إلا تاريخ .. 
أبا يبان وزير خارجية إسرائيل (خريج كامبريدج والموسوعى الثقافة) فى اخطر فترات الصراع العربى الاسرائيل (1966-1974) قال لنا : أن اليهود عبر تاريخ الآلام والعذاب الطويل لهم ,,لم يعرفوا السلام والمساواة إلا فى فترتين: وقت الحكم الإسلامي فى الأندلس والآن فى أمريكا 
***
اليوم ونحن نرى بأم أعيننا وأبو أعيننا وكل عائلة أعيننا ، ما تفعله إسرائيل فى الفلسطينيين وعلى مدار عقود وراء عقود .. وقدر الاستهانة والاستخفاف والاستباحة لدماء الصغار والكبار وسط دعوات دولية مقززة بـ (حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها) .. 
سنتذكر دائما أن في كل هذه الأوقات لم تنجح إسرائيل في يوم ما ولن تنجح أبدا في كسر إرادة الشعب الفلسطيني وإرادة المقاومة، بل ازدادت قدرات الصمود، كما ارتفعت قدرة حماس والجهاد الإسلامي على المواجهة والاستعداد وخلق المفاجآت. وها هو 7 أكتوبر ..
***
إن معركة غزة مثل كل معارك القضية الفلسطينية من عشرينيات القرن الماضى ، تكشف بوضوح مأزق الأمة كلها ، وكأن غزة هي (حماس) كما يريد العدو ان يشيع!! .. غزة شعب متكامل الأركان، يمثل القضية الفلسطينية ورمزيتها  العربية والإسلامية واستمرارها. 
70% سكان غزة، هم من المناطق نفسها التى من  وقعت تحت سيطرة إسرائيل عام 1948م، والتي أدت إلى طردهم وتهجيرهم ومصادرة أملاكهم. 
لن ننسى أبدا أن مصر خسرت غزة في الهزيمة المستمرة ( 1967م) ، والتي  طالما اعتبرتها مصر بوابتها الشرقية لأمنها القومي، لن ننسى أبدا أن مصر خاضت خمس حروب متتالية ضد إسرائيل ، وذلك أيضا في ظل فهمها لأمنها القومي (حرب 1948 - 1956 - 1967 - حرب الاستنزاف 1969 - حرب 1973). 
لهذا، فترك إسرائيل تقصف وتدمر وتجوع وتحاصر وتهجر وتقتل على هذا النطاق، فيه اختراق لمصر وأمنها على الصعيد الاستراتيجي. 
الوقوف على الحياد، وعدم فتح معبر (رفح) بصورة دائمة وفورية، بخاصة أمام الجرحى والاحتياجات المباشرة للقطاع والإمداد المدني على الأقل، فيه تغييب خطير لما هو استراتيجي وقومي.. ليس فقط ما هو دينى وإنساني .. وفي هذا خطر كبير علينا جميعا.