"روح الروح".. كيف يحافظ أهل غزة على جَلَدهم أمام الموت؟

ذات مصر

"كلنا مشاريع شهداء" "روح الروح" عبارات استوقفت آلاف المتابعين حول العالم، وكانت لها عظيم الأثر في نفوسهم ومشاعرهم تجاه أصحابها، الذي يقاسون عدوانًا إسرائيليًا هو الأعنف على الإطلاق، حيث أظهر القصف الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر منذ 17 عامًا حالات إنسانية كثيرة ومؤثرة. 

وتظهر المقاطع التي انتشرت بتأثيرها الكبير، حجم الصدمة والمأساة التي يعيشها أهل غزة، لكنها في الوقت ذاته تظهر جانبًا آخر من التسليم والقبول بالقضاء، والصبر على فقدان الأهل والمال والولد، وكذلك الجلد في التعامل مع المحنة، والرضا بها.

"روح الروح"

"روح الروح" بهاتين الكلمتين اختصر الجد الغزي "خالد" ما يقال كثيرًا عن أحب الولد لأهله، فالمقولة السائرة التي تقول "أعز الولد ولد الولد"، حوّلها الجد الغزي إلى "روح الروح"، وسارت الكلمة وانتشرت وأصبحت رمزًا يختزل مشاعر الحزن والفقد والصبر، فرددها كثيرون على مواقع التواصل وعبر عنها فنانون برسومات تظهر الصلة الوثيقة بين الجد وحفيدته.

ظهر الجد الغزِّي خالد، وهو يحتضن حفيدته الصغيرة "ريم" التي أودى بها عدوان القصف الإسرائيلي، ويضمها إلى لحيته التي اشتعل فيها الشيب، وراح يقبل عينيها ويداعبها كأنها على قيد الحياة.

الرجل الذي فقد حفيدته هذه وشقيقها، قال إن "ريم" وشقيقها "طارق" البالغ من العمر 3 أعوام، سقطا شهيدين في قصف إسرائيلي على منزله. وعند النظرة الأخيرة على حفيديه، يمسح الجد وجنتيهما في حين تتلقى أمهما العلاج في المستشفى بسبب إصابتها في القصف.

"كلنا مشاريع شهداء"

حالة أخرى أيضًا، تظهر حجم القوة والصلابة والجَلَد التي أذهلت الكثيرين عند أهل غزة؛ إذ أظهر مقطع مصور رجل وهو يواسي بكلمات مؤثرة مكلومًا بفقدان ابن عمه يبكي، والناس في المكان تعلوهم سحابة حزن غمرت وجوههم، وإذ به يواسيهم ويصبرهم، طالبًا منهم عدم الحزن وعدم البكاء ويقول: "كلنا شهداء.. لا تبكي يا رجل.. كلنا شهداء".

الرجل الذي فقد ابنه البكر في قصف الاحتلال، وسجد لله شكرًا على استشهاد ولده الذي بلغ 23 سنة، في مشهد مؤثر يظهر عظيم الصبر عنده.

ومضى الرجل يطلب ممن حوله الصبر والقبول بالقضاء، والدعوة للشهداء والمفقودين، ويقول: "كلنا مشاريع شهداء.. هذه أرض جهاد.. هذه أرض رباط.. كلنا في سبيل الله".

"سلميلي على حبيب الأمة"

وداع مؤلم ومؤثر آخر، إذ أظهر مقطع مصور رجلًا وقد انتشل طفلته من تحت أنقاض بيته الذي قصف في عدوان إسرائيلي، حاملًا إياها على يديه يودعها للمرة الأخيرة، ويحدثها كأنها حية، يطلب منها أن ترسل سلامه إلى النبي صلى الله عليه، إذ يقول: "سلميلي على حبيب الأمة.. حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم..".

تظهر هذه الحالات وغيرها، عظيم الصبر والجلد والمحنة التي نزلت بأهل غزة، لكنها تنبهنا أيضًا إلى حجم تحمّلهم الهائل وبقاءهم على أرضهم رغم المعاناة والقصف الذي يقاسون مُرَّه ليل نهار، ليثبتوا بهذا تمسكهم بأرضهم وليضربوا الأكاذيب التي تروج عنهم أو عن موافقتهم على ترك الأرض.