أحمد عطا يكتب: إسرائيل وكيل أمريكا المؤجل والصراع على إدارة فلسطين

ذات مصر

في إطار ما تم الاتفاق عليه من هدنة بين الخماسي (أمريكا – إسرائيل- مصر – حماس – قطر) تبدأ مرحلة تحت اسم «كامب ديفيد جديدة» بهدف فك الاشتباك بين طرفي الحرب: إسرائيل ومنظمة «حماس»، وهنا قد وصلنا إلى مرحلة نقطة التعادل: الكل خاسر. 

ولكن يبدو أن هذا التقييم غير عادل؛ لأن طرفي الحرب كانا: إسرائيل التي أسرعت أمريكا لدعمها بكل أنواع الدعم ومعها حلفاؤها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ومنظمة «حماس» التي لا يمكن وضعها في مقارنة مع جيش الدفاع الإسرائيلي الذي فُتح له جسر جوي محمل بتوليفة متقدمة من القاذفات والصواريخ، ازدحم بها مطار بن جوريون. على الجانب الآخر تم استهداف غزة خلال 6 أسابيع بكمية من الصواريخ تعادل قنبلة نووية متوسطة المدى، ولولا أن التكتيك العسكري لحركة «حماس» يتحرك تحت الأرض لتمت إبادته بالكامل. 

وبالرغم من عدم التكافؤ في التسليح لصالح إسرائيل، فإنها لم تستطع تحقيق الهجوم البري ودخول غزة، من الفخاخ التي نصبتها له المقاومة الفلسطينية.

ولكن لا بد من أن نتوقف أمام حزمة من الكواليس، وصولاً إلى الهدنة التي تسعى أطراف دولية لخرقها واستمرار الحرب، نبدأ بأمريكا، وهي أكبر خاسر في حرب غزة، فقد راهنت على إسرائيل كوكيل لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، يحقق مصالح أمريكا بأقل التكاليف، معزز بآلة إعلامية ضخمة تسقط حكومات وتدفع بمظاهرات وتنشر الفوضى تحت أسماء مختلفة في الشارع العربي، لها مصادرها المختلفة في كل بلد عربي، ولكن بعد السابع من أكتوبر الماضي باتت مصالح أمريكا مهددة بشكل مباشر، بعد أن أصبح الوكيل الإسرائيلي يعجز عن حماية نفسه بعد غزوة «طوفان الأقصى»، حتى أن الجانب الخليجي الذي هلل للتطبيع مع إسرائيل صار في مأزق أشبه بخسارة «ترابيزة البوكر» ولا يعرف مصير هذا التطبيع مع حكومة نتنياهو التي باتت أقرب إلى الرحيل عن المشهد السياسي الإسرائيلي، وخصوصاً أن نتنياهو رسم صورة ذهنية للشارع الخليجي تحطمت في السابع من أكتوبر الماضي، لذلك أمريكا تحاول أن تحافظ على مصالحها في الشرق الأوسط من خلال المملكة العربية السعودية والإمارات على حساب دولة إسرائيل وكيل أمريكا في الشرق الأوسط منذ عام 1948 حتى السابع من أكتوبر الماضي. مصر عززت دورها الإقليمي في هذه الحرب من خلال الشريك التوافقي بالنسبة لإسرائيل والمقاومة الفلسطينية وأمريكا، من خلال المطالبة بوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية من خلال تحرك سياسي واضح مع الشركاء الإقليميين والدوليين، مع الحفاظ على حقوق شعب فلسطين برفض مخطط التهجير القائم على مشروع امتداد غزة على حساب سيناء، وهو مشروع قديم تبناه مفكر إسرائيلي اسمه يوسف حسي، أما الإمارات فهي التزمت على عهد التطبيع مع إسرائيل بجانب الدفع برجل الإمارات في حركة «فتح» ليكون بديلاً عن عجوز حركة «فتح» أبو مازن، وهو ما تم رفضه من قبل المقاومة متمثلة في منظمة «حماس» وجيش «الجهاد الإسلامي»، كما أن الإمارات لديها مشكلة الآن وهي تحسين صورتها وتعزيز مكانتها عربياً في ظل التطبيع الكامل بين الشارع الإماراتي وشعب إسرائيل الذي تراه يتصدر الطرقات في مدينة دبي، أما السعودية فهي تنسق مع مصر والأردن بشكل غير معلن، حفاظاً على مصالحها المستقبلية في المنطقة ومع دولة إسرائيل، وبتنسيق كامل مع الأمريكان الذين يعتبرون السعودية أهم حليف الآن في المنطقة العربية يتم التعويل عليه لدعم المصالح الأمريكية، فالسعودية تملك عصا الاقتصاد العربي، ويسعى لكسب ودها جميع الدول العربية. 

ولكن تبقى المشكلة الأهم والأخطر: هل ستقبل منظمة «حماس» أن ينزع سلاحها ويتم تفكيكه، وهو ما تسعى إليه إسرائيل، وتسريح المقاتلين من فصائل المقاومة الفلسطينية؟ أعتقد أن هذا ضرب من ضروب الخيال حتى لو استمرت الحرب عاماً كاملاً، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأنها مع نهاية عام 2024 سيكون هناك انتخابات رئاسية أمريكية، واستطلاعات الرأي تراهن على سقوط بايدن لفشل الديمقراطيين في ملفات إقليمية ودولية بجانب خسارتهم للحرب الروسية الأوكرانية. لهذا سنجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تراهن على الحليف السعودي القوي بديلاً مؤقتاً لإسرائيل حتى رحيل نتنياهو وحكومته، بعد أن صار عجوزاً على المستوى السياسي، ولا يمكن الاعتماد عليه في المرحلة القادمة، في ظل الإعلان عن حزمة من الهدن المتوالية في المرحلة القادمة، مع عدم إسقاط حق إيران كحق أصيل في المشهد السياسي داخل فلسطين، ويبقى الحل السحري هو أن تكون غزة تحت إشراف مصر أو إشراف عربي توافقي، كمراقب عليها، وتحجيم دور المقاومة عسكرياً مع بقائها.